< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:الخيار الثالث ( خيار الشرط ) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وفي مقام التعليق على ما أفاده السيد الخوئي(قده) نقول:- هناك فرق بين أن تكون لدينا حجة واحدة وهذه الحجة الواحدة لها إطلاق وبين أن تكون لدينا حجتان، فإن كانت لدينا حجة واحدة ولها إطلاق كما في المثال الذي ذكره السيد الخوئي(قده) وهو مثال تحريم الخمر فإنَّ الاية الكريمة أمرت بالاجتناب عن الخمر وهي دليل واحد، وبإطلاقها تعمَّ جميع ألوان شرب الخمر وأشكاله، ويصدق بالتالي أنَّ الله عزَّ وجل حرمَّ شرب الخمر بهذا الشكل أو بذاك الشكل أو بذاك الشكل - أي بجميع الأشكال - باعتبار أنَّ الصادر منه حجة واحدة وهذه الحجة الوادة باطلاقها تشمل جميع أشكال شرب الخمر، وهذا بخلافه فيما إذا كان الثابت حجتين، ففي مثل هذه الحالة إحدى الحجتين تقيّد الحجة الأخرى كما هو الحال في محل كلامنا، حيث إنه قد فرض وجود حجة أولى وهي ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ وجاءت حجة ثانية وقالت ﴿ المؤمنون عند شروطهم ﴾ فهذه الحجة الثانية تقيد الحجة الأولى وتصير النتيجة هي وجوب الوفاء بالعقد على طبق الشرط، وهنا قد يأتي كلام السيد اليزدي(قده) من أنَّ القدر المتيقن هو وجوب الوفاء بذات الشرط وليس بإطلاقه، فيصير ﴿ أفوا بالعقود ﴾ مقيداً بذات الشرط وليس بإطلاقه، والسيد الخوئي نقض عليه بالمورد الأول - يعني فيما إذا كان الثابت هو حجة واحدة - ونحن نقول:- لا معنى للنقض عليه بمثل هذا المورد، فإنه في هذا المورد توجد حجة واحدة وتدل على حرمة الخمر من دون تقييدٍ بمقتضى الطلاق في الأحوال والأزمان والاشكال، بينما في المورد الثاني توجد حجتان والحجة الثانية تقيد الحجة الأولى فهنا قد تأتي شبهة السيد اليزدي(قده) من أنَّ التقييد يكون بمقدار ذات المقيِّد لا أنه يكون المقيِّد هو ذات القيد وبنحو الاطلاق، فإذا أراد السيد الخوئي(قده) أن ينقض على السيد اليزدي(قده) فلابد وأن ينقض لا بما يشبه المورد الأول، فالسيد الخوئي(قده) نقض على اليزدي في حالة ما إذا كان الصادر من المولى دليلاً واحداً وهنا لا إشكال في أنه إذا كان الصادر من المولى دليلاً واحداً فيلزم الأخذ باطلاقه، فحينما حرّم الخمر فهذا دليل واحد ولا يوجد دليل ثانٍ، فهو حرَّمه بمقتضى الاطلاق في كل الحالات والأزمان، ولا ينبغي أن ينقض السيد الخوئي(قده) بهذا المورد الذي يكون الصادر فيه من المولى دليلاً واحداً، بل لابد وأن ينقض عليه بما إذا كان الصادر دليلين.

وخلاصة ما نريد أن نسجله على السيد الخوئي(قده):- هو أنه إذا أردت أن تنقض على السيد اليزدي فانقض بحالة وجود دليلين الذي هو محل كلامنا ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ و﴿ المؤمنون عند شروطهم ﴾ الذي نثبت به أنَّ الخيار يثبت بالاشتراط، فيوجد دليلان فالدلليل الثاني يصير مقيداً للدليل الأول، فكلامنا هنا، فإذا أردنا أن ننقض على السيد اليزدي(قده) لابد أن يكون من هذا القبيل لا بما يكون فيه الدليل واحداً فإنه إذا كان واحداً تعيّن الأخذ بالاطلاق جزماً كما قال السيد لخوئي(قده)÷ وهذا ينبغي أن لا يكون مورداً للخلاف، كما في دليل تحريم تناول الخمر، فالنقض لابد وأن يكون مختصاً بحالة وجود دليلين من قبيل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ودليل ﴿ والمؤمنون عند شروطهم ﴾، فإنَّ الدليل الثاني مقيِّد للأول، فعليك أن تنقض بمثل هذا المورد لا أنك تنقض بدليل حرمة شرب الخمر فإنه دليل واحد واطلاقه يلزم التمسك به بلا إشكال لعدم وجود حجّةٍ ثانيةٍ حتى تكون مقيِّدةً للأولى ويقال إنَّ الحجة الثانية تقييدها يصير بمقدارٍ ضيّق، فهنا لا يأتي هذا الكلام مادام الصادر من المولى دليلاً واحداً.

والأنسب في مناقشة السيد اليزدي(قده) أن يقال:- إنه ذكر أنَّ المناسب فيما إذا كان لنا دليل مطلق مثل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ثم جاء دليل آخر مثل ﴿ المؤمنون عند شروطهم ﴾ فنقتصر في التقييد بمقدار القدر المتيقن والاطلاق لا نعمل به وإلا يلزم محاذير كثيرة - منها ما ذكرناه فيما سبق من بطلان مثل ما إذا قال شخص لآخر بعتك داري بشرط أن تدعو لي في كل جمعة فإنه يلزم أن يكون هذا الشرط باطلاً والمعاملة باطلة فإنَّ مقتضى اطلاق دليل استحباب الدعاء أنَّ الدعاء مستحب في كل موردٍ وهنا يلزم أن يكون واجباً، فيبطل الشرط - ونحن في مقام التعليق نقول:- إنَّ دعوى لزوم الاقتصار على القدر المتيقن وهو ذات الحكم فقط والمخالفة لذات الحكم هي الموجبة لبطلان العقد فلا نتمسك حينئذٍ بالاطلاق لا مثبت لها، بل مادام يوجد إطلاق في الدليل الثاني فنحن نتمسك بإطلاقه، نعم نقول شيئاً وهو أننا نتمسك بإطلاق دليل المقيِّد بالمقدار الذي لا يلزم منه محذور، فما لزم فيه محذور نرفع اليد عن إطلاق دليل المقيِّد فيه، لا أننا نرفع اليد عن اطلاق دليل المقيِّد بشكلٍ كلّيٍ ويصير المدار على مخالفة ذات الحكم دون مخالفة إطلاقه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo