< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 115 ) الموارد التي يجوز فيها اشتراط الخيار من العقود والايقاعات - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

مسألة ( 115 ):- لا يجوز اشتراط الخيار في الايقاعات كالطلاق والعتق. ولا في العقود الجائزة كالوديعة والعارية، ويجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدى النكاح. وفي جواز اشتراطه ف الصدقة وفي الهبة اللازمة وفي الضمان إشكال وإن كان الأظهر عدم الجواز في الأخير والجواز في الثاني.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على أربعة أحكام:-

الحكم الأول:- لا يجوز اشتراط الخيار في باب الايقاعات.

الحكم الثاني:- العقود الجائزة بشكلٍ عام أيضاً لا يصح اشتراط الخيار فيها.

الحكم الثالث:- يصح اشتراط الخيار في في جميع العقود اللازمة عدى النكاح.

الحكم الرابع:- هناك كلام صحة اشتراط الخيار في عقود ثلاثة الصدقة والهبة اللازمة والضمان.

أما الحكم الأول:- فالمعروف بين الأصحاب عدم جواز الاشتراط، وقد مثل السيد الماتن بالطلاق والعتق، والأفضل أن يبدل مثال العتق بالابراء، لأنَّ العتق غير مبتلىً به في زماننا، وما هو اللمدرك في ذلك؟ من الواضح أنَّ مقتضى ( المؤمنون عند شروطهم ) الشمول حتى للإيقاعات، لأنَّ المفرض أنَّ المدرك المهم لصحة الخيار بالاشتراط هو حديث ( المؤمنون عند شروطهم )، ولذلك نتمسك بإطلاق ( المؤمنون عند شروطهم )، فإذاً بادئ ذي بدء يمكن التمسك بهذا العموم أو الاطلاق ويثبت صحة اشتراط الخيار في الايقاعات.

ولكن قد تذكر بعض الوجوه لمنع الصحة في باب الايقاعات:-

الوجه الأول:- ما ذكره صاحب الجواهر(قده) [1] والسيد العاملي(قده) في مفتاح الكرامة، [2] وحاصل ماذ كراه:- إنَّ قاعدة ( المؤمنون عند شروطهم ) لا يمكن التمسك بها، والوجه في ذلك هو أنَّ الشرط يتقوم بطرفين شارط ومشورط عليه والمفروض أنه في باب الايقاع لا يوجد طرفان وإنما يكفي الايجاب وحده، فعلى هذا الأساس مفهوم الشرط لا يمكن تحققه في باب الايقاعات ويختص تحققه بباب العقود، قال صاحب الجواهر:- ( والمفهوم من الشرط ما كان بين اثنين كما ينبه عليه الصحيح " من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله عزّ وجل فلا يجوز على الذي اشترط عليه " فلا يتأتى في الايقاع المتقوم باللواحد ).

وفي الجواب نقول:- إنه في كلا الموردين نحتاج إلى طرفين - أي في باب العقد وفي باب الايقاع -، والطرفان في باب العقد هما الموجب والقابل، بينما في باب الايقاع فنحتاج إلى شارط ومشروط عليه أيضاً وإلا فالشرط من دون شارط لا يتصوّر كما لا يتصور من دن مشروط عليه، فنحتاج إلى طرفين أيضاً في باب الايقاع، بيد أنَّ الطرفين هما الشارط والمشترط عليه بينما في باب العقد الطرفان هما الموجب والقابل، بيد أنه يوجد فارق بينهما، فلا تُشكِل بأنه يلزم أن يكون الايقاع من العقود لأنه يحتاج إلى طرفين شارط ومشروط عليه، كلا وإنما ليس كل من يحتاج إلى طرفين يكون من العقود، وتوضيح الفارق هو أنه في باب العقد يحتاج إلى موجب وقابل ومن دون قبول القابل لا عقد أصلاً، فالمقوّم للعقد هو قبول القابل ولذلك صار العقد متقوّماً بالايجاب وقبول القابل، وأما في باب الايقاع فيكفي تحقق الشارط والمشروط عليه ولو لم يقبل المشورط عليه بالايقاع، فمثلاً لو قال المولى لعبده أنت حرٌّ على أن تخذمني بعد هذا لفترة شهر، فهذا ليس عقداً لأنه لا يتقوّم بقول العبد وإنما قبل العبد أو لم يقبل فالعتق قد تحقق والشرط أيضاً تحقق لأنَّ المولى قد شرط ذلك، فالمولى هو الشارط والعبد مشروطٌ عليه، نعم لزوم الشرط موقوف على القبول لا أنَّ أصل عنوان الشرط والشارط والمشروط يتوقف على القبول، فالقبول يتوقف عليه لزوم الشرط لا أنَّ عنوان الشرط والاشراط يتوقف على قبول العبد، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها.

وهكذا لو قال الزوج لزوجته أنت طالق ولكن عليك أن تخدميني لفترة شهر بعد انتهاء العدة، ففي مثل هذه الحالة تحقق الطلاق ويوجد شارط ومشروط عليه، نعم لا يجب على الزوجة تطبيق ما شرطه الزوج إلا بالقبول، فالقبول شرط لزوم فعل الشرط لا أنه مقوّم لصدق الشرط، والأمثلة من هذا القبيل كثرة، وعلى هذا الأساس لا يرد ما ذكره صاحب الجواهر(قده).

الوجه الثاني:- ما أفاده السيد الخميني(قده) في بيعه،[3] وحاصله:- إنَّ العقد يتقوّم بإيجابٍ وقبول ومعه يكون تصور الشرط شيئاً ممكناً ولا محذور فيه، فيقول البائع للمشتري بعتك كذا بكذا على أن تقوم بكذا، فالشرط يقع بعد الايجاب وقبل القبول، وتوسّط الشرط بين الايجاب والقبول شيء وجيه وممكن، وأما في باب الايقاع فبمجرد الايجاب يتحقق الايقاع، كما لو قال المولى لعبده أنت حرٌّ فمبجرد أن قال المولى أنت حرَّ وقعت الحرّية، وبعد أن وقعت الحرية يكون الشرط واقعاً بعد تحقق الحرّية ولا مورد له حينئذٍ، لأنه صار حرّاً فلا معنى لأن نشترط عليه، وهذا بخلافهة في العقد فإنه يوجد أيجاب وقبول وبمجرد الايجاب لا تتحقق النتيجة كالملكية أو الاجارة أو الهبة أو ما شاكل ذلك وإنما يحتاج إلى قبول، فالشرط يمكن أن يقع بينهما، وهذا بخلافه في باب الايقاع فلا يصدق عليه أنه شرط، أو لا أقل يكون شرطاً مرفوضاً لأنه غير عقلائي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo