< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 116 ) بيع الخيار - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

يرده:-

أولاً:- يرده ما أشرنا إليه وهو أنَّ من يقرأ الروياة يفهم من تعبير ( فنعده ) يعني الشرط والمشارطة، فنحن عرفاً نعبّر هكذا ونقول نحن تواعدنا على الشيء الفلاني، كما لو قلت لك بع دارك لي وأنا سأبيع داري لك، فنحن تواعدنا على ذلك ومعناها المشارطة، فالمفهوم عرفاً من كلمة ( فنعده ) المشارطة ولا نحتاج إلى بذل عناية في هذا المجال.

ثانياً:- إنه صرح بأنَّ الوعد لا يجب الوفاء به فلابد هنا أن لا يقصد الوعد وإنما تقصد المشارطة بقرينة ذيل الرواية الذي قال:- ( وإن جاء بالثمن فردّ عليه ) أي ردَّ عليه الدار، ونحن نقول:- إنَّ دعوى أنَّ الوعد لا يجب الوفاء به وإن كانت متداولة على بعض الألسن إلا أنه لا يمكن قبولها على إطلاقها، نعم هي مقبولة على مستوى الموجبة الجزئية، كما لو وعدت شخصاً بأن أدعوه للطعام فهذا وعدٌ فإذا لم أدعه فلا مشكلة في البين، وهنا نقول لا يجب الوفاء بهذا الوعد وإن كان الأفضل الوفاء به، فمثل هذا المورد يمكن الالتزام بعدم وجوب الوفاء فيه بالوعد، أما إذا وعدتك بشيءٍ وأنت رتّبت الآثار على هذا الوعد كما لو قلت لك بع دارك لي وأنا سوف أبيع داري لك أو أهديها لك فباع الأوّل داره فهل تلتزم بعدم لزوم الوفاء له بما قاله الثاني؟! إنَّ هذا غير مقبول.

فإذاً لابد من التفصيل في مسألة الوعد، فإذا فرض أنَّ الوعد لا تترتب عليه بعض النتائج السلبية فيمكن أن يقال إنَّ هذا النوع من الوعد لا يجب الوفاء به، أما إذا فرض أنَّ بعض الآثار السلبية تترتب عليه فيمكن أن يقال يجب الوفاء به، وفي موردنا المفروض أنه تترتتب عليه الآثار لأنه صارت مواعدة بينهما بأن يقول المشتري للبائع بعني دارك الآن وسوف أرجعها لك إذا أرجعت لك الثمن بعد سنة مثلاً فهنا يجب الفواء بالوعد.

فإذاً دعوى كون الوعد على اطلاقه لا يجب الوفاء به هي دعوى مرفوضة.

ثالثاً:- إنه قال إنَّ جملة ( فنعده ) نحملها على المشارطة بقرينة الأمر بالعمل حيث ورد في الرواية ( فأن جاء بالمال في الوقت فَـرُدَّ ) أي إذا جاءك بالثمن ردَّ عليه الدار التي باعها لك، فهو استفاد من كلمة الردّ لاثبات أنَّ كلمة ( فنعده ) يراد بها الإلزام دون الوعد المجرَّد، ونحن نقول:- لماذا لا تعكس القضية، يعني نقول إنه بقرينة كون الوعد لا يلزم الوفاء به - على رأيه - نحمل الجملة الأخيرة من الرواية على الاستحباب بقرينة الوعد فإنَّ الوفاء بالوعد استحبابي، وهذا الاحتمال وجيه، وعليه سوف لا تنتفع من الرواية المذكورة.

فإذاً الأرجح هو ما أشرنا إليه من أنَّ كلمة ( فَنَعِدُهُ ) ظاهرة في الاشتراط وهي أيضاً تأتي في استعمالاتنا المتعارفة بهذا المعنى فنقول توعدنا على كذا بمعنى اتفقنا واشترطنا فيما بيننا هذا الشيء، وإلا يلزم إغراء المؤمن أو التدليس عليه.

وبهذا اتضح أنه يمكن تتميم دلالة هذه الرواية على المطلوب هو أنَّ البيع بشرط الخيار صحيح.

الرواية الثانية[1] :- ما رواه محمد الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن أسحاق بن عمّار قال:- ( حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام وسأله رجل وأنا عنده فقال:- رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فجاء إلى أخيه فقال أبيعك داري هذه وتكون لك أحبّ إليَّ من أن تكون لغيرك على أن تشترط لي إن أنا جئتك بثمنها إلى سنةٍ أن تَــرُدَّ عليَّ، فقال:- لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردّها عليه ). [2]

ودلالتها واضحة على بيع الخيار ولا غبار عليها والامام عليه السلام أمضاه، ولكن موردها خاص ببيع الدار، فلابد وأن نلغي الخصوصية من هذه الناحية حتى يثبت التعميم، ولا يبعد عرفاً كون الخصوصية ملغاة.

الرواية الثالثة:- الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن أبي بشر عن معاوية بن ميسرة قال:- ( سمعت أبا الجارود يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجلٍ باع دراً له من رجلٍ وكان بينه وبين الرجل الذي اشترى منه الدار حاصر، فشرط أنك إن أتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك فأتاه بماله، قال:- له شرطه )[3] .

ودلالتها على صحة بيع الخيار واضحة، وأما سندها فقد تقدَّم الكلام فيه.


[1] أما الروايتان اللتان تقدمتا في بداية خيار الشرط حيث قيل هناك يجب الوفاء بكل شرط يشترط في العقد، وقد استدللنا على ذلك بروايتين مضافاً إلى قاعدة ( المؤمنون عند شروطهم ).، وهاتان هما الروايتان، كما قلنا هناك إنَّ الرواية الثالثة ستأتي أيضاً وهذا هو موردها أيضاً وقد ذكرناها بعنوان الرواية الأولى

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo