< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 119 ) - الخيار الثالث (خيار الشرط) حكم تعذر تمكين المشتري من الثمن إذا كان ذلك عن قصورٍ فيه – الفصل الرابع ( الخيارات ).

مسألة ( 120 ):- إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبةٍ أو جنون أو نحوهما مما يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه ولو مكن الحاكم الشرعي أو وكيله فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح، حيث كان كلامنا في بيع الخيار وقد اشترط البائع على المشتري أنَّ له حق الفسخ إذا أرجع له الثمن في الفترة المحددة بينهما، وهذه المسألة تقول لو فرض أنه تعذّر على البائع إرجاع الثمن إلى المشتري بسبب غَيبَة المشتري أو ما شاكل ذلك تصل النوبة إلى الحاكم الشرعي أو وكيله فيدفع البائع له الثمن ويفسخ البيع.

والآن نبين قضايا لفظية في عبارة المتن:-

القضية الأولى:- قال السيد الماتن:- ( إذا تعذّر تميكن المشتري )، وكان من المناسب أن يقول :- ( إذا تعذَّر على البائع تمكين المشتري من الثمن ).

القضية الثانية:- قد يقال إنه جاء في عبارة المتن قوله:- ( فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه ولو كان الحاكم الشرعي )، فقد يتصوّر أحدٌ أنَّ المناسب هو حذف عبارة ( ولو كان الحاكم الشرعي ) بل يلزم أن ويلزم أن يقول ( فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه وهو الحاكم الشرعي ).

والجواب:- صحيح أنه تعذّر تمكين الثمن إلى المشتري ولكن لعل المشتري حي وعنده وكيل، فلو كان حياً وعنده وكيل يلزم أن يسلَّم الثمن إلى وكيله، ولكن من قال إنَّ المشتري حي جزماً وإلا لم نقع في هذه المشكلة؟، نقول:- نحن نشك في حياته فنستصحب حياته وعليه فسوف تبقى وكالة الوكيل على حالها، لأنه إذا فرض أنَّ المشتري مات فالوكالة تزول بموت الموكِّل قهرياً، فهنا نقول يحتمل إنَّ المشتري عنده وكيل والمشتري حيَّ بالاستصحاب أو فرض أنه حيّ ولكن لا نعلم بأيّ بلاد هو ففي مثل هذه الحالة إذا كان عنده وكيل فالأمر واضح، وأما إذا لم يكن عنده وكيل فالحاكم الشرعي.

ولكن يبقى أنه قد يقال:- إذا كان عنده وكيل فالتسليم يصير إلى الوكيل ولا تصل النوبة إلى الحاكم الشرعي؟

ولكن نقول:- إنَّ الوكيل أيضاً إما أننا لا نجزم بحياته أو أنه غائب ولا نعرف أين هو، فلذلك عبّر السيد الماتن بقوله:- ( ولو كان الذي يدفع له المال هو الحاكم الشرعي )، فالتعبير بالواو في كلمة ( ولو) - والحال أنَّ المناسب بادئ ذي بدءٍ حذفها ويقال ( يدفع الثمن إلى الحاكم الشرعي ) - هو من ناحية أننا نحتمل أنه يوجد عند المشتري وكيل فيجب الدفع إلى الوكيل والوكالة تبقى سارية إذا كان الموكّل حيّاً ولو بالاستصحاب، فحيث إنه يوجد طريقٌ آخر غير الحاكم الشرعي - وهو الدفع إلى الوكيل - عبّر السيد الماتن بقوله:- ( ولو كان هو الحاكم الشرعي ).

القضية الثالثة:- جاء في عبارة المتن كلمة التمكين حيث قال:- ( يكفي في صحة الفسخ تمكين ) والتعبير بكلمة تمكين إشارة إلى أنه لا يلزم التسليم باليد بل يكفي تمكين المشتري من الثمن، وهذا المطلب قد تقدم في المسألة (117 ).

القضية الرابعة:- إنه قال ( إذا تعذَّر تمكين المشتري )، ولكن نقول افترض أنه تعذَّر تمكين الثمن للمشتري ولكن لا تصل النوبة إلى الحاكم الشرعي رغم هذا التعذّر، كما لو كان للمشتري وكيلاً فهنا يلزم الدفع إلى الوكيل، وكان من المناسب الاشارة إلى هذه القضية فيقول:- ( إذا تعذَّر تمكين المشتري من الثمن أو وكيله ).

عودٌ إلى صلب الموضوع:- نقول إذا تعذر ردَّ الثمن إلى المشتري أو وكيله فما هو الحكم؟

والجواب:- هناك رأيان في المسألة ذكرهما الشيخ الأعظم(قده) في مكاسبة:-

الأول:- ما ذهب إليه المحقق القمي(قده)[1] من كفاية الدفع إلى الحاكم الشرعي.

الثاني:- ما ذهب إليه صاحب المناهل(قده)[2] إلى أنه لا يكفي الدفع إلى الحاكم الشرعي .

وذكر صاحب الحدائق(قده)[3] :- إنه يوجد اتفاق على عدم لزوم ردَّ الثمن على المشتري عند فرض غَيبته، يعني أنه يكفي الدفع حينئذٍ إلى الحاكم الشرعي.

ثم اعترض هو على هذا الرأي وقال:- إنَّ ظاهر الروايات[4] تدل على اعتبار حضور المشتري للفسخ أمامه بعد دفع الثمن إليه.

وفي مقام التعليق على اعتراض صاحب الحدائق نقول:- إذا رجعنا إلى الروايات نجد أنها اعتبرت في ردّ الثمن حضور المشتري، فالثمن لابد وأن يردّ على المشتري، أما الفسخ فلا يلزم أن يكون أمام الشتري، والنكتة واضحة، فإنَّ الثمن ملكٌ للمشتري ولابد من الردَّ عليه لا إلى غيره، نعم عند غيبته تصل النوبة إلى الحاكم الشرعي أو غيره، أما مادام يمكن الردّ عليه فلابد من ردّ الثمن إلى مالكه وهو المشتري، أما بعد ردَّ الثمن إلى المشتري هل يلزم أن يكون الفسخ أمام المشتري وعنده فالروايات لا تدل عليه، فمثلاً الوارد في رواية إسحاق بن عمَّار:- ( حدثني من سمع أبا عبد الله وسأله رجل وأنا عنده فقال:- رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فجاء إلى أخيه فقال أبيعك داري هذه وتكون لك أحبّ إليَّ من أن تكون لغيرك على أن تشترط لي إن أنا جئتك بثمنها إلى سنة أن تردَّ عليَّ، فقال:- لا بأس بهذا، إن جاء بثمنها إلى سنةٍ ردّها عليه )، فالرواية لا يوجد فيها أنَّ الفسخ لابد أن يكون أيضاً أمام المشتري، نعم الردَّ يلزم أن يكون أمام المشتري لأنه من باب كون المشتري هو المالك، وعلى منوالها رواية أبي الجارود حيث جاء فيها:- ( سمعت أبي الجارود يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجلٍ باع داراً له من رجلٍ وكان بينه وبين الرجل الذي اشترى منه الدار حاصر فشرط أنك إن أتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك فأتاه بماله، قال:- له شرطه )، فظاهرها أن يأتي البائع للمشتري بماله أما أنَّها تدل على أنَّ الفسخ لابد أن يكون أيضاً أمام المشتري فهو أوّل الكلام.


[3] الحدائق الناضرة، البحراني.
[4] أي روايات بيع الخيار الثلاثة من رواية سعيد بن يسار وأخواتها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo