< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 130 ) ، مسقطات الخيار:- المسقط الأول – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأما الحكم الثاني- وهو أنه ليس من حق المغبون إلزام الغابن ببذل مقدار التفاوت -:- فالوجه في ذلك قد اتضح، فإنه بناءً على فكرة الشرط الضمني يكون الشرط هو إما الفسخ أو بذل التفاوت، وعلى هذا الأساس إلزام المغبون للغابن ببذل مقدار التفاوت لا وجه له، بل الأمر هو التخيير، وهذا مطلبٌ واضح.

نعم إذا قلنا إنَّ المستند لخيار الغبن هو الاجماع أو قاعدة لا ضرر فيمكن أن يقال إذا فرض أنَّ المغبون طالب الغابن بمقدار التفاوت فلا يوجد آنذاك إجماع على جواز الفسخ، فإنَّ الاجماع دليل لبّي والقدر المتيقن منه حالة ما إذا فرض أنَّ المغبون طالب بالفسخ أما إذا رفض الفسخ وأراد مقدار التفاوت فلا إجماع في مثل هذه الحالة على جواز الإلزام بالفسخ، وهكذا لو كان المستند هو قاعدة لا ضرر، فإنَّه إن المغبون طالب بمقدار الفتاوت فالضرر سوف يندفع بذلك ولا يعود دليلٌ على جواز الفسخ، إذ الضرر قد اندفع بدفع مقدار الفتاوت، فإذاً على أحد هذين المدركين قد يشكك في جواز إلزام المغبون بالفسخ بعد أن طالب المغبون بنفسه بمقدار التفاوت، فلا يجوز للغابن إلزام المغبون بالفسخ.

وأما الحكم الثالث - وهو أنه لو تصالح الطرفان على مقدار التفاوت صح ذلك :- فالدليل عليه واضح، وهو عموم قاعدة ﴿ والصلح خير ﴾[1] بنص الآية الكريمة، فإنها بإطلاقها تشمل المقام، فكل صلحٍ مادام ليس محرّماً فحينئذٍ يمكن اثبات صحته بقاعدة ﴿ والصلح خير ﴾، أى إذا ثبت من الخارج أنَّ متعلَّق الصلح محرّماً، وأما إذا لم يكن متعلَّق الصلح محرّماً فنثبت صحته ولزومه بقاعدة ﴿ والصلح خير ﴾، وبذلك يسقط الخيار إذا تصالحا على قبول مقدار الفتلاوت وسقوط خيار الفسخ.

وتوجد قضية جانبية لا بأس بالإلتفات إليها:- وهي أنَّ شرط سقوط الخيار مرةً يكون بنحو شرط الفعل، وأخرى يكون بنحو شرط النتيجة، فإذا كان بنحو شرط النتيجة فسوف يسقط الخيار بمجرّد تحقق التصالح، وأما إذا كان بنحو شرط الفعل فلا يسقط الخيار إلا بالاسقاط والانتهاء من الصلح لا يكفي في سقوط الخيار إلا أن يقول الطرف المغبون أسقط الخيار، أما من دون ذلك فلا يسقط الخيار.

ولك أن تقول:- مرةً يقول المغبون ( صالحتك مقابل بذل التفاوت على سقوط خيار الغبن )، وأخرى يقول ( صالحتك مقبل بذل التفاوت على إسقاط الخيار )، أما النحو الأول - أي إذا فرض أنَّ الصلح كان على السقوط - فهو ما يعبر عنه بشرط النتيجة، وعليه فبمجرد أن تم الصلح وقال الطرف الثاني قبلت الصلح فالخيار سوف سقط هنا رأساً، وأما النحو الثاني - أي كانت المصالحة على إسقاط خيار الغبن - فهنا إذا تمت المصالحة لا يسقط خيار الغبن، لأنَّ المتصالح عليه هو الإسقاط وليس السقوط، فلابد وأن يقول المغبون بعد تمام الصلح ( أسقطت الخيار ) وإلا فالخيار يكون باقياً ولو فعَّلهُ المغبون وقال ( فسخت المعاملة ) وقع الفسخ حينئذٍ.

 

= قال(قده):- يسقط الخيار المذكور بأمور:-

الأمر الأول:- إسقاطه بعد العقد وإن كان قبل ظهور الغبن. ولو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فإن كان التفاوت بالأقل ملحوظأً قيداً بطل الاسقاط وإن كان ملحوظاً من قبيل الداعي كما هو الغالب صح. وكذا الحال لو صالحه عليه بمال.

..........................................................................................................

تشتمل الأمر الأول من هذا المتن على أربعة أحكام:-

الحكم الأول:- يسقط خيار الغبن بإسقاطه من قبل المغبون بعد العقد.

الحكم الثاني:- إنَّ خيار الغبن يسقط بإسقاطه من قبل المغبون حتى لو كان الاسقاط قبل ظهور الغبن.

الحكم الثالث:- لو أسقطه باعتقاد أنَّ التفاوت قليلاً ثم تبين أنه كثير فإن كانت القلَّة ملحوظة بنحو القيدية فحينئذٍ لا يسقط الخيار، وإن كانت مأخوذة بنحو الداعي فحينئذٍ يسقط الخيار.

الحكم الرابع:- لو تحقق الاسقاط بنحو المحصالحة في مقابل مال[2] فالكلام هو الكلام، يعني إن كان التفاوت بنحو القلّة قد أخذ بنحو القيدية فلا يسقط الخيار، وإن أخذ بنحو الداعي فسوف يسقط الخيار.

أما الحكم الأول:- فالدليل عليه مركب من مقدمتين:-

المقدمة الأولى:- إنَّ خيار الغبن حق للمغبون وليس حكماً شرعياً.

المقدمة الثانية:- إنَّ كل حق قابل للإسقاط.

أما المقدمة الثانية:- فأمرها واضح، فإنَّ الحق إذا لم يقبل الإسقاط لم يكن حقاً، وبكلمة أخرى:- إنَّ اللازم الذاتي للحق هو قابلية الإسقاط، فنقول هذا حقٌّ أو يحكم بكونه حقاً يعني أنَّ أمره بيد صاحبه فيمكنه إسقاطه ويمكنه إبقاءه، كما لو كنت جاساً في مكانٍ في المسجد فيقال إنَّ الجلوس في هذا المكان حق لك فتتمكن أن تقوم عنه وتتتركه لغيرك كما تتمكن أن تبقى فيه متى تشاء، فإذاً هذه الكبرى واضحة.


[2] وفرق هذا الحكم عن السابق أن السابق أنه صالحة على إسقاط الخيار من دون مال وأما هنا فهو اسقطه في مقابل مال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo