< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 115 )، مسألة ( 116 ) بيع الخيار - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأما الهبة اللازمة:- كالهبة لذي الرحم فهل يجوز فيها اشتراط الخيار بأن أدفع إلى أحد أرحامي كتاباً مثلاً ولكن اشترط عليه بأني متى ما احتجت إلى الكتاب فلي الحق في إرجاعه؟ المناسب الجواز، وذلك لأنَّ اللزوم في الهبة المذكورة هو لزوم حقي وليس لزوماً حكمياً، ومادام لزوماً حقياً فيجوز اشتراط الرجوع وإعمال الخيار فيه فإنَّ ذلك هو لازم كون اللزوم حقياً، نعم لو بني على كونه لزوماً حكماً شرعياً فلا يجوز اشتراط الرجوع، ولكن حيث إنه حقي فلا مشكلة في اشتراط الرجوع.

إن قلت:- كيف نثبت أنَّ اللزوم في المورد المذكور حقي وليس حكمياً؟

قلت:- ذلك باعتبار أنَّ الوجدان المتشرعي قاضٍ بذلك، فلو أهديتُ سيارة إلى أخي ثم بعد ذلك حصل على سيارة جيدة وجاء لي وقال أنا ارجع لك هذه السيارة التي أهديتها لي فهل يصح أن اتقبلها منه؟ إنَّ الوجدان قاضٍ بجواز تقبّلها، واحتمال أنه لا يجوز تقبلها ولا تعود إلى ملكي بالقبول بعيدٌ جداً وخلاف الوجدان العرفي والمتشرعي والعقلائي، فإذاً لزوم الهبة لزوم حقي وليس لزوماً حكمياً، معه فلا إشكال من هذه الناحية.

وإذا فرض أني أهديته السيارة ولكن بعد فترةٍ قصيرةٍ كيوم مثلاً ذهبت إليه وقلت له صحيح أني أهديتك السيارة ولكني احتجتها الآن فأريد أخذها فهنا لا يوجد احتمال بعدم جواز ارجاعها.

فإذا اتضح أنه يجوز الرجوع واشتراط الخيار في باب الهبة.

وأما الضمان:- فالمقصود من الضمان أنَّ شخصاً يستدين مالاً من شخصٍ آخر ولكن قال الدائن للمدين أنا لا أدفع لك المال إلا أن تأتني بضامنٍ حتى إذا لم أتمكن من الرجوع إليك رجعت عليه، فالضمان قضية شرعية، نعم يوجد كلام في أنَّ الضمان ما هو حقيقته فهل هو نقل ذمةٍ إلى ذمة، يعني حينما أقول أنا أضمن فالذمَّة التي تنشغل بالدين هي ذمتي أنا الضامن وقد انتقل الضمان من ذمَّة المدين إلى ذمتي، فهو نقلُ ذمةٍ إلى ذمة، في مقابل رأي العامة حيث يقولون هو بأنه ضمُّ ذمةٍ إلى ذمة - يعني يحصل انشغالان -، وعلى أي حال فهو نقلُ ذمةٍ إلى ذمة، وعلى هذا الأساس نقول إذا أردت أن أضمن فهل يجوز لي أن اشترط الخيار وأقول أنا أضمن دين فلان - أي ينتقل الذين من ذمَّة المدين إلى ذمتي - ولي الخيار في الفسخ، أي أفسخ هذا الضمان؟

والجواب:- إنه بعدما انتقل ما في الذمة من ذمة المدين إلى ذمتي أو للشغل ورجوع الشغل إلى ذمَّة المدين وفراغ ذمتي أنا الضامن فاشترط الخيار بعود شغل الذمَّة إلى المدين بدلاً من الضامن هو شيء ممكن ولكنه يحتاج إلى دليل، وحيث لا دليل على ذلك فاشتراط الضمان في باب الخيار يكون محل إشكال.

ولكن السيد الماتن قال في عبارته:- ( وفي جواز اشتراطه في الصدقة وفي الهبة اللازمة وفي الضمان اشكال وإن كان الأظهر عدم الجواز في الأخير والجواز في الثاني ) وسكت عن الأول - وهو الصدقة - وكان من المناسب أن يذكر حكمها لا أن يسكت عنه، ونحن قلنا لا يجوز اشتراط الخيار فيها، فالسكوت وعدم التعرض لحكمها شيء غيرُ مناسبٍ، بل لابد من التعرّض له سلباً أو أيجاباً.

 

مسألة ( 116 ):- يجوز اشتراط اخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد أو منفصلة عنه على نحوٍ يكون له الخيار في حال ردّ الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه ويسمى ببيع الخيار، فإذا مضت مدّة الخيار لزم البيع وسقط الخياروامتنع الفسخ، وإذا فسخ في المدّة من دون ردّ الثمن أو بدلة مع تلفه لا يصح الفسخ. وكذا لو فسخ قبل المدّة فلا يصح الفسخ إلا في المدّة المعينة في حال ردّ الثمن أو رد بدله مع تلفه، ثم إن الفسخ إما أن يكون بغنشاء مستقل في حال الرد مثل فسحت ونحوه أو يكون بنفس الردّ على أن يكون إنشاء الفسخ بالرد لا بقوله فسخت ونحوه.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة إلى عدّة أحكام، وقبل بيان هذه الأحكام نشير إلى أمور:-

الأول:- إنَّ بيع الخيار هو مصداقٌ من مصاديق خيار الشرط لا أنه خيارٌ مستقل في مقابله، وهذا من الواضحات، ولذلك يذكر الفقهاء عنوان الشرط ثم بعد ذلك يبحثون عن هذا الفرد.

الثاني:- إنَّ الهدف من بيع الخيار هو اشباع حاجة البائع وحاجة المشتري معاً، فإنَّ البائع محتاج إلى المال، والمشتري محتاج إلى دارٍ لأجل السكن مثلاً، فإذا تبايعا بهذا البيع حصل كلّ منهما على ما يريده.

الثالث:- إنَّ هذا الحكم من مختصّات الامامية ولا يوجد في الفقه الآخر، قال في التذكرة:- ( بيع الخيار جائز عندنا ... أما الجمهور فإنه لا يصح إلا عند من جوّز شرط الخيار ) ، [1] أما في الفقه على المذاهب الأربعة فقال:- ( هو عبارة عن كون العاقد يبيع السلعة أو يشتريها بشرط أن يكون له الخيار في إمضاء العقد وفسخه، فمعنى قولههم خيار الشرط:- الخيار الثابت بالشرط )[2] ، ثم ذكر بعد ذلك تحت عنوان ( مدَّة خيار الشرط ) ما نصه:- ( إن الفترة التي يجوز اشتراط الخيار فيها بالاتفاق هي ثلاثة أيام فما دونها )، وجاء في الجواهر:- ( إنَّ خيار الشرط بين علماء المذهب لا يتقد بمدةٍ مخصوصة خلافاً للشافعي وابي حنيفة فلم يجوزا اشتراط أزيد من ثلاثة ). [3]

إذاً اتضح أنَّ بيع الخيار بهذا الشكل المتدال في المدرسة الإمامية هو مرفوض في المدرسة الأخرى.


[2] الفقه على المذاهب الربعة، عبد الرحمن الجزيري، ج2، ص158.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo