< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 121 ) عدم جواز التصرفات الناقلة في المبيع - الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وقد تسأل وتقول:- لماذا إذا كان الهدف متعلّقاً بذات العين الخاصة يسقط الخيار ولا ينتقل إلى البدل، وهكذا يأتي السؤال الثاني:- وهو أنه إذا كان الهدف متعلّق بالطبيعي لا بهذه العين الخاصة فلماذا نقول ببقاء الخيار، فما هو التوجيه الفني لذلك؟

والجواب:- إنَّ النكتة في ذلك هو أنَّ الغرض إذا كان متعلقاً بهذه العين الخاصة فالمفروض أنَّ الخيار مجعول من قبل البائع طبق غرضه، وحيث إنَّ غرضه متعلقاً بهذه العين فهو يجعل الخيار في حال بقاء العين، لأنَّ المفروض أنَّ الخيار منه والشارع أمضى ما جعله، أما هو كيف جعل الخيار؟ إنه جعله لاسترجاع هذه العين لأنّ غرضه متعلّق بهذه العين، فعند عدم وجود هذه العين بسبب تلفها فالخيار لا يكون مجعولاً من قبل البائع، وفي مثل هذه الحالة لا يثبت له الخيار، وأما إذا فرض أنَّ الغرض كان متعلقاً بالكلّي الصادق على العين الموجودة وعلى البدل فالخيار يجعله البائع لاسترجاع العين أو بدلها، إذ المفروض أنَّ الغرض متعلّق بكلا الأمرين بالعين إن كانت موجودة وبالبدل إن كانت العين مفقودة، فالخيار الذي يجعله البائع هو يجعله على الجامع بينهما على خصوص العين الموجودة.

وأما إذا فرض أنَّه شك هل الغرض متعلق بالعين أو أنه متعلّق بالأعم من العين وبدلها فماذا نصنع؟

وفي الجواب نقول:- إنَّ القدر المتيقن هو أنَّ البائع قد جعل الخيار في حال وجود العين وأما مازاد على ذلك نشك في سعة الجعل وأنه هل جعل الخيار في دائرةٍ أوسع أو لا فننفي الجعل الزائد بالأصل، فإنَّ القدر المتيقن هو جعل الخيار لو كانت العين موجودة أما ما زاد على ذلك فيشك في أنه هل جعل البائع الخيار فيه لنفسه أو لا والأصل عدم الجعل الزائد.

والخلاصة من كل ما ذكرناه:- المناسب هو التفصيل لا كما ذكر الشيخ الأعظم(قده) ولا ما ذكره الشيخ النائيني(قده)، ونقول باختصار إن حصل الجزم بأنَّ غرض البائع متعلّق بالعين ففي مثل هذه الحالة لا خيار له عند تلف العين، لأنه يجعل الخيار تبعاً لغرضه، ونحن إذا جزمنا بأن غرضه متعلّق باسترجاع العين فقط فالخيار يكون مجعولاً عند وجود العين، فلا يثبت الخيار عند فقدانها، وإذا جزمنا بالسعة فحينئذٍ نقول بثبوت الخيار حتى إذا كانت العين مفقودة، لأنه جعل الخيار لنفسه في كلتا الحالتين حالة وجود العين وحالة فقدانها، وأما إذا لم يحصل الجزم وشككنا فهذا شك في ضيق الجعل وسعته وحينئذٍ نقول إنَّ جعل الخيار في حالة وجود العين قدرٌ متيقنٌ وأما ما زاد عليه مشكوك فينفى جعل الخيار بالمقدار الزائد بالأصل.

ثم أنه توجد في المقام بعض الأمور المرتبطة بهذه المسألة:-

الأمر الأول:- قال السيد الماتن(قده) في عبارة المتن في بيان الحكم الأول:- ( لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع أو نحوهما )، إنه اقتصر على التصرف الناقل - العقد الناقل - وقال إنَّ هذا لا التصرف يجوز لأنه يتنافى مع الخيار الذي جعله البائع لنفسه فلا يجوز للمشتري التصرف الناقل للعين، وكان من المناسب اضافة اتلاف العين لا الاقتصار على التصرف الناقل فقط، فكان من المناسب أن يقول:- ( لا يجوز للمشتري في مدّة الخيار التصرف الناقل والاتلاف ) فإنَّ اتلاف العين لا يجوز أيضاً بأيّ شكل من الأشكال.

الأمر الثاني:- ذكرنا في الحكم الثاني أنه عند تلف المبيع في فترىة الخيار يكون الضامن هو المالك - وهو المشتري -، ومن باب الكلام يجر الكلام والفائدة الجانبية نقول:- المناسب أنَّ كل مبيعٍ إذا تلف يكون تلفه من مال مالكه، لأنَّ له مالك فيكون التلف منه، ولكن شذَّ من ذلك تلف المبيع قبل قبضه فإنه يكون من مال البائع، كما لو فرض أني اشتريت حاجةً من شخصٍ ولكن لم أقبض المبيع وإنما بقي عند البائع فتلف وهو عنده قبل قبضه فهنا على من يكون ضمان التلف فهل يكون التلف على المشتري الذي هو المالك كما هو المناسب للقاعدة الأولية لأنَّ المشتري هو المالك وقد تلف المبيع قبل قبضه فيكون الضمان عليه أو أنه يكون على البائع؟ هنا خرج هذا المورد بالتخصيص من تلك القاعدة وهي قاعدة ( كل مبيع تلف فهو من مال مالكه - أعني المشري - ) إلا إذا كان لم يقبضه من البائع وتلف قبل قبضه فإنَّ الضمان يثبت على البائع، ولماذا؟، هذه قضية يمكن أن يقال قد اتفق عليها الفقهاء، ويمكن أن يستدل على ذلك بما يلي:-

أولاً:- بالسيرة العقلائية، فإنه لا يبعد انعقادها على ذلك، فمادام المشتري لم يقبض المبيع وتلف عند البائع فلا يبعد أنَّ بناء الناس والسيرة على ضمان البائع، نعم لو قبضها المشتري ثم أعادها إلى البائع وأبقاها عنده أمانة فإذا سرقت أو تلفت فسوف يكون التلف من المشتري، أما إذا لم يقبض المشتري المبيع فليس من البعيد أنَّ سيرة العقلاء جرت على كون الضمان على البائع، وحيث لم يردع الشارع عن ذلك فيثبت الامضاء، ودعوى السيرة لا يبعد أنها تامة.

ثانياً:- بعض الروايات وإن كانت ضعيفة:-

منها:- ما جاء في عوالي اللآلي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:- ( كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ). [1]

ومنها:- رواية عقبة بن خالد في الكافي:- ( محمد بن يعقوب عن محمد يحيى عن محمد بن السحين عن محمد بن عبد الله بن هلال عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام:- في رجل اشترى متاعاً من رجل وأوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضهقال آتيك غداً إن شاء الله فسرق المتاع من مال من يكون؟ قال:- من صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يُقبِض المتاع ويُخرِجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يردذَ ماله إليه )[2] ، ودلالتها على المطلوب واضحة جداً.

بقي شيء:- هو أنَّ البعض حينما يسمع بهذه الأدلة - من عدم الخلاف بين الفقهاء في هذا الحكم كما لا يبعد انعقاد السيرة على ذلك وكذلك هاتان الروايتان - فقد يقول أما عدم الخلاف فهو ليس بحجة، وأما السيرة فهي لست واضحة كل الوضوح، وأما الروايتان فهما ضعيفتا السند فإنَّ الرواية الأخيرة ورد في سندها محمد عبد الله بن هلال وعقبة هما لم تثبت وثاقتهما وأما الرواية الأولى فهي مروية في مستدرك الوسائل عن عوالي اللآلي وهي مرسلةـ، فعلى هذا لم يسلّم دليل.

وفي الجواب نقول:- إنه لو أخذنا كل مفردة لوحدها فالأمر كما ذكر، أما إذا أخذنا المفردات بضمّ بعضها إلى بعضٍ فقد يولّد ذلك الاطمئنان للفقيه بثبوت الحكم، فبعد ضمّ هذه الأدلة بعضها إلى بعضٍ لا يبعد حصول الاطمئنان للفقيه، وبهذا تثبت هذه القاعدة، وبالتالي سوف يكون كل مبيع قد تلف قبل قضه يكون ضمانه من مال بائعه وإن كان ملكاً للمشتري والمناسب للقاعدة أن يكون الضمان على المشتري ولكن لأجل ما ذكرناه نستثني هذه الحالة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo