< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 116 ) بيع الخيار - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأبرز صاحب الجواهر إشكالاً على التمسك بعموم حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) حيث قال:- إنَّ عموم ( المؤمنون عند شروطهم ) لا يشمل شرطنا في مسألة بيع الخيار وذلك من جهة محذور التعليق، فإنَّ التعليق باطل في نفس العقد أو في متعلّقات العقد كالشرط، فكما أنَّ أصل العقد لا يجوز فيه التعليق كذلك الشرط لا يجوز فيه التعليق، فمثلاً تقول بعتك كذا بكذا إن جاء زيد من السفر أو إن طلعت الشمس، فهذا تعليق في المعاملة وهو لا يجوز، وأخرى يكون التعليق في الشرط كما هو الحال في مقامنا، فإنَّ التعليق هو في الشرط وليس في المعاملة، فأنا أقول له بعتك داري بكذا مقدار من المال ولكن أشترط عليه شيئاً والشرط فيه تعليق، والشرط هو ( وإن أتيتك بالثمن بعد سنة فالدار ترجع لي يعني لي الخيار)، وهذا تعليقٌ في الشرط والتعليق مبطلٌ للمعاملة، قال:- ( واعلم أنَّ جميع ما ذكرناه في خيار المؤامرة[1] والخيار بردّ الثمن جرياً على ما ذكره الأصحاب ... لكن قد يشكل ذلك بأنهما معاً من التعليق الممنوع في البيع ونحوه من غير فرق فيه بين كونه في نفس العقد وبين كونه في متعلق العقد كالشرط ونحوه )[2] .

وتوجد قضيتان:-

القضية الأولى:- كيف نجيب على ما أفاده؟

القضية الثانية:- لماذا خصَّص صاحب الجواهر(قده) هذا الاشكال بهذا الدليل ولم يذكره في الدليل الأول الذي هو عبارة عن الروايات الخاصة كرواية سعيد بن يسار؟

أما بالنسبة إلى القضية الأولى فنقول:- إنَّ المدرك لعدم جواز التعليق هو الاجماع المدّعى في المسألة لا غير، والقدر المتيقن منه ما كان التعليق في أصل العقد دون ما كان في توابعه.

وأما القضية الثانية فنقول:- أما بالنسبة إلى الروايات الخاصة كرواية سعيد بن يسار وغيرها فتلك موردها هو التعليق فلا معنى لأنَّ يستشكل فيها بعد وجود الرواية في ذلك والامام عليه السلام صحّح المعاملة، فلذلك لم يذكر صاحب الجوارهر(قده) هذا الاشكال على تلك الروايات، وإنما ذكره في مورد التسمك بعموم ( المؤمنون عند شروطهم )، والعموم إنما يصح التسمك به إذا لم يكن هناك مانع يمنع من التمسك به، وهنا المانع موجود وهو محذور التعليق، إلا اللهم أن يجب أحد ويقول إنَّ حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) فيه إطلاق، يعني أنَّ المؤمنون عند شروطهم حتى لو كان هناك تعليق أو لم يكن هناك تعليق، ولكن نقول:- إنَّ القول بأنَّ الحديث فيه هذه السعة خلاف الانصاف.

وعلى أي حال الاشكال يختص بقاعدة ( المؤمنون عند شروطهم )، لأنَّ الحديث ناظر إلى الإلزام بالشرط بعد فرض كون الشرط في نفسه صحيحاً وتاماً ولم يجئ لامضاء غير المشروع وإنما جاء لامضاء ما هو المشروع، وهذا التعليق في الشروط يشك في شرعيته على الأقل، وحينئذٍ يشك في شمول العموم له، فالتسمك بالعموم يكون محل إشكال. هذا بقطع النظر عن الجواب الذي بيّناه، لأننا أجبنا وقلنا لا يوجد محذور لأنَّ الاجماع على بطلان التعليق هو في باب العقد دون توابعه.

الدليل الثالث:- وهو أنَّ نقول:- هناك خصوصيات في هذه المسألة، ولو نظرنا نظرة جمعية إلى كل هذه الخصوصيات فربما يحصل الاطمئنان للفقيه بالنتيجة، والأمور التي نأخذها بعين الاعتبار هي:-

الأول:- إنَّ مسألة جواز بيع الخيار محل اتفاق بين فقهاء الامامية ولم يعرف نسبة الخلاف إلى بعض.

الثاني:- عدم وجود رأي في المدرسة المقابلة يذهب إلى الجواز في المسألة بعرضها العريض بحيث تكون إلى سنة أو سنتين، بل غاية ما عندهم على ما نقل الجزيري هو إلى ثلاثة أيام.

وذكرنا لهذا الأمر ينفعنا باعتبار أنه ينفي أنَّ المدرسة الامامية قد أخذت هذا الرأي من المدرسة المقابلة نتيجة الاختلاط بينهما.

الثالث:- وجود روايات ثلاث في المسألة.

فهذا المجموع الثلاثي من هذه الأمور قد يحصل من خلاله الاطمئنان للفقيه بالحكم.

وقبل أن ننهي هذه المسألة نشير إلى الأحكام التي وردت فيها:-

الحكم الأول:- قال السيد الماتن:- ( يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدّة معينة )، والسؤال:- لماذا يشترط أن تكون المدّة معينة ومضبوطة كأسبوع؟

وفي الجواب نقول:- قد أشرنا إلى ذلك في مسألة ( 113)، وحاصله:- إنَّ المدرك في ذلك هو حديث نفي الغرر، فإنَّ الفترة إذا كانت نهايتها غير منضبطة سوف يحصل الغرر، ولكن علقنا وقلنا:- إنَّ هذا الحديث لم يثبت سنداً كما لم يثبت دلالة، فإنَّ الغرر يأتي بمعنى الخديعة أيضاً، ولعل المقصود منه في هذا الحديث هو هذا المعنى، يعني نهى النبي عن البيع الذي يخدع فيه أحد المتبايعين الثاني، وهذا لا ينفع في موردنا، لأنه في موردنا لا توجد خديعة وإنما يوجد عدم تعيّن المدّة، وهذا غررٌ بمعنى الجهالة وعدم تعيّن الشيء، بينما يحتمل أن يكون مقصود النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغرر في الحديث الخديعة، فلذلك لا يمكن التمسك بهذا الحديث إلا على مستوى الاحتياط الوجوبي.


[1] المقصود بالمؤامرة استشارة شخص كالوالد مثلاً.
[2] جواهر الكلام، الجواهري النجفي، ج23، 40- 41.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo