< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 124 ) إذا مات البائع قبل ردّه الثمن أو مات المشتري قبل ردّ البائع للثمن فماهو الحكم- الخيار الثالث (خيار الشرط) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

ويمكن أن نذكر الوجهين التاليين لاثبات الكبرى:-

الوجه الأول:- إنَّ نصوص الإرث إذا رجعنا إليها لم نجدها مقيدة بالمال بل المأخوذ فيها عنوان ( ما ترك )، كقوله تعالى﴿ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ﴾، وقوله تعالى﴿ ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والقربون ﴾، وقوله تعالى ﴿ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثنين فإن كنَّ نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ﴾ ، أما كلمة ( مال ) فلم ترد، ومادامت ترد فيها فحينئذٍ نتمسك بالاطلاق المقامي، وفي مورد الاطلاق المقامي يكون المرجع هو العرف، وإذا رجعنا إلى العرف فهو لا يرى فرقاً بين المال وبين مطلق الحق، وأحد الحقوق هو الخيار بشرط بردّ الثمن.

الوجه الثاني:- أن يقال سلّمنا أنَّ الوارد في أدلة الارث عنوان المال، بيد أنَّ العرف يلغي خصوصية المال ويرى أنّ كل شيءٍ يمكن أن يُنتَفع به يكون مصداقاً للموروث.

والفرق بين الوجهين:- هو إنه في الوجه السابق نفترض أنه لم يذكر الموروث بإسم من الأسماء حتى بعنوان مالٍ أو غيره وحينئذٍ يصير اطلاقاً مقامياً فنرجع بذلك إلى العرف، والعرف يرى أنَّ كل شيء صالح للانتقال والاستفادة ينتقل بالإرث لأنه يكون مشمولاً للاطلاق المقامي، أما في البيان الثاني فنحن نفترض أنا عثرنا على دليلٍ يأخذ عنوان المال وحينئذٍ نقول إنَّ العرف يلغي خصوصية المال ويرى أنَّ كل شيء يمكن أن ينتفع به يكون مشمولاً لأدلة الإرث، وحيث إنَّ الخيار قابل للانتفاع به فيكون مشمولاً لأدلة الخيار.

هذا كله بالنسبة إلى إرث الخيار بشكلٍ مطلق من دون النظر بالخصوص إلى خيار الفسخ بردّ الثمن، فكل خيارٍ يمكن أن يقال هو مشمول لأدلة الإرث بأحد الوجهين المقتدمين.

ونتكلم الآن عن خيار الفسخ بردّ الثمن بعنوانه الخاص:- ففي هذا المجال يمكن أن يذكر بيانان الأول لعدم شمول أدلة الإرث له والثاني لشمولها له:-

أما بيان عدم شمول أدلة الإرث له:- فهو ما ذكره السيد الخوئي(قده)[1] ، وحاصله:- إذا رجعنا إلى آيات الإرث نجد أن العنوان الذي انصبَّ عليه الإرث هو عنوان ( ما ترك ) كقوله تعالى ﴿ ولكم نصف ما ترك ازواجكم إن لم يكن لهن ولد ﴾[2] وقوله تعالى ﴿ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ﴾[3] وقوله تعالى ﴿ ولكلٍ جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ﴾[4] ، فعنوان ( ما ترك ) هو المأخوذ كموضوعٍ للحكم في آيات الإرث، وهذا العنوان يصدق على الأمور الخارجية من قبيل الدار والنقود والكتب والمزرعة وما شاكل ذلك فإن َّكل هذه أعيان خارجية فيصدق عليها عنوان ما ترك، وأما بالنسبة إلى الخيار فيمكن التشكيك في صدق العنوان المذكور عليه، لأنَّ الخيار معناه تقييد الملكية بالفسخ، يعني أنَّ الملكية باقية ومقيَّدة بعدم الفسخ وإن فسخ زالت، ومن المعلوم أنَّ المالك مادام موجوداً فالخيار يكون ثابتاً فإنه يملك الفسخ، وأما إذا مات فالذي يملك الفسخ إن كان فهو الوارث، وهذا الخيار ليس هو الذي تركه الميت وإنما هو مغاير لما تركه الميت، فإنَّ الذي تركه الميت هو فسخ نفس المالك للملكية أما فسخ الوارث فهو لم يكن موجوداً سابقاً حتى يصدق عليه عنوان ما ترك، فما كان سابقاً ليس بباقٍ جزماً، فلا يصدق عليه عنوان ما ترك، وما تحقق بعد ذلك لم يكن ثابتاً فيما سبق حتى يصدق عليه عنوان ما ترك فإنها سالبة بانتفاء الموضوع، وعلى هذا الأساس سوف تكون نصوص الإرث قاصرة عن شمول إرث الخيار.

ويمكن أن نختصر هذا البيان فنقول:- إنَّ عنوان ما ترك يشك في صدقه على الخيار وإنما هو يصدق على الماديات، ويكفينا التشكيك في هذا المجال.

وهذا البيان لعدم إرث الخيار هو بيان عرفي مقبول إن لم يوجد دليل آخر على إرث الخيار، والدليل الآخر موجود، هو ما سنذكره في البيان الآتي.

أما بيان شمول أدلة الإث له فنقول:- إنَّ البائع حينما تعاقد مع المشتري وقال له ( بعتك هذه الدار بثمن كذا بشرط أن يكون لي حق الفسخ على رأس السنة إذا جئتك بالثمن ) فمقصوده ليس إذا أرجعت الثمن أنا فقط، وإنما مقصوده الأعم من نفسه ومن ورثته، يعني إن كان هو موجود فهو يرجع الثمن وإن لم يكن موجوداً فورثته، وهذا شيء مضمر، وبالتالي يكون المقصود أنا البائع في حياتي يصدق عليَّ المالك وبعد وفاتي يصدق على ورثتي، فيكون الخيار المشروط خياراً وسيعاً لا يختص بنفسه، وبناءً على هذا يبقى الخيار ثابتاً للورثة من دون الحاجة إلى أدلة الإرث، فحتى لو فرض أنَّ أدلة الإرث قاصرة عن إثبات الخيار للورثة ولكن يوجد عندنا هذا الدليل وهو سعة المقصود من المالك في اشتراط البائع وأنه يقصد من كان مالكاً والمالك إما نفس البائع إن كان حياً أو روثته إن كان ميتاً، وعلى هذه الأساس لابأس بثبوت الخيار للورثة ولكن لا بعنوان الإرث وإنما بعنوان سعة الموضوع، فالموضوع هو المالك وسابقاً الموضوع هو الوالد والآن صار فرد الموضوع هو الولد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo