الموضوع: - الخيار الرابع ( خيار الغبن ) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأما المقدمة الثانية - وهي ما إذا فرض أنه لا يوجد اشتراط ضمني على عدم الغبن فهذا معناه الإقدام على الضرر ومع الإقدام على الضرر فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر لإنها خاصة بمورد عدم الإقدام على الضرر - فنقول في مقام التعليق عليها:- سلّمنا أنهما لم يشترطا عدم الغبن ولكن هذا لا يعني أنهما قد أقدما على الضرر فإنَّ هذه الملازمة غير موجودة حتى يقال لا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر، فلو فرض أن إنسانًا دخل داره ووجد طعاماً فأكل منه فهنا لم هو يُقدِم على الضرر، لأنه كان يتصور أنَّ هذا الطعام يرجع له فلا يوجد إقدام ولكن مع ذلك يحكم بأنه نطبق قاعدة الضرر، إذ لو لم يغرم الآكل يلزم الضرر على مالك الطعام، ولكن يمكن أن يقال إنَّ هذا الشخص لا يصدق عليه أنه قد أقدم على الضرر في هذا المورد وإنه قد يشكك في ذلك، وبالتالي تصير قاعدة لا ضرر متعارضة في الطرفين - بين آكل الطعام وبين مالكه - فلا يمكن تطبقها وننتقل إلى قاعدة أخرى وهي قاعدة من أتلف مال الغير فهو له ضامن فيثبت الضمان على الآكل لقاعدة الاتلاف وليس لقاعدة لا ضرر.

فإذاً هذا لا يصلح شاهداً لما ذكره.

وأما المقدمة الثالثة - وهي أنه قال إنه مع الإقدام على الضرر ولو جهلاً يثبت بذلك الضمان ولا تجري قاعدة لا ضرر مكن أتلف مال الغير جاهلاً بكونه مال الغير - فقد اتضح جوابها حيث نقول:- لا نسلّم في هذا المثال أنَّ الإقدام على الضرر موجود، وعليه فقاعدة لا ضرر تكون صالحة للانطباق على الآكل وصالحة للانطباق على مالك الطعام، فتتساقطان وتبقى عندنا قاعدة من أتلف مال الغير فهو له ضامن أو قاعدة على اليد جارية فيثبت بذلك الضمان.

فإذاً نحن لا نسلَّم بما ذكره فإنَّ ثبات إقدامه على الضرر أوّل الكلام، فلا يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر على واحدٍ منهما لمعارضتها، لأنَّ الآكل يجهل أنَّ هذا الطعام ليس ملكه وإنما كان يتصوّر أنه ملكه، كما أنَّ مالك الطعام لم يُقدِم على الضرر لأنه وضعه في دار الشخص الآكل كأمانة لا لأجل أن يؤكل، فقاعدة لا ضرر تكون متعارضة في الطرفين وبالتالي نرجع إلى قاعدة من أتلف مال الغير فهو له ضامن، فإذاً الاستشهاد بهذا في غير محله.

وبهذا اتضح أنَّ ماذكره الشيخ النائيني(قده) قابل للمناقشة.