< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/10/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 80 ) جواز تصرف الأب والجد وإن علا في مال الصغير في المعاملات– شروط المتعاقدين.

أما الرواية: - فتارة يكون الكلام بلحاظ الدلالة وأخرى بلحاظ السند: -

أما الدلالة: - فربما يقول قائل هي لم تقل للأب الولاية في التصرف في أموال الصبي، إنما قالت إنه بعد موت الأب أَذِن لشخصٍ في أن يتصرف في مال الصبي والربح يكون بينهما.

والجواب واضح: - فإنَّ إذن الأب في التصرف في أموال الصبي إذا كان نافذاً فهذا يدل بالالتزام على أنَّ نفس الأب لو كان حياً يتمكن من التصرف في أموال الصبي، وإذا إذا كان لا يجوز له التصرف كيف أنَّ الإذن يجوز؟!! فمشروعية الإذن يدل بالالتزام العرفي يدل على أن الأب له الحق في التصرف في أموال الصبي مادام الأب حياً، وهذه الدلالة عرفية.

ولا يناقش مناقش ويقول: - إنَّ هذا ممكن، فإن الأب يأذن حين الاحتضار لشخصٍ في التصرف ولكنه لو كان الأب حياً لا يجوز له التصرف في مال ولده الصبي.

ولكن نقول: - صحيح أنَّ الإمكان العقلي موجود ولكن عرفاً هناك دلالة التزامية عرفية وأولوية، فإنه لو جاز لي أن آذن لشخصٍ في التصرف في هذا الشيء فهذا معناه أنه بالأولية العرفية القطعية أن تصرفي أنا في ذلك الشيء جائز، وإلا كيف يجوز لي أن آذن لشخصٍ في التصرف والحال أني لا يجوز لي ذلك؟!!، نعم يبقى كلام آخر وهو أنه هل يعتبر المصلحة أو يكفي عدم المفسدة، ولكن هذا كلام آخر، أما الآن فكلامنا في اثبات أصل الولاية، والرواية تدل عليه بوضوح.

وأما السند: - فقد رواها الشيخ الكليني عن أحمد بن محمد، فمن هو أحد بن محمد؟

قد يقال: - إنه أحمد بن محمد بن عيسى.

والجواب:- إنه حينما نلاحظ الكافي نجد أنَّ الشيخ الكليني حينما يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي فإنه يروي بواسطة، فهو إما أن يروي عنه بواسطة محمد بن يحيى أو غيره.

وقد يخطر إلى الذهن: - إنه قال أحمد بن محمد وحذف الواسطة اعتماداً على ما سبق.

وجوابه:- إنَّ هذا ربما يحصل أحيانًا ولكن حينما تراجع فيما سبق لم تجد هذا الشيء، يعني أنَّ الشيخ الكليني لم يروِ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى حتى نقول إنه في السند الثاني حذف محمد بن يحيى اعتماداً على ما سبق، وهذا نعرفه عند مراجعة الرواية في الكافي[1] ، فما هو الحل؟

وإذا ذهبنا إلى الكافي وقمنا بعملية جردٍ - لو كان جزئياً - فقد نستفيد شيئاً، ففي روضة الكافي[2] قال:- ( أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي وهو العاصمي عن ..... )، فإذاً هو ابتدأ السند بأحمد بن محمد الكوفي العاصمي، فإذاً هذه قرينة على أنَّ أحمد هو أحمد بن محمد العاصمي، ويوجد مورد ثانً حيث قال في موضع آخر:- ( أحمد بن محمد العاصمي عن علي بن الحسن التيملي )[3] ، فهو ابتدأ السند هنا بأحمد بن محمد العاصمي، فإذاً هذا يصير قرينة على كون أحمد بن محمد هو العاصمي، ولو رجعنا إلى النجاشي وجدناه يقول عنه:- ( كان ثقة في الحديث سالماً خيراً أصله كوفي وسكن بغداد )[4] ، فإذاً أحمد بن محد ثقة.

وأما علي بن الحسن:- فهو مجمل، فلو غضضنا النظر عن القرائن الخارجية نقو يحتمل أنه علي بن الحسن بن فضال، ولكن هذا احتمال وهو لا ينفع بل لابد من حصول القناعة بكونه ابن فضّال، ولكن لو رجعنا إلى الكافي وجدناه يقول:- ( أحمد بن محمد العاصمي عن علي بن الحسن التيملي )[5] ، وعلي بن الحسن التيملي مجهول، لكن لو ذهبنا إلى ترجمة علي بن الحسن بن فضّال فهناك نرى ان علي بن الحسن تيملي بن فضال كفي وما شاكل ذلك، فإذاً علي بن الحسن هو علي بن الحسن التيملي بقرينة هذه الرواية الأخرى الموجودة في الكافي وإذا راجعنا ترجمة ابن فضّال هنا وجدنا أنه يقال هناك أن ابن فضال هو التيملي نفسه فالألفاظ مختلفة.

أما الحسن بن علي بن يونس [ يوسف ][6] :- فهو ابن بقّاح نفسه، فمرة يقال الحسن بن علي بن يونس، ومرة يقال الحسن بن علي بن بقّاح، فإنه لو رجعنا إلى ترجمة الحسن بن علي وجدنا أنَّ النجاشي قال في حقه:- ( الحسن بن علي بن بقّاح كوفي ثقة مشهور صحيح الحديث )[7] .

ومن قال إنَّ ابن يونس هو ابن بقّاح فإن الموجود في روايتنا هو ابن يونس وفي الترجمة التي ذكرها النجاشي قال الحسن بن علي بن بقّاح ولم يقل الحسن بن علي بن يونس بن بقّاح، فكيف نثبت أنَّ الحسن بن علي هو ابن بقّاح نفسه؟

نقول: - نذهب إلى ترجمة الحسن بن علي بن يقطين في رجال النجاشي فنجده يقول: - ( الحسن بن علي بن يقطين ..... له كتاب مسائل ابي الحسن موسى عليه السلام أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي ....... قال حدثنا الحسن بن علي بن يوسف بن بقّاح )[8] ، فإذاً يحصل الاطمئنان من خلال هذا بأنَّ الحسن بن علي بن يونس هو ابن بقّاح نفسه كما يصرح بذلك النجاشي.

وأما المثنى بن الوليد:- فهو ثقة، حيث قال الكشي:- ( قال أبو النظر محمد بن مسعود[9] قال علي بن الحسن[10] :- سلام والمثنى بن الوليد والمثنى بن عبد السلام كلهم حنّاطون كوفيون لا بأس بهم )[11] .

وأما محمد بن مسلم: - فلا مشكلة فيه.

إذاً السند بناءً على هذا لا مشكلة فيه، وكذلك الدلالة جيدة، فإذاً يمكن التمسك بهذه الرواية.

الرواية الثانية: - ما رواه الصدوق بإسناده عن محمد بن ابي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن خالد الطويل قال: - ( دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال:- يا بني اقبض مال اخوتك الصغار واعمل به وخذ نصف الربح وأعطهم النصف وليس عليك ضمان، فقدّمتني أم ولد أبي بعد وفاة أبي إلى أبن أبي ليلى فقالت:- إنَّ هذا يأكل أموال ولدي، قال:- فاقتصصت عليه ما أمرني به أبي، فقال:- إن كان أبوك أمرك بالباطل فأنا لم أجزه، ثم أشهد عليَّ ابن أبي ليلى إن أنا حرّكته فأنا له ضامن، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقصصت له قصتي ثم قلت له:- ما ترى؟ فقال:- أما قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع ردّه، وأما فيما بينك وبين الله عزّ وجل فليس عليك ضمان ).[12]

وهذه الرواية تدل على المطلوب من ناحيتين: -

الأولى: - أنَّ الامام عليه السلام قال ( فليس عليك ضمان )، وهذا يدل على أنَّ الوصية صحيحة ولا مشكلة فيها.

الثانية: - أنَّ الامام عليه السلام لم يعترض على وصية الأب ويقول إن الأب ليس له الحق حتى يوصي بذلك بل سكت وهذا إمضاء لوصية الأب فمعنى هذا أن لب له الحق في أن يتصرف في هذه الأموال في حياته ولذلك يتمكن أن يوصي، إذاً إمضاء الامام لتصرف الابن وسكوته عن وصية الأب إن دل على شيء فهذا يدل على أن الأب له الولاية في التصرف في أموال أولاده، فإذاً الدلالة واضحة.

ولكن يبقى السند: - فكله معتبر إلا خالد الطويل فإنه لا يوجد توثيق في حقه، فإذا أرت أن تتمسك بهذه الرواية فهي صالحة على مستوى المؤيد لا على مستوى الدليل.


[6] وفي الفقيه الموجود ( ابن يوسف ).
[7] رجال النجاشين النجاشي، ص40، رقم الترجمة82.
[8] رجال النجاشي، ص45، رقم الترجمة91.
[9] وهو العياشي.
[10] وهو ابن فضّال.
[11] رجال الكشي، الكشي، ج2، ص629، رقم التسلسل623.
[12] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج19، ص427، أبواب كتاب الوصايا، باب92، ح2، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo