< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 121 ) عدم جواز التصرفات الناقلة في المبيع - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأما الحكم الثاني:- وهو أنه لو تفلت العين فتلفها يكون على المشتري، فالوجه في ذلك أمران:-

الأول:- مقتضى القاعدة، فإنَّ المشتري في هذه الفترة هو مالك للعين حقيقةً غايته مع وجودِ خيارٍ للبائع في الفسخ في الفترة المحددة، ولكن جود الخيار للبائع لا يعني أنَّ المشتري ليس مالكاً، بل هو مالك، ومادام هو مالك فالتلف يكون منه والضمان يكون عليه. فإذا الحكم على طبق القاعدة من دون الحاجة إلى دليل خاص.

الثاني:- وجود روايتان تدلان على أنَّ التلف يكون من المشتري أحدهما لاسحاق بن عمَّار وهي معتبرة السند والثانية لمعاوية بن ميسرة وهي وإن كانت قابلة للتأمل من حيث سندها لكنها صالحة للتأييد.

أما رواية اسحاق بن عمار:- فقد ورد فيها:- ( قلت أرأيت لو أنَّ للدار غلَّة لمن تكون؟ قال:- للمشتري، إلا ترى أنه لو احترقت كانت من ماله ) أي من مال المشتري، وهي دلت بوضوح على أنَّ النماء يكون للمشتري لأنه مالك وكذلك التلف يكون عليه أيضاً، يعني مادام التلف عليه تكون الغنيمة والثمرة له.

أما رواية معاوية بن ميسرة:- فقد ورد فيها:- ( أرأيت لو أنَّ الدار احترقت من مال من كانت؟ تكون الدار دار المشتري )، وهي دلت بوضوح أنها لو احترقت تكون من مال المشتري.

فإذاً يوجد عندنا مستندان لاثبات أنَّ تلف المبيع في فترة الخيار يكون من مال المشتري.

هذا وقد يتمسك بمستند ثالث لاثبات المطلوب:- وهو التمسك قاعدة ( تلف المبيع في زمان الخيار ممَّن لا خيار له )، وفي موردنا المبيع قد تلف في زمان خيار البائع فيكون ضمانه ممَّن لا خيار له وهو المشتري، لأنَّ الشمتري ليس له خيار وإنما البائع هو الذي اشترط الخيار بأني لو أرجعت لك الثمن على رأس السنة فلي الخيار في الفسخ، فالمشترط للخيار فهو البائع وأما المشتري فلا خيار له، فطبقاً لهذه القاعدة يمكن أن يقال إنَّ التلف يصير من المشتري.

والجواب:- إنَّ هذه القاعدة مختصة بموردين من الخيار وهما خيار الحيوان وخيار الشرط ولا تعم جميع موارد الخيار، وعلى هذا الأساس لا يمكن تطبيق هذه القاعدة بعرضها العريض وإنما تطبق في خصوص هذين الموردين، فهي تختص بهذين الموردين فقط، باعتبار أنَّ مستند هذه القاعدة خاصٌّ بخيار الحيوان وخيار الشرط، فالرواية الواردة في هذه القاعدة هي مارواه الشيخ الطوسي بإسناده إلى الحسن بن محبوب عن ابن سنان قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد ويشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد أو الدابة ويحدث فيه الحدث على من ضمان ذلك؟ فقال:- على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام ويصير المبيع للمشتري شرط له البائع أو لم يشترط. قال:- وإن كان بينهما شرطٌ أياماً معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع ) ، [1] وسند الشيخ الطوسي إلى الحسن بن محبوب معتبر وقد ذكره في الفهرست أو المشيخة المذكورة في آخر التهذيبين، أما الحسن بن محبوب فهو من أجلة أصحابناً، وأما ابن سنان فهو عبد الله بن سنان وهو من أجلة أصحابنا أيضاً، نعم يوجد قال وقيل في محمد بن سنان أما عبد الله بن سنان فلا كلام في وثقاته وجلالته، ونحن نحرز أنَّ الموجود في السند هو عبد الله بن سنان جزماً وليس هو محمد سنان، لأنَّ محمد بن سنان لم يدرك الامام الصادق عليه السلام وإنما كان من أصحاب الرضا عليه السلام، وعليه فلا تأمل في الرواية من حيث السند.

ونحن لم ننقل هذ الرواية من كتاب الوسائل باعتبار أنَّ صاحب الوسائل(قده) لم ينقلها كاملةً بل نقلها مقطّعة ونحن نحتاجها هنا كاملة لأنَّ التقطيع قد يضر في فهم بعض الأمور الواردة فيها.

وفي هذه الرواية سأل ابن سنان الامام عليه السلام وقال:- ( عن الرجل يشتري الدابة أو العبد ويشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد أو الدابة ويحدث فيه الحدث على من ضمان ذلك؟ فقال:- على البائع حتى ينفقضي الشرط ثلاثة إيام )، و( يشترط ) يعني أنه يشترط الخيار إلى يوم أو يومين، وإنما قال الامام عليه السلام الضمان على البائع لأنَّ الخيار الموجود في الرواية قد فرض أنه للشمتري لأنه هو الذي اشترى المبيع وشرط على البائع، فأنَّ الرواية قالت:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد ويشترط )، فالشارط هو المشتري لأنَّ الضمير المستتر الذي تقديره ( هو ) يعود إلى المشتري وهذا واضح، وهنا قال الامام عليه السلام إنَّ الضمان يكون على البائع، ثم أضاف الامام عليه السلام جملةً وقال:- ( حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام ويصير المبيع للشمتري شرط له البائع أو لم يشترط )، فحينما قال الاما عليه السلام ( شرط له البائع أو يشترط ) فهو يريد أن يبيّن من خلال ذلك أنه هنا يوجد خيار ثابت للمشتري بقطع النظر عن الاشتراط وهو خيار الحيوان، فمادام خيار الحيوان للمشتري موجوداً فحتى لو فرض أنَّ المشتري اشترط يوماً أو يومين فهذا لا يؤثر لأنَّ له ثلاثة أيام خيار الحيوان فالتلف في الثلاثة أيام يكون من مال البائع، ونحن هنا نستنبط ونخرج بقاعدة هي ( إنه في خيار الحيوان يكون التلف ممّن لا خيار له - وهو البائع في موردنا - ) بمقتضى هذه الرواية.

ثم قال الإمام عليه السلام بعد ذلك:- ( وإن كان بينهما شرط أياماً معدودة فهلك في يد المشتري فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع )، فهنا الشارط من البداية هو المشتري، وهنا حكم اللإمام عليه السلام بأنَّ التلف يكون ممَّن لا خيار له وهو البائع.

إذاً هذه الرواية بصدرها تدل على أنَّ تلف المبيع في فترة خيار الحيوان - أي الثلاة أيام - يكون من مال البائع، وأما إذا كان يوجد اشتراط من قبل المشتري وتلف المبيع في فترة الخيار يكون أيضاً من مال البائع - الذي لا خيار له – وسوف تصير النتيجة هي أنَّ هذه الصحيحة تدل على ثبوت قاعدة ( تلف المبيع في زمان الخيار ممّن لا خيار له ) في موردين فقط وتختص بهما وهما خيار الحيوان وخيار الشرط، أما التعميم إلى أكثر من ذلك فلا يمكن أن تدل عليه.

إن قلت:- نحن نسلَّم بأنَّ هذه القاعدة خاصة بهذين الموردين ولكن نقول إنَّ هذا المقدار ينفعنا أيضاً، فإنَّ محل كلامنا هو من خيار الشرط، يعني أنَّ البائع يبيع الشيء كالدار أو السيارة ويشترط الخيار لنفسه لفترة سنةٍ مثلاً، ومادام مورد كلامنا هو خيار الشرط فإذا قبلنا بهذه القاعدة طبقاً لصحيحة عبد الله بن سنان في مورد خيار الشرط فهذا المقدار سوف ينفعنا فإنَّ محل كلامنا – الذي هو بيع الخيار - هو من مصاديق خيار الشرط، فيلزم أن تكون هذه القاعدة صالحة للانطباق عليه.

قلت:- إنَّ هذا شيء مقبول لولا أنه يوجد استدراك يمنعما من تطبيق هذه القاعدة في محل كلامنا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo