< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الثالث ( خيار الشرط ) - الفصل الرابع ( الخيارات ).

وفي مقام الجواب نقول: - يوجد جوابان: -

الجواب الأول:- إنَّ الرواية قالت في ذيلها:- ( قال له أبو الجارود:- فإن ذلك الرجل قد أصاب في ذلك المال في ثلاث سنين ) يعني أنه عمل بالمال، وعلى المعنى الثاني يكون ثمن الدار بَعدُ موجود عند المشتري والدار بَعدُ باقية عند البائع والبائع يقول للمشتري لا أعطيك الدار حتى تأتيني بالثمن، فالثمن لم يصل إلى يد البائع حتى يشتغل به، فلا نتصور أنه اشتغل الطرف الثاني بالثمن، وإنما يتصور أنه اشتغل بالثمن ويأتي تساؤل أنَّ الأرباح لمن تكون فيما إذا فرض أنَّ البائع تسلّم الثمن فاشتغل به فحصلت منه أرباح فلمن تكون هذه الأرباح؟، فنعم هنا يكون هذا التساؤل وجيهاً، أما على المعنى الثاني لا يكون الثمن قد تسلّمه البائع وإنما البائع يقول للمشتري أنا لا أدفع الدار لك إلا أن تسلمني الثمن فكيف يتصوَّر أنه تصرَّف في الثمن وربح منه؟!!، وهذه قرينة واضحة في الرواية تدل على أنَّ الاحتمال الثاني للمعنى ضعيف.

الجواب الثاني: - أن يقال إنَّ المعنى الثاني واضح الجواز ولا يحتاج إلى سؤال من قبل الامام عليه السلام، ونفس هذا الوضوح يصير قرينة على كون المقصود هو المعنى الأول، فإنَّ المفروض في المعنى الثاني أنَّ البائع يقول للمشتري أنا لا أسلّم لك الدار حتى تسلّمني الثمن وهذا اضح الجواز والكل يعرفه ولا يحتاج إلى سؤال الامام عليه السلام، ومادام المعنى الثاني واضح الجواز فيبعد أن يجهل السائل حكمه حتى يسأل الامام عنه، وهذا يعيّن أن يكون المقصود هو المعنى الأول، يعني أنَّ الثمن دفعه المشتري للبائع والبائع سلّم الدار إلى المشتري ولكنه قال إني متى ما أرجعت الثمن فسوف أرجع الدار لك خلال ثلاث سنين والبائع استفاد بالعمل بهذا الثمن، وهذا هو الذي يحتاج إلى سؤال.

إذاً اتضح أنَّ دلالة الرواية على اشترط الخيار بردّ الثمن واضحة والمعنى الثاني موهون، وإذا ثبت أنَّ اشتراط الخيار بردّ الثمن صحيح فحيث لا نحتمل الخصوصية لهذا المورد فيثبت بذلك أنَّ اشتراط الخيار بشكلٍ مطلق يكون صحيحاً، فإذاً دلالة الرواية تامة.

أما سندها: - فهو: - ( الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن أبي بشر عن معاوية بن ميسرة قال سمعت أبا الجارود يسأل أبا عبد الله عليه السلام .... )، أما الحسن بن محمد بن سماعة فقد ذكره النجاشي وقال في حقه ما نصه:- ( الحسن بن محمد بن سماعة أبو محمد الكندي الصيرفي من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة )، والمفروض أنا نبني على كفاية الوثاقة في اعتبار الحديث ولا نشترط العدالة، أما طريق الشيخ الطوسي إلى الحسين بن محمد بن سماعة فإذا رجعنا إلى الفهرست نجد أنه ذكر طريقين إليه، ولكن كلا الطريقين محل تأمل، فالطريق الأول فيه تأمل من جهة أبي طالب الأنباري حيث لم يرد في حقه توثيق واضح، والطريق الثاني فيه علي بن محمد بن الزبير وهو أيضاً فيه قيل وقال، فإذاً السند المذكور في الفهرست لا يخلو من تأمل.

ولكن يمكن أن نستعين بقضية ثانية، وهي أن الشيخ الطوسي ذكر في مشيخة التهذيب والاستبصار طريق معتبر إلى ابن سماعة حيث قال:- ( وأخبرني أيضاً الشيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلهم عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري عن حُمَيد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة )، وأبو عبد الله فهو الشيخ المفيد، والحسين بن عبيد الله فهو ابن الغضائري الثقة وأحمد بن عبدون لا مشكلة فيه، أما البزوفري فقد قال عنه النجاشي ( شيخ جليل ثقة من أصحابنا )، وحُمَيد بن زياد معتبر أيضاً، فإذاً يوجد طريق معتبر للشيخ في المشيخة إلى سماعة، فمن هذه الناحية لا توجد مشكلة، أما أحمد بن أبي بشر فقد قال عنه النجاشي ( أحمد بن أبي بشر السرّاج كوفي ثقة في الحديث ) - وذكر أن ابن سماعة يروي عنه -، أما أبو الجارود فلا نحتاج إلى توثيقه لأنَّ معاوية بن ميسرة قال أنا سمعت أبا الجارود يسأل الامام عليه السلام، أما معاوية بن ميسرة فلم يوجد في حقه توثيق واضح، وعليه فسوف تكون الرواية محل تأمل من حيث السند من ناحية معاوية بن ميسرة.

اللهم إلا أن يقال إنَّ من يقرأ الرواية يرى أنها منضبطة الألفاظ فيحصل له الاطمئنان بصدورها، ولكن هذه طريقة وجدانية وليست علمية.

ولكن يمكن أن يقال: - إنَّ مجرد انضباط ألفاظ الرواية لا يكفي في حصول الاطمئنان بصدورها، نعم في بعض الأحيان تشتمل الرواية على مؤشرات لا يمكن للبشر العادي أن يهتدي إليها، ولكن تلك قضية ثانية، أما في هذه الرواية فلا يمكن أن نقول ذلك حتى نقول إنَّ معاوية بن ميسرة لم يكذب في جعل هذه الرواية حتى تكون معتبرة فإنَّ هذا أمر صعب.

فإذاً هذه الرواية تامة الدلالة إلا أنها قابلة للتأمل من حيث السند، فهي صالحة للتمسك بها على مستوى التأييد لا على مستوى الدليل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo