< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الرابع ( خيار الغبن ) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وما هو الدليل على ثبوت الخيار في المعاملة الغبنية بعد قطع النظر فكرة الشرط الضمني وإلا فهي تغنينا عن كل هذا الأدلة:-

الدليل الأول:- ما أشار إيه العلامة في التذكرة، وحاصله التمسك بقوله تعالى ﴿ إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ﴾ وحينئذٍ يقال حيث إنَّ المعاملة الغبنية لا يوجد فيها تراضٍ في المقام لأنه لو انكشف الحال لا يرضى المغبون بهذه المعاملة فلابد إذاً من ثبوت الخيار حتى لا يلزم من ذلك البطلان، قال:- ( مسألة 252:- الغبن سبب ثبوت الخيار للمغبون عند علمائنا وبه قال مالك وأحمد لقوله عليه السلام " لا ضرر ولا ضرار في الاسلام" ولقوله تعالى " إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم " ومعلومٌ أنَّ المغبون لو عرف الحال لم يرضَ ).

وفي مقام التعليق نقول:- إذا كان المغبون لا يرضى فالمناسب هو الحكم بالبطلان وثبوت الخيار يحتاج إلى دليل خاص، يعني لو كنا نحن والآية الكريمة فالمستفاد منها أنه إذا لم يوجد تراضٍ فالمعاملة باطلة، وفي موردنا حيث لا يوجد تراضٍ فالمعاملة باطلة، فالمناسب الالتزام بالبطلان مادام لا يوجد تراض لا أنه يلزم ثبوت الخيار فكيف نستفيد ثبوت الخيار من هذه الآية الكريمة؟!! نعم قد تضم بعض الأمور الأخرى إلى الآية الكريمة ولكن هذا يصير دليلاً آخر أما هذا المقدار فقط لا يصلح أن يكون دليلاً على ثبوت الخيار بل يصلح أن يكون دليلاً على بطلان المعاملة مادام لا يوجد تراض في المعاملة الغبنية.

ونلفت النظر إلى قضية:- وهي أنَّ هذه الاية الكريمة بدايتها ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ وهي قد وردت في القرآن الكريم مرتين، أما تكملها وهي ﴿ إلا أن تكون تجارة عن تراض ﴾ فقد وردت في موردٍ واحد، أما المورد الثاني فقد ورد تعبير ﴿ وتدلوا بها إلى الحكّام ﴾، والآية الأولى هي ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكّام ... ﴾[1] ، والاية الثانية ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ﴾[2] ، هذه فائدة جانبية ذكرناها كي لا يحصل الالتباس فيما بعد.

وحاول الشيخ الأعظم(قده) إصلاح ما أفاده العلامة:- وحاصل ما ذكره:- إنَّ المفقود في البيع هو صفة من الصفات - والصفة هي عدم الغبن وقد تبدّلت إلى الغبن أو تساوي القيمتين القيمة المجعولة وهي الثمن مع قيمة المبيع الواقعية تساوياً تقريبياً - ونحن نعلم أنَّ فقدان الصفة لا يوجب بطلان المعاملة، قال ما نصه: - ( لكن لما كان المفقود صفة من صفات المبيع لم ين تبيّن فقده كاشفاً عن بطلان البيع بل كان كسائر الصفات المقصودة التي لا يوجب تبين فقدها إلا الخيار )[3] .

ونحن نقول: - إنَّ هذا توسعة في الاشكال، إذ بالتالي الرضا موجود من دون الصفة أو مقيد بوجودها؟ إنه لا إشكال في أنه مقيد بوجود الصفة، ومادام مقيداً بوجودها فالمناسب آنذاك الحكم بالبطلان لا الحكم بالصحة، فما ذكره ليس فيه دفع للإشكال وإنما هو توسعة له فإنَّ الاشكال سوف يأتي في جميع الصفات المفقودة، وعليه يلزم الحكم ببطلان البيع لأنَّ الرضا ليس بموجود والآية الكريمة تقول ﴿ إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم ﴾، فلم يصنع الشيخ الأعظم(قده) شيئاً.

اللهم إلا أن يكون مقصوده أننا نعرف من الخارج أنَّ فقدان الصفة لا يوجب بطلان المعاملة فإذا ضممنا هذا الاجماع إلى الآية الكريمة سوف تكون النتيجة ليس بطلان المعاملة للإجماع على أنَّ فقدان الصفة لا يوجب بطلان المعاملة وبالتالي يتعيّن الحكم بثبوت الخيار بعد أن عرفنا أنَّ البطلان هو احتمال باطل لأجل الاجماع، ولكن بناءً على هذا سوف يكون هناك استعانة بالاجماع مع الآية الكريمة لا أنه يستدل عليه بالآية الكريمة فقط والعلامة والشيخ الأعظم ناظران إلى الآية الكريمة وحدها من دون ضميمة

إن قلت: - إنَّ هذا الاشكال الذي ذكر وهو أن المعاملة الغبنية لا رضى فيها يلزم وروده على جميع الأدلة التي يستدل بها على ثبوت الخيار الغبني، فأيّ دليلٍ تأتي به فسوف يواجه هذه المشكلة وهي أنَّ الرضا وطيب النفس ليس بموجود فيلزم بطلان المعاملة لا ثبوت الخيار فما هو الجواب؟

قلت: - إنَّ بعض الأدلة لا يأتي عليها هذا الاشكال كما هو الحال في فكرة الشرط الضمني فإنه يوجد اشتراط ضمني بين الطرفين على أنه لو كان هناك غبن فأنا راضٍ بالمعاملة ولكن مع الخيار، فإذاً الاتفاق والاشتراط الضمني منصبٌّ على هذا - أي أنا راضٍ بشرط الخيار - فإذا استندنا إلى فكرة الشرط الضمني في اثبات الخيار لا يرد عليه هذا الاشكال.

وهكذا لو فرضنا أنَّ المستند لثبوت الخيار في موارد الغبن هو الاجماع حيث يقال هناك إجماع غلى أن المعاملة صحيحة ولكن هناك خيار، فإذاً هذا الاشكال لا يرد على جميع الأدلة كما اتضح من خلال ما ذكرنا.

الدليل الثاني:- ما استدل به الشيخ الأعظم(قده)[4] من إبدال هذه الآية الكريمة بآية أخرى وهي ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ أي صدر الآية الكريمة لا ذيلها - فهو استدل بصدر الآية الكريمة خلافاً للعلامة حيث استدل بذيها - وحاصل ما ذكره:- إنَّ الآية الكريمة تقول ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ وحيث إنَّه يجوز الأكل بالمعاملة الغبنية فهذا يدل على ثبوت الخيار، إذ لو لم يثبت الخيار فيها لكانت باطلاً والباطل لا يجوز الأكل منه، وحيث إنه يجوز الأكل في المعاملة الغبنية بالاجماع فإذاً لابد وأن نفترض ثبوت الخيار فيها حتى تخرج هذه المعاملة عن الباطل فيجوز الأكل آنذاك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo