< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 127 ) سقوط خيار الشرط بانقاضء المدة وبإسقاطه من قبل صاحبه، الخيار الثالث ( خيار الغبن ) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

مسألة ( 127 ):- يسقط هذا الخيار بانقضاء المدة المجعولة له مع عدم الرد وبإسقاطه بعد العقد.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على حكمٍ واحد، وحاصله أنَّ الخيار بشرط استرجاع المبيع بشرط ردّ الثمن يزول ويسقط بأمرين، الأول انتهاء المدَّة المجعولة كسنةٍ مثلاً فإذا انتهت السنَّة انتهى الخيار إذا لم يُعمِله الشارط أثناء السنَّة، والثاني إسقاطه اثناء فترة الخيار بأن يقول الشارط استقطت الخيار الذي اشترطه لنفسي.

أما بالنسبة إلى المسقط الأول:- فذلك واضح فإنَّ لازم انتهاء المدَّة انتهاء الخيار كما هو واضح، والتعبير بالسقوط لا يخلو من مسامحة، فإنَّ السقوط أو الاسقاط فرع ثبوت الشيء، أما إذا انتهت مدته فالسقوط لا معنى له والأمر واضح.

وما بالنسبة إلى المسقط الثاني:- فمستنده واضح أيضاً، فإنَّ الخيار المذكور بل كل خيار هو حق لصاحبه وكل حقٍّ يقبل السقوط بالاسقاط، وبناءً على هذا يكون وجه سقوطه بالاسقاط واضحاً.

وبهذا انتهينا من الخيار الثالث من الخيارات أعني خيار الفسخ بشرط ردّ الثمن.

 

الخيار الرابع:- خيار الغبن.

قال(قده):- ( إذا باع باقل من قيمة المثل ثبت له الخيار وكذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثلي. ولا يثبت هذا الخيار للمغبون إذا كان عالماً بالحال ).

..........................................................................................................

اشتمل هذا المتن على حكمين:-

الحكم الأول:- يثبت خيار الغبن للبائع إذا بيع بأكثر من قيمة المثل كما يثبت خيار الغبن للمشتري إذا اشتري باكثر من قيمة المثل، وهذا واضح ولكن هناك قيد كان من المناسب الاشارة إليه هنا وإن كان ستأتي الاشارة إليه فميا بعد والقيد هو أن يقال ( بمقدارٍ لا يتسامح به ).

ونذكر بعض الأمور الجانبية قبل الدخول في صلب الموضوع:-

الأمر الأول:- إنَّ خيار الغبن لم يات ذكره في النصوص بعنوانه وهذه قضية لا نقصجد من ورائها شيء وإنما لفت نظر فقط، ولعل بعض النصوص غير المعتبرة فيها إشارة إليه من قبيل ( غبن المسترسل سحت )[1] ، والمسترسل أي الذي يطمن لك فعليك أن لا تغبنه، ولكن هذا لا يدل على الخيار بل أقصى ما يدل عليه هو الحرمة التكليفية، ومن قبيل ( غبن المؤمن حرام )[2] ، وهذا الحديث كالسابق فإنه لا يدل على ثبوت الخيار بل أقصى ما يدل عليه هو الحرمة التكليفية، ومن هنا حاول الفقهاء أن يستحصلوا على دليلٍ لهذا الخيار من قبيل التمسك بحديث لا ضرر لاستفادة ثبوت هذا الخيار وشرعيته، وسيأتي هذا. فالمهم أنه لا توجد نصوص تدل على أنَّ ثبوت الخيار عند الغبن.

القضية الثانية:- يظهر من كلمات الأعلام أن ثبوت خيار الغبن لم يكن قضية اجماعيية واضحة، وهذا يلزم الالتفات إليه، بل على بعض كلمات الاعلام توحي بإنكاره، قال في المسالك:- ( المشهور بين الأصحاب خصوصاً المتأخرين منهم ثبوت خيار الغبن، وكثير من المتقدمين لم يذكره ونقل عن المصنف في الدرس القول بعدمه. والأخبار بخصوصه خالية منه. نعم ورد في تلقي الركبان[3] تخيرهم إذا غُبِنوا )[4] ، فإذاً دعوى الاجماع على ثبوت هذا الخيار صعبة، ومن خلال هذا الكلام نخرج بهذه النمتيجة هي أنَّ التمسك بالاجماع لاثبات شرعية هذا الخيار أمر مشكل.

الأمر الثالث:- هناك بعض الأمور في الفقه ثبوتها واضح إلا أنَّ مدركها قد يقع فيه قال وقيل رغم وضوح أصل المطلب ومن أمثلة ذلك هذا المورد، فإنَّ خيار الغبن عادةً يقول فقهائنا بثبوته وهي قضية عقلائية قبل أن تكون شرعية أما كيف نستدل عليه فهذا قد يقع فيه توقّف وتأمل.

ولعل أحسن دليل يمكن التمسك به من دون البحث عن المستند الخاص هو فكرة الشرط الضمني، وهذه الفكرة لم تكن موجودة عند المتقدمين، فإنه يمكن أن يدّعى أنَّ المتبايعين حينما يتبايعان هناك شرطٌ ضمنيٌّ واضح بينهما وهو أني اشتري منك كذا بشرط أن لا أكون مغبوناً فيه، نعم لعل المشتري لا يعرف كلمة مغبون ولكنه يشتري منه بثمنٍ لا يكون أكثر من قيمة الشيء بكثير، نعم لابد وأن يكون الثمن أكبر من القيمة ولكن ليس بدرجةٍ كبيرة جداً ولو كان هناك غبن فلي الخيار في الفسخ، وهذا عبارة أخرى عن الشرط الضمني، فإذاً هناك اشتراط ضمني بكون التفاوت بين الثمن المسمّى والقيمة الواقعية لا يكون كبيراً، وهكذا الأمر من طرف البائع، فإذا كان الشرط الضمني متحققاً فنطبق آنذاك قاعدة ( المؤمنون عند شروطهم ) ويثبت بذلك الخيار عند الغبن، فإذاً هذا الوجه مركب من مقدمتين صغرى وكبرى فهناك شرط ضمني على عدم الغبن وأنه هناك خير لو كان هناك غبن والكبرى هي قاعدة ( المؤمنون عند شروطهم )، هذه هي الطريقة المناسبة لاثبات شرعية هذا الخيار، وبالتالي حينئذٍ يدخل هذا الخيار في خيار تخلف الشرط، ولو قلت لماذا عدوه خياراً مستقلاً بل يلزم ذكره تحت عنوان خيار الشرط، قلنا:- لابأس بذكره بعنوانٍ خاص ثم بالتالي هو يرجع إلى خيار الشرط، ولكن رغم هذا الأنسب أن يعطى عنواناً مستقلاً مغايراً لخيار الشرط لأهميته. فإذاً هذا الاشتراط موجود عند جميع العقلاء حين التعامل، ونتمكن أن نقول إنَّ هذا الاشتراط حيث إنه تعام لجيمع العقلاء وليس بين الطرفين المعاقدين بالخصوص فلنعبر عنه بالبناء العقلائي لا الاشتراط الخاص بين الطرفين، وهذه قضية فنية ولست علمية، فهناك بناء عقلائي على أنه يشترط في كل من العوضين أن لا يتحقق من خلالهما الغبن لا من باب الاشتراط بين نفس المتعلاقدين وإنما هي فقضيةواضحة في بناء العقلاء.

وجاءت فكرة الشرط الضمني في إثبات خيار الغبن في كلمات الشيخ الأعظم(قده) حيث يمكن استخراج ذلك من عبارته، فحينما استدل العلامة على ثبوت خيار الغبن بآية ﴿ إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ﴾ قال الشيخ الأعظم(قده) في مقام تقريب استدلال العلامة على خيار الغبن ما نصه:- ( إنَّ رضا المغبون بكون ما يأخذه عوضاً عمّا يدفعه مبني على عنوانٍ مفقود وهو عدم نقصه عنه في المالية فكأنه قال اشتريت هذا الذي يسوى درهما بدرهمٍ فإذا تبين أنه لا يسوى درهما تبين أنه لم يكن راضياً به عوضاً لكن لمـا كان المفقود صفة من صفات المبيع لم يكن تبين فقده كاشفاً عن بطلان البيع بل هو كسائر الصفات المقصودة التي لا يوجب تبين فقدها إلا الخيار )[5] ، فهذه العبارة تشير إلى روح فكرة الشرط الضمني ولكن دون الاستعانة بمصطلح الشرط الضمني.

وعلى أيَّ حال ما يمكن أن يستدل به على ثبوت خيار الغبن أمور:-

الأول:- ماذ كره العلامة في التذكرة[6] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo