< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 113 ) جواز اشتراط الخيار في أي مدة ولا يتقدَّر بمدة معينة - الخيار الثالث ( خيار الشرط ) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

الحكم الثاني:- يكفي في تعيين مدة الخيار بشكلٍ لا يلزم منه الغرر، فيقال مثلاً اشترط عليك الخيار بعد الانتهاء من اجراء العقد، أما النهاية فيصح اشارطها حتى ولو مادام العمر بقايا، كما لو قال له بعتك كذا بكذا على أن يكون لي الخيار - يعني من بعد العقد – إلى نهاية حياتي فهذا جائز أيضاً.

وهنا سؤالان:-

السؤال الأول:- لماذا يشترط تعيين المدة؟

السؤال الثاني: - لماذا يكفي التحديد ولو إلى نهاية الحياة والحال أنَّ نهاية الحياة ليست معلومة فقد تكون مائة سنة أو أقل أو أكثر، فهي أمرٌ مجهول فلماذا قال السيد الماتن بجواز بذلك؟

أما بالنسبة إلى السؤال الأول فجوابه واضح:- فإنَّه يشترط ضبط المدة من باب قوله عليه السلام:- ( نهى النبي عن بيع الضرر )، فلو لم تشترط المدَّة لزم أن يكون البيع غررياً، إذ لم تعيَّن المدة.

أما على مبنانا يصير الحكم هو الاحتياط الوجوبي، لأننا قلنا إنَّ سند ودلالة حديث ( نهى النبي عن بيع الغرر ) ليس بثابت، فلابد وأن تكون الأحكام المبتنية عليه على مستوى الاحتياط الوجوبي

وأما بالنسبة إلى السؤال الثاني فجوابه: - أما أنَّ البداية لابد من تعيينها فهذا على طبق حديث ( نهى النبي عن بيع الغرر )، فإذا لم نضبط البداية فسوف يحصل الغرر وهذا واضح، أما أنه يكفي في النهاية ولو مادام العمر فالجواب أنه يمكن توجيه ذلك بما يلي:- وهو أنَّ أحد الخيارات في الشريعة الاسلامية ما يصطلح عليه بخيار المجلس، وخيار المجلس بدايته تكون من حين إتمام العقد ويستمر مادام المجلس قائماً كما لو استمر لربع ساعة أو خمس دقائق أو كانا مصطحبين فهو باقٍ أيضاً أو بقيا في فترة طويلة كيوم أو يومين أو أكثر، فنهاية خيار المجلس ليست محدَّدة شرعاً، يعني مصداق نهاية خيار المجلس ليست محددة شرعاً، نعم على مستوى المفهوم الكلي هو محدد وهو أنه يستمر إلى حين الافتراق أما أنَّ الافتراق متى يتحقق فهذا غير محدد، فإذا اكتفى الشارع المقدس في نهاية الخيار بالتعيين الإجمالي وإن كان من حيث المصداق ليس بمحدد وكانت النهاية لا يضر تحديدها في خيار المجلس فلنقل بذلك في خيار الاشتراط، فأقول له بعتك هذا الشيء بشرط أن يكون لي الخيار مادام العمر، فإذا قبلت بذلك في خيار المجلس فاقبل به في خيار الاشتراط، ولذلك قال السيد الماتن:- ( نعم لابد من تحديد مبدئها وتقديرها بقدر معين ولو مادام العمر )، فمنشأ هذا القول هو ما أشرنا إليه، وهذه قضية وجدانية.

ثم إنه جاء في عبارة المتن ما نصه:- ( نعم لابد من تعيين مبدئها وتقديرها بقدر معين ولو مادام العمر فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة ولا جعله مدة عير محدد )، فهو قال:- ( فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة )، وهنا نعلق ونقول:- إنه قد يقصد بعدم ذكر المدَّة أنه أبديّ دائمي، فعدم ذكر المدة من قبل المتعاقدين يقصدون منه أنَّ خيار الاشتراط يكون دائمياً وإلى نهاية الحياة، ومرة يكون المقصود من هذه العبارة أنهما يقصدان مدَّةً ولكن تلك المدَّة لا يحددان مصداقها، فإن كان المقصود هو الأول فهذا يرجع إلى اشتراط بقاء الخيار مادام العمر وقد قلنا بأنه جائز، وإن كان المقصود هو الثاني كما لو قصدا يوماً أو يومين ولكنهما لم يذكرا ذلك في متن العقد فنعم فحينئذٍ هذا لا يجوز.

وقد خالف الشيخ النائيني(قده) في جعل خيار الاشتراط إلى مادام العمر وأشكل بإشكالين[1] :-

الاشكال الأول: - إنَّ التعليق على فترة مادام العمر هو تعليق على شيء مجهول، لأنَّ العمر لا يعلم أن أنه يستمر إلى متى فهل يستمر إلى سنة أو عشر سنوات فهذا تحديد مجهول وهو لا يجوز.

وجوابه قد اتضح من خلال ما ذكرناه: - فإنه بناءً على ما ذكرناه في خيار المجلس الذي تكون نهايته الانتهاء من المجلس ومصداق الانتهاء ليس بمحدد فإذا قبلنا في خيار المجلس بتحديد النهاية بهذا الشكل الذي هو تحديد على مستوى المفهوم وجهالة على مستوى المصداق فلتقبله في خيار الاشتراط أيضاً.

الاشكال الثاني: - إنَّ لازم اشتراط الخيار مادام العمر عدم الالتزام بمدلول العقد ومؤداه، لأنَّ مؤدى المعاقدة هي الالتزام بمضمونها ومؤداها، فإذا فرض أنَّ فترة الخيار هي مادامت الحياة فهذا معناه أني لست ملتزماً بمضمون العقد؟!!


[1] منية الطالب، ج3، ص73.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo