< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 115 ) الموارد التي يجوز فيها اشتراط الخيار من العقود والايقاعات - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وفي مقام التعليق نقول:- تارةً يفترض أنَّ المولى مثلاً يحرر عبده ويقول له أنت حرٌّ ويسكت وتمضي فترة من الزمن ثم بعد ذلك يقول عليك أيها العبد أن تزور الحسين عليه السلام عني أو غير ذلك من الشروط، ففي مثل هذه الحالة لا يتحقق الاشتراط، إذ الحرية أعني الايقاع قد تحقق ومضى وحصل فاصلٌ زمنيٌ بينه بين الاشتراط وفي مثل هذه الحالة ليس من المقبول عرفاً أن يشترط المولى بعد الفاصل الطويل، وأما إذا فرض أنَّ المولى قال لعبده أنت حرّ ثم قال بشكلٍ متصلٍ وعليك أن تزور الحسين عليه السلام لي ليلة الجمعة أو ما شاكل ذلكك مما يريد فإنَّ عدم صدق الاشتراط في مثل هذه الحالة أوّل الكلام مادام يوجد اتصال ما بين ما اشترطه وبين الايقاع ولم يكن هناك فاصل، فهنا الاشتراط يصدق عرفاً لا أنه يقال قد نتهى الايقاع وتحقق فالاشتراط لا تبقى له أرضية ومجال، فإذاً الاشتراط يمكن تحققه في صورة الاتصال.

الوجه الثالث:- ما ذكره الشيخ الأعظم(قده)[1] ، حيث قال إنَّ مفهوم الشرط والاشتراط لا يصدق في الايقاع أو هو منصرف عنه، قال ما نصه:- ( فالأولى استدلال عليه مضافاً إلى إمكان منع صدق الشرط أو انصرفه ). [2]

ولعل الوجه في قوله لا يصدق ما يخطر إلى الذهن، وهو أنَّ الايقاع متقوّم بطرفٍ واحد بينما الشرط متقوّم بشيئين بشارط ومشورط عليه، فإذاً توجد مباينة بين الموردين، فلا يصدق الشرط على باب الايقاع أو على الأقل هو منصرف عنه.

وفي التعليق نقول:- يمكن أن يقال في بعض الحالات وعلى مستوى الموجبة الجزئية بصدق الاشتراط في باب الايقاع، كما لو فرض أنَّ الزوجة طلبت من زوجها أن يطلقها فقال لها أنت طالق بشرط أن يكون لي الخيار بعد شهرٍ في العودة إليك أو في العقد الجديد، ففي مثل هذه الحالة يصدق الاشتراط لا أنه لا يصدق، فإنَّ القضايا لا ينبغي أخذها والبرهنة عليها بالمصطلحات، وإنما من المناسب للفقيه أن يحرّر نفسه من المصطلجات مهما أمكن ويفكر في واقع الحال، وهنا الشيخ الأعظم(قده) أخذ بالمصطلحات بحسب توضيحنا وتقريبنا، ولكن علينا أن نكون متحررين من المصطلحات وننظر إلى واقع الحال ونقول هل يمكن أن يصدق الشرط في الايقاعات أو لا، فنقول إنه يصدق أحياناً كما في المثال الذي ذكرناه، فالاشتراط حينئذٍ يمكن أن يصدق ويشمله عموم ( المؤمنون عند شروطهم ).

الوجه الرابع[3] :- أن يقال إنَّ اشتراط الخيار عبارة أخرى عن اشتراط العودة، أو بالأحرى عبارة أخرى عن اشتراط الفسخ، فلابد وأن يثبت في المرحلة الأولى أنَّ المورد قابل للفسح وبعد أن تثبت قابليته للفسخ يمكن التمسك باطلاق ( المؤمنون عند شروطهم ) ، وحيث لا نعلم أنَّ الايقاع قابل للفسخ وإنما القابل للفسخ هو العقد أما الايقاع فلم يثبت قابليته للفسخ ويكفينا الشك فمعه لا يمكن التمسك بعموم ( المؤمنون عند شرطهم ) لاثبات صحة مثل هذا الشرط.

إن قلت:- نتمسك باطلاق أو عموم ( المؤمنون عند شروطهم ) لاثبات صحة الشرط - أي شرط الرجوع والخيار - في باب الايقاع فإنه بإطلاقة يشمل مثل ذلك.

قلت:- بعد أن ثبت من الخارج أنَّ اشتراط الخيار لا يصح إلا في المورد القابل للفسخ إذ الرجوع هو الفسخ فلابد من قابلية المورد للفسخ ، وبعد أن ثبت هذا بالبداهة أو من الخارج فالتمسك بالعموم يكون تمسكاً بالعام في الشبهة المصداقية وهو لا يجوز.

وقد أشار الشيخ الأعظم(قده) إلى هذا الوجه بقوله:- ( فالأولى الاستدلال عليه ... بعدم مشروعية الفسخ في الايقاعات حتى تقبل الاشتراط التسلط على الفسخ فيها والرجوع في العدة ليس فسخاً... ومرجع هذا إلى أن مشروعية الفسخ لابد لها من دليل وقد وجد في العقود من جهة مشروعة الاقالة وثبوت خيار المجلس والحيوان ... بخلاف الايقاعات فإنه لم يعهد من الشارع تجويز نقض أثرها بعد وقوعها حتى يصح اشتراط ذلك فيها ).

وهذا الوجه وجيهٌ ولا بأس به.


[1] فإن الشيخ الأعظم(قده) ذكر وجهين يمكن استفادتهما من كلامه أولهما هذا الوجه الثالث والثاني ما يأتي بعده.
[3] ولعله أوجه الوجوه المتقدمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo