< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 124 ) إذا مات البائع قبل ردّه الثمن أو مات المشتري قبل ردّ البائع للثمن فماهو الحكم- الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

مسألة ( 124 ):- إذا مات البائقبل إعمال الخيار - انتقل الخيار إلى ورثته، فلهم الفسخ بردّهم الثمن إلى المشتري، ويشتركون في المبيع على حساب سهامهم، ولو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ في

تمام المبيع، نعم له ذلك في حصته من المال، ولو مات المشتري كان للبائع الفسخ بردّ الثمن إلى ورثته .

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على أربعة أحكام:-

الحكم الأول:- إذا مات البائع الذي باع ببيع الخيار قبل أن يحين وقت الفسخ انتقل حق الفسخ إلى ورثته.

الحكم الثاني:- بعد انقال حق الفسخ إلى الورثة يقسَّم عليهم بحسب سهامهم.

الحكم الثالث:- إذا امتنع بعض الورثة من الفسخ فلا يحقّ لبقية الورثة الفسخ، فإما أن يفسخ الجميع بالاتفاق وإلا فلا.

الحكم الرابع:- إذا انعكس الأمر أي لو مات المشتري قبل أن يفسخ البائع فهنا يتمكن البائع من الفسخ وإرجاع الثمن على ورثة المشتري ويسترجع مبيعه منهم.

أما الحكم الأول:- فالمعروف بين أصحابنا هو انتقال حق الخيار إلى الورثة بموت البائع، بل ربما يّدعى عدم الخلاف فيه، قال المحقق(قده) في الشرائع:- ( إذا مات من له الخيار انتقل إلى الوارث من أيّ أنواع الخيار كان )، وهذا يشمل موردنا وهو بيع الخيار بردّ الثمن، ولو قيل:- إنَّ المحقق لم يدّع عدم الخلاف، قلنا:- إنَّ الشاهد في تعليق صاحب الجواهر(قده) على كلام العلامة حيث قال:- ( بلا خلافٍ معتدٍ به بل ظاهرهم الاجماع )[1] ، فصاحب الجواهر(قده) ادّعى عدم الخلاف في هذا الحكم.

وقبل أن نذكر الاستدلال على هذا الحكم نشير إلى قضيتين:-

القضية الأولى:- قد يقول قائل ما هو الدليل على كون الخيار يورث، فإنه لا توجد رواية في ذلك؟

قلنا:- سيأتي في نفس المنهاج تحت عنوان الفصل الخامس كلاماً للسيد الماتن ذكر فيه حكماً وهو يصلح أن يكون دليلاً على إرث الخيار في موردنا، فلو مات البائع يرث الخيار ورثته، فإنه قال:- ( الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وراثه )، وهذه العبارة مركبة من صغرى وكبرى وهي تصلح أن تكون دليلاً على أنَّ الخيار في موردنا يورث، والمقدَّمة الأولى هي أن الخيار الذي يشترطه البائع هو حقٌ للبائع، والمقدمة الثانية هي أنَّ كل حقٍّ يورث، ونحن نقول:- إنَّ الخيار يورث وسنستدل على الكبرى كما سنستدل على الصغرى.

القضية الثانية:- إنَّ السيد الماتن(قده) له رأيان في هذا الموضوع، ففي منهاج الصالحين بنى على أنَّ الخيار الذي اشترطه البائع ينتقل إلى ورثته بالإرث، فهو وافق المشهور في هذا، ولكنه في التنقيح[2] ذهب إلى أنَّ الخيار لا يورث.

وأما الدليل على كون الخيار يورث:- فهو أنه حقٌّ للبائع، وكلُ حقٍّ يورث.

والكلام أولاً يقع بالنسبة إلى الصغرى يعني أنَّ الخيار يورث:- ويمكن أن يستدل على ذلك بوجهين:-

الوجه الأول:- الارتكاز العقلائي، فإنَّ الخيار لا أقل في موردنا هو قابلٌ للإسقاط، فيمكن للبائع أن يسقط خياره بالارتكاز العقلائي، وهذا بنفسه منبّهٌ وجداني على أنَّ الخيار - أصل الخيار – حقٌّ، إذ لو كان حكماً شرعياً لم يقبل الاسقاط، وحيث لم يردع الشرع عن هذا الارتكاز فذلك يدل على إمضائه، وبذلك يثبت أنه حقٌ من الحقوق.

الوجه الثاني:- صحيحة ابن رئاب المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أو لم يشترط، فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثاً قبل الثلاثة أيام فذلك رضاً منه فلا شرط، قيل له:- وما الحدث، قال:- إن لامَسَ أو قبَّل )[3] ، وموضع الشاهد قوله عليه السلام:- ( فإن أحدث المشتري فيما اشترى قبل الثلاثة أيام فذلك رضاً منه فلا شرط ) يعني يسقط الخيار بالرضا بسقوطه وهذا معناه أنَّ الخيار حقٌّ، إذ لو كان حكماً شرعياً لما سقط بالرضا بسقوطه فإنَّ الرواية واضحة في ذلك.

إن قلت:- إنَّ مورد الرواية هو خيار الحيوان ونحن نريد أن نثبت ذلك في بيع الخيار بشرط ردّ الثمن.

قلت:- حيث لا نحتمل الفرق من هذه الناحية بين خيارٍ وخيار فيثبت بذلك العموم لموردنا.

وأما بالنسبة إلى الكبرى وهي أنه مادام الخيار حقاً فهو ينتقل بالارث إلى الوارث:- فقد يستدل لها بالحديث النبوي المعروف:- ( ما ترك الميت من حقٍّ فهو لوارثه )، فهذا الحديث واضح في ذلك فإنه قال:- ( ما ترك الميت من حق )، والمفروض في موردنا أنَّ الخيار حقٌ، فيكون للوارث بمقتضى هذا الحديث.

ولكن يمكن أن يناقش هذا الحديث سنداً ودلالةً:-

أما سنداً:- فإنَّه ذكر في الكتب الفقهية مرسلاً، نعم جاءت الاشارة إليه في كتب أحاديث بعض العامَّة، من قبيل مسند أحمد[4] وسنن ابن ماجة[5] وربما جاء في غيرهما، ولكن هذا المقدار من الورود في كتبهم حتى لو كان مسنداً لا ينفعنا فإنَّ تلك الأسانيد لا تنفعنا، وعلى هذا الأساس لا يمكن التمسك بهذا الحديث من حيث ضعفه السندي.

وأما دلالةً:- فالوارد فيه:- ( ما ترك الميت من حق )، فيحتمل - ويكفينا الاحتمال - أنَّ يكون المقصود من الحق ليس هذا المعنى الضيق وإنما ما ترك من بيتٍ وسيارةٍ وما شاكل ذلك، فهو ناظر إلى الأموال، ومادام هذا الاحتمال وجيهاً فسوف يصير الحديث مجملاً حتى لو تم سنده، وعليه فلا ينفعنا لاثبات الكبرى.


[4] مسند أحمد، ج2، ص453.
[5] سنن ابن ماجة، ج2، ص914، ح2738.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo