< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 115 ) الموارد التي يجوز فيها اشتراط الخيار من العقود والايقاعات - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

الوجه الرابع:- ما ذكره بعض الأعلام، وحاصله:- إنَّ حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) الذي هو المدرك لاشتراط الخيار جاء للتضييق على المشترط عليه الخيار وليس للتوسعة على من اشترط له الخيار، والذي اشترط له الخيار في محل كلامنا - الذي هو الايقاع - هو الموجِب، فمثلاً حينما يقول المولى لعبده أنت حرٌّ بشرط أن تخدمني شهراً فهو جاء للتضيق على من اشترط عليه الخدمة لا للتوسعة على المولى الذي اشترط لنفسه الخدمة، فعموم ( المؤمنون عن شروطهم ) جاء للتضييق على من اشترط عليه الشيء ولم يجئ للتوسعة على من اشترط له الشيء، وباتضاح هذا نقول:- إذا أردنا تطبقي حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) في باب الايقاع - الذي هو موردنا - بأن قال المولى لعبده أنت حرٌّ وعليك أن يخدمني لفترة شهرٍ أو الزوج يطلق زوجته فيقول زوجتي طالق بشرط أن تقوم بخدمتي لمدة سنة، ففي مثل هذا المورد الذي افترضنا أنه اشترط لنفسه الخيار - كالخدمة مثلاً - نقول هل يطبَّق حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) في حق الزوج الذي اشترط لنفسه الفائدة أو يطبق في حق الزوجة التي اشترط عليها الخدمة - أو الخيار -؟ فإن أريد تطبيقه على الزوج فيرد عليه ما ذكرنا من أنَّ حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) جاء للتضييق على المشترط عليه لا التوسعة على من اشترط لنفسه شيئاً، فلا يمكن تطبيقه في المشترط لنفسه، وأما المشترط عليه كالزوجة أو العبد فأيضاً لا يمكن تطبيقه عليه، لأنَّ المفروض أنَّ الطرف الآخر- مثل الزوجة والعبد - أجنبي عن الاشتراط، يعني حينما قال الزوج زوجتي طالق ولي عليها الخيار أو لي عليها اشتراط الخدمة لفترة شهر فهي لا تعلم بذلك فكيف يطبق الحديث عليها وهي لا تعلم بالاشتراط أبداً ؟!!، وهكذا في مثال المولى والعبد، أو حتى لو علمت الزوجة أو أنَّ العبد علم بذلك ولكن لم يصدر منه أي التزام فكيف نطبق الحديث عليه، فلا يمشله الحديث. هذا توضيح ما أفاده بعض الأعلام لاثبات أنَّ الحديث لا يشمل باب الايقاعات.

وقد يقول قائل:- إذا تم هذا الاشكال فيأتي أيضاً في العقود فلماذ نخصصه بالايقاعات؟

والجواب واضح:- وهو إنه في باب العقود المفروض أنَّ كل طرف يلتزم به، فأحدهما يقول بعت بشرط كذا الثاني يقول قبلت أي قبلت بهذا البيع بهذا الشرط، فهو ملتفت دائماً، فمادام القبول لازم في حقة ويعتبر تحققه منه فلا يأتي ما ذكرناه في باب الايقاع من أنه قد يكون غافلاً أو أنه وإن لم يكن غافلاً ولكن لم يصدر منه شيء، بخلافة في الايقاعات فإنَّ المرأة قد تكون ذاهبة إلى بيت أهلها فهي لا تعلم بالشرط الذي اشترطه الزوج عليها عند طلاقها، أو أنها تعلم به ولكن لم يصدر منها شيء أزاء ذلك.

وفي التعليق نقول:- إنَّ كلتا المقدمتين قابلتان للتأمل:-

أما المقدمة الأولى:- وهي أنَّ حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) جاء للتضييق على المشترط عليه لا للتوسعة على المشروط له فيمكن أن يقال:- بل هو جاء لكلا الأمرين معاً، يعني جاء لبيان أنَّ الشرط يلزم تنفيذه، وهذا فيه جنبة إيجابية في حق المشترط له وجنبة سلبية في حق المشترط عليه.

وأما المقدمة الثانية:- وهي أنه لو اشترط الزوج أو المولى وقال زوجتي طالق ولي عليها أن تخدمني لفترة كذا أو عبدي حرَّ بشرط كذا فقد قيل بأنَّ الزوجة لا تعلم بأصل الشرط أو لم تلتزم به حتى لو كانت عالمة فكيف يمكن تطبيق الحديث عليها؟!!، ونحن نقول:- إنَّ هذا صحيح أحياناً وليس دائماً، لأنه قد يفترض في بعض الأحيان أن تطلب الزوجة من زوجها أن يطلقها ولكن يشترط عليها أن تخدمه لمدة سنة مثلاً، وفي مثل هذا المورد يمكن تطبيق حديث ( المؤمنون عند شروطهم )، فبالتالي في المساحة الواسعة لا يمكن تطبيق الحديث بالنسبة إلى المشترط عليه، لا أنه لا يمكن تطبيقه أبداً كما ادُّعِيَ في هذا البيان.

وبذلك اتضحت الخلاصة:- وهي أنَّ المناسب هو أنَّ الايقاعات لا تقبل اشتراط خيار الفسخ، ولكن لا للوجوه المتقدّمة، وإنما للوجه الذي ذكره الشيخ الأعظم(قده).

الحكم الثاني:- لا يجوز اشتراط خيار الفسخ في العقود الجائزة.

والوجه في ذلك واضح، فإنَّ العقد إذا كان جائزاً كالهبة لغير ذي الرحم فلا معنى شتراط خيار الفسخ فإنه تحصيل للحاصل، لأنه يجوز له الفسخ من دون اشتراط الخيار، فيكون اشتراط الخيار لا ينفع شيئاً.

وقد يقول قائل:- افترض أنه لا ينفعنا شيئاً ولكن هل يمكن للشارع أن يمضي الخيار في العقود الجائزة؟

قلنا:- لا يمكن، لأنه تحصيلٌ حاصل وهو لغوٌ، والامضاء الذي يستلزم اللغو لا معنى لصدوره من الشرع المقدس، نعم نستثني من ذلك ما إذا فرض أنَّ العقد كان عقد هبةٍ وقد تغيرت العين، كما لو أهدى لشخصٍ غير ذي رحمٍ قطعة قماش فغيّر المهدى إليه العين بالتصرّف كما لو خاطها، فهنا سوف يزول الجواز في الهبة، فبلحاظ هذه الحالة إذا لم يجعل المهدِي الخيار فلا يجوز له الرجوع لأنها صارت هبة لازمة فلا خيار، وأما إذا جعل لنفسه الخيار فيجوز له الرجوع، فإذا تظهر الثمرة في هذا المورد، وهذا مطلب واضح لا يحتاج إلى تطويل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo