< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 116 ) بيع الخيار - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

ويمكن الاستدلال على صحة بيع الخيار بثلاثة وجوه:-

الوجه الأول:- الروايات.

وفي هذا المجال نذكر ثلاثة روايات، ورايتان منها قد تقدمتا في بداية مبحث خيار الشرط:-

الرواية الأولى:- صحيحة سعيد بن يسار، وقد رواها المحمدون الثلاثة، ونحن ننقل الآن ما رواه الشيخ الكليني فإنه روى عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن علي بن النعمان عن سعيد بن يسار قال:- ( قلت لأبي عبد الله:- إنا نخالط أناساً من أهل السواد وغيرهم فنبيعهم ونربح عليهم للعشرة اثني عشر، والعشرة ثلاثة عشر ونؤخر فيما بيننا وبين السنة ونحوها ويكتب لنا الرجل على داره أو على أرضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي أخذ منّا شراءاً:- قد باع وقبض الثمن[1] منه فَنَعِدُهُ إن هو جاء بالمال إلى وقتٍ بيننا وبينه أن نردَّ عليه الشراء، فإن جاء الوقت ولم يأتنا بالدراهم فهو[2] لنا، فما ترى في الشراء؟ فقال:- أرى أنه لك إن لم يفعل وإن جاء بالمال للوقت فردَّ عليه ) [3]

الكلام تارة يقع في سندها وأخرى في دلالتها:-

أما السند:- فهو معتبر، فإنَّ أبا علي الأشعري الذي ينقل عنه الكليني هو أحمد بن إدريس، والشيخ الكليني قد روى عنه في الكافي كثيراً،وتارةً ينقل عنه بلسان أبي علي الأشعري وتارةً ينقل عنه بلسان محمد بن إدريس، وهو من أجلة أصحابنا، أما بقية السند فجميعهم من أجلة أصحابنا.

وأما دلالتها:- فالمضمون الاجمالي لها واضح وهو إنَّ السائل يسأل الامام عليه السلام ويقول له نحن نخالط أهل السواد أو غيرهم ونبيعهم الحاجة التي ثمنها عشرة بثلاثة عشر ونربح عليهم ولا يوجد عندهم مال حتى يتدفعوا الثمن لنا فنؤجلهم إلى فترة سنة مثلاً ويكتبون أنَّ عملية البيع قد تمت بهذا الشكل كما يكتب الرجل الذي اشترى هذه الأشياء منا ولم يدفع ثمنها الآن ورقةً على داره الفلانية مثلاً فيقول للبائع إني أبيعك داري الفلانية بمقدار ما تطلبني من المال وإذا جئتك بالمال الذي تطلبني به ترجع لي الدار، وهذا هو روح بيع الخيار.

فإذاً دلالتها واضحة، ولكن يلزم أن نفترض شيئاً هنا وهو أنه لم يذكر في الرواية أنه اشترط تأخير الثمن إلى سنة مثلاً، فكيف تكون دالة على صحة بيع الخيار؟

والجواب:- إنَّ الوارد في الرواية تعبير ( فَنَعِدُهُ ) يعني أن نجعل شرط بيننا وهو أنه متى ما جاء المشتري بالثمن على رأس الموعد رجعت الدار له، فبقرينة هذا الحوار تكون كلمة ( فَنعِدُهُ ) بمعنى الاشتراط، فتمامية دلالة الرواية يتوقف على إثبات كون المقصود من كلمة ( فنعده ) عبارة عن الاشتراط، ونحن حملنا كلمة ( فَنعِدُهُ ) على الاشتراط فإنَّ ذلك هو المفهوم من الرواية.

بيد أن صاحب الجواهر(قده) استفاد أنَّ المقصود هو الاشتراط:- يعني هناك اشتراط لا أنه فسّر كلمة ( نعده ) بمعنى الاشتراط وإلا صار نفس ما ذكرناه وإنما بقطع النظر عن ذلك، فهو ذكر شيئاً آخر حيث قال توجد قرينة على كون الرواية ناظرة إلى الاشتراط وهي الأمر بالعمل، فالامام عليه السلام أمر بالعمل على طبق المقررات التي صارت بينهم، والأمر بالعمل ذكر في آخر الرواية حيث قال عليه السلام:- ( أرى أنه لك إن لم يقعل وإن جاء بالمال للوقت فردَّ عليه )، يعني رُدَّ عليه داره وهذا يدل على تحقق الاشتراط وأنه ليس هناك وعدٌ فقط من دون اشتراطٍ فإنَّ الوعد لا يجب الوفاء به، بينما الرواية أوجبت الوفاء به وهذا يدل على أنَّ الذي حصل هو اشتراط وإلا لم يأمر الامام عليه السلام بالعمل على طبق ما هو المرسوم والمقرر بينهما، قال:- ( ولا يقدح لفظ الوعد في سؤال الأول بعد أن كان الجواب " أراى أنه لك إن لم يفعل " أي يرد الثمن " وإن جاء بالمال للوقت فردَّ عليه " )[4] ، فهنا أوجب الامام عليه السلام العمل، وإيجاب العمل يدل على حصول الاشتراط وإلا فالوعد لا يجب العمل به.


[1] أي ثمن الدار.
[2] أي تصير الدار لنا.
[4] جواهر الكلام، الجواهري النجفي، ج23، ص36.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo