< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الرابع ( خيار الغبن ) – الفصل الرابع ( الخيارات ).

الاشكال الرابع:- ما ذكره السيد الخوئي(قده)[1] وحاصله:- إنَّ الضرر في المعاملة الغبنية يلزم من نفس المعاملة بقطع النظر عن لزومها، فالضرر هو في التعامل على المختلفين في القيمة اختلافاً كبيراً فهذا ما يتحقق به الضرر سواء كانت المعاملة لازمة أو غير لازمة، فحينما أشتري كتاباً وكان يسوى ديناراً ولكني اشتريته بعشرة دنانير لأني لا أعرف ثمنه في هذا البلد فالضرر يتحقق بنفس هذه المعاملة لا بلزومها حتى نتمسك بحديث نفي الضرر لرفع اللزوم، بل الضرر في نفس المعاملة، فلو طبقنا حديث لا ضرر يلزم أن نحكم ببطلان المعاملة لأنها بنفسها ضررية لا أنها صحيحة ويثبت الخيار.

فإذاً ما يراد إثباته - وهو الخيار - لا يتكفله حديث لا ضرر، والذي يتكفله الحديث هو بطلان نفس المعاملة لأنَّ الضرر في نفس المعاملة وليس في لزومها، وعليه فلا ينفعنا التمسك بحديث لا ضرر، إذ لا إشكال في أنَّ المعاملة الغبنية صحيحة ولا أحد يقول ببطلانها وإنما الكلام هل يوجد خيار وكيف نثبته، وعليه فلا يصح التمسك بحديث لا ضرر لأنَّ لازم تطبيقه نفي صحة المعاملة، إذ الضرر يحصل من نفس صحة المعاملة وليس من لزومها.

ولهذا المطلب إشارة في كلمات الأعلام الآخرين كالشيخ الأصفهاني(قده)[2] والحاج ميرزا علي الايرواني(قده)[3] .

وفي التعليق نقول:- إنَّ ما أدّعي من أنَّ الضرر يحصل بالمعاملة الصحيحة ولا يتوقف على لزومها ربما يكون شيئاً مقبولاً، ولكن الذي نريد أن نقوله:- هو أنَّ صحة المعاملة وإن كانت توجب الضرر بيد أنَّ هذا الضرر مادام يمكن إزالته وبشكلٍ بسيط من خلال الخيار بأن يقول المغبون فسخت المعاملة فيرتفع آنذاك الضرر عنه فحينئذٍ يمكن أن يدّعى أنَّ مثل هذا الضرر لا يكون مشمولاً لقاعدة نفي الضرر، بل تكون منصرفةً عنه، إذ مادام يمكن رفعه بسهولةٍ فهو في حكم عدم الضرر، وحينئذٍ يبقى حديث لا ضرر نافياً للزوم فقط.

الاشكال الخامس:- أن يقال إنَّ حديث نفي الضرر لا يقتضي تدارك الضرر إذ هو ليس حديث تدارك بل هو حديث نفي، فهو ينفي الضرر لا أنه يتدارك الضرر، وحيث إنَّ المنشأ للضرر هو لزوم العقد فيتعين بذلك نفي لزوم العقد، وأما دفع فارق الثمن فلا يثبت من خلال حديث نفي الضرر كفاية مثله، فإنَّ دفع المقدار الذي حصل فيه الغبن هذا تداركٌ للضرر وحديث نفي الضرر جاء ليرفع الضرر لا أنه يتدراك الضرر، فعلى هذا الأساس لا يمكن بحديث نفي الضرر إثبات كامل المدّعى، لأنَّ المدعى في باب خيار الغبن هو جواز الفسخ ولو دفع الغابن الفارق فحينئذٍ يكفي هذا المقدرا ولا يجوز للمغبون أن يفسخ، والحال أنَّ حديث لا ضرر لا يتكفل كفاية دفع فارق الثمن للمغبون لأنَّ دفع الفارق هو تدارك للضرر لا أنه رفعٌ للضرر من الأساس، وحديث نفي الضرر جاء ليرفع الضرر لا ليتداركه، وعلى هذا حديث نفي الضرر لا يثبت لنا كامل المدّعى، وهذا ما جاء في كلمات مصباح المنهاج حيث قال:- ( إنَّ قاعدة نفي الضرر لا تقتضي تدارك الضرر بل نفي الحكم الشرعي الموجب للضرر، وحيث كان نفوذ العقد شرعاً بنحو الزوم هو المنشأ لضرر المغبون تعيّن نفي القاعدة له دون إثبات لزوم دفع فرق الثمن له غرامةً لأنه من سنخ تدارك الضرر )[4] .

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ ما أفاده من الكبرى شيء صحيح ونسلّم به - يعني أنَّ حديث لا ضرر هو حديث نفي لا تدارك فإنه قال ( لا ضرر ) ولم يقل ادفع له ما يرتفع به الضرر، فهو ينفي الضرر من الأساس ومنشأ الضرر هو لزوم المعاملة الغبنية والرفع يصير برفع اللزوم، وأما دفع المقدار الزائد الذي حصل به الغبن فهو تدارك للضرر - ولكن نقول:- إنَّ رفع الضرر له مصداقان، فمرَّة يتحقق رفع الضرر بانتفاء لزوم المعاملة وثبوت الخيار، وأخرى يتحقق بدفع الفارق الذي تحقق به الغبن، فبالتالي الحديث يرفع الضرر إلا أن ارتفاع الضرر كما يتحقق بالفسخ يتحقق أيضاً بدفع فارق الثمن، ومعه يكون الحديث شاملاً له لا من باب أنه ناظر له ابتداءً، فإنه لو كان ناظراً له ابتداءً فسوف يلزم ما ذكره - من أنه حديث رفعٍ لا حديث تدارك - وإنما هو يرفع الضرر وأيّ طريقةٍ ترفع الضرر تكون مشمولة للحديث، وكما يتحقق الرفع بفسخ المعاملة يتحقق أيضا بدفع الفارق الذي تحقق به الغبن، وعليه فلا محذور في شمول الحديث لدفع هذا المقدار ولكن بهذا الطريق وليس بالمباشرة حتى يأتي ما أفاده.


[1] التنقيح في شرح المكاسب، تسلسل38، ص293.
[2] حاشية المكاسب، الشيخ الأصفهاني، ج4، ص43.
[3] حاشية المكاسب، الميرزا علي الايرواني، ج3، ص125، ط جديدة.
[4] مصباح المنهاج، السيد محمد سعيد الحكيم، ج3، ص312.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo