< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 121 ) عدم جواز التصرفات الناقلة في المبيع - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

الجواب الثالث:- أن نقول:- نحن لا نحتاج إلى الجواب الثاني[1] ، بل حتى بقطع النظر عن ذلك لنا جوابٌ آخر غير مسألة اقتصارنا على مقدار التعبّد، وذلك بأن يقال:- إنَّ من ليس له خيار إذا كان مالكاً فالمناسب حينئذٍ أن يكون التلف منه على طبق القاعدة[2] ، وعليه فلابد وأن نفترض أنّه ليس بمالك حتى يمكن تطبيق قاعدة ( تلف المبيع في زمان الخيار ممَّن لا خيار له ) عليه، إذ لو كان مالكاً فحينئذٍ الضمان على من ليس عليه الخيار يكون على طبق القاعدة من دون حاجة إلى رواية ابن سنان، فإذاً لابد وأن نفترض أنَّ من ليس له خيار ليس مالكاً حتى تكون قاعدة ( تلف المبيع في زمان الخيار ممن لا خيار له ) مثبتةً للضمان عليه، إذ لو كان مالكاً فسوف لا نحتاج إلى هذه القاعدة ولا إلى صحيحة ابن سنان بل يكون الحكم على طبق القاعدة[3] .

وأما الحكم الثالث:- وهو أنه لا يسقط خيار البائع بتلف المبيع ثم احتمل السيد الماتن(قده) أنه إذا كان المقصود اثبات الخيار فقط في صورة وجود العين فحينئذٍ لا يثبت الخيار بتلف المبيع بيد أنَّ الاغالب هو الأول حيث قال:- ( ولا يسقط بذلك خيار البائع ) يعني يريد أن يقول ينتقل إلى البدل، ثم جاء إلى التتمة التي جعناها حكماً آخر وهو قوله:- ( إذا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين ).

وهذه المسألة مهمة، وهي أنه إذا تلف المبيع في زمان الخيار فهل يبقى الخيار وينتقل إلى البدل أو يزول الخيار؟

قد تعرض الشيخ الأعظم(قده) إلى هذه المسألة وذكر في ذلك احتمالين:-

الاحتمال الأول:- عدم سقوط الخيار، وذكر ذلك على مستوى الاحتمال ولم يدعمه بتوجيهٍ، قال:- ( والظاهر عدم سقوط خيار البائع فيسترد المثل أو القيمة بردذ الثمن أو بدله ).

الاحتمال الثاني:- سقوط الخيار، وهنا ذكر توجياً لهذا الاحتمال وحاصله:- إنَّ الخيار قد تعلَّق بإرجاع الميبع، والمبيع هو العين، فإذا لم تكن عين المبيع موجودةً بسبب التلف فالمناسب آنذاك سقوط الخيار، قال:- ( ويحتمل عدم الخيار بناءً على أنَّ مورد هذا الخيار هو إلزام أنَّ ردَّ الثمن ارتجاع البيع، وظاهره اعتبار بقاء المبيع في ذلك فلا خيار مع تلفه ) [4]

وقال الشيخ النائيني(قده)[5] :- يمكن أن يقال بعدم سقوط الخيار، باعتبار أنَّ الخيار متعلَّق بالعقد وليس بالعوضين، والعوضان وإن تلف أحدهما أو كلاهما إلا أنَّ العقد بَعدُ باقٍ، فيكون الخيار باقياً، أما لماذا يتعلّق الخيار بالعقد؟ ذلك باعتبار أنَّ الخيار هو ملكُ فسخِ العقدِ وليس ملكُ فسخِ العوضين، والعقد موجودٌ فالخيار باقٍ.

وفي مقام التعيلق نقول:- المناسب التفصيل بين أنحاء المبيع ونوعه، فقد يفترض في بعض أفراد المبيع أنَّ متعلَّق الخيار هو ذات العين المبيعة، كما لو فرض أنَّ المبيع كان داراً أثرية فالغرض متعلَّق بنفس عين الدار ولا يقبل البائع بأيّ بدلٍ عنها، أو كان المبيع كتاباً خطياً فهذه خصوصية لهذه النسخة من الكتاب، فالمناسب في مثل هذه الحالة سقوط الخيار لإنَّ الخيار متعلّق بذات العين فلا معنى للانتقال إلى البدل حين تلفها، فالبائع جعل الخيار في إرجاع نفس العين المبيعة دون البدل لأنَّ غرضه متعلّق بنفس هذه العين المبيعة، ففي مثل هذه الحالة نقول إذا كان الغرض متعلّقاً بالعين المبيعة فلا معنى لأن نقول ببقاء الخيار وللبائع حق الفسخ وينتقل إلى البدل، بل من الواضح أنَّ الغرض والعقد قائم بذات هذه العين دون البدل، فالذي يرتجع هو ذات العين لا غيرها، وعليه فمن المناسب سقوط الخيار في مثل هذه الحالة، وهذا بخلافه فيما ما إذا فرض أنَّ القرائن قامت على أنَّ الغرض قائم بالمبيع أو ببدله، كما لو فرض أنَّ المبيع كان سيارة وكانت لها مثيلات كثيرة من نفس النوع والموديل، فلو باع سيارته ببيع الخيار واشترط على المشتري استرجاعها عند ردّ الثمن بعد سنة مثلاً فحينئذٍ الهدف هنا ليس متعلَّقاً بنفس عين المبيع لأنَّ البدل هو شبيه بالمبدل تماماً، ففي مثل هذه الحالة يمكن أن يقال ببقاء الخيار ولا يسقط بتلف العين بل يجوز إعمال الخيار ويُنتَقل آنذاك إلى البدل.

يبقى مورد الشك الذي يكون بين الأمرين والمفروض أنه لا توجد قرينة تعيّن أحد الاحتمالين وأنه يوجد خيار في مثل هذه الحالة أو لا:- ففي مثل هذه الحالة إنَّ أراد البائع الخيار فيدفع إليه البدل، وإذا لم يرد الخيار فيدفع إليه البدل أيضاً، يعني أنَّ النتيجة سوف تكون واحدة.

فإذاً لا معنى لأن يقال بثبوت الخيار مطلقاً كما قال الشيخ النائيني(قده) وكما مال إلى ذلك السيد الخوئي(قده)، كما لا معنى للقول بسقوط الخيار، بل المناسب التفصيل باختلاف المبيع، ولكن السيد الماتن(قده) قال:- ( ولو تلف المبيع كان مضانه على المشتري ولا يسقط بذلك خيار البائع إلا إذا كان المقصود من الخيار الشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجباص لرجوعها نفسها إلىلابائع لكن الغالب الأول )، ومقصوده من الأول هو أنَّه إذا كان الغرض ليس متعلّقاً بخصوص العين فلا يسقط الخيار، ولكن نقول:- إنَّ هذا الكلام بهذا الشكل لا نراه مناسباً، بل المناسب أن يقال:- لابد أن يفصّل باختلاف أنحاء المبيع ولا يمكن أن يعطى ضابط كلي في هذا المجال كما يفهم من كلامه ومن كلام الشيخ الأعظم والشيخ النائيني، وإنما يفصَّل باختلاف أنحاء المبيع.


[1] وهو أنَّ الرواية موردها خاص بما إذا فرض أنَّ من ليس له الخيار ليس مالكاً.
[2] أي قاعدة ( تلف المبيع في زمان الخيار من مال مالكه )/ المقرر.
[3] اي قاعدة ( تلف المبيع في زمان الخيار من مال مالكه )/ المقرر.
[5] منية الطالب، النائيني، ج3، ص92.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo