< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسقط الأول - مسقطات الخيار – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأما المقدمة الأولى:- وهي الصغرى، وهي أنَّ خيار الغبن حقٌّ، فيمكن أن يستدل عليها ببيانين:-

البيان الأول:- فكرة الشرط الضمني التي تمسكنا بها فيما سبق لاثبات خيار الغبن، فإنَّ المشترط بين المتعاقدين بنحو الضمنية هو ثبوت خيار الغبن في الفسخ لو اتضح الغبن وبنحوٍ لو أراد المغبون أن يتنازل عنه فله حق التنازل، وهذا المعنى مأخوذ كجزءٍ من الشرط الضمني، ومادام كذلك فيثبت أنَّ خيار الغبن حقٌّ.

البيان الثاني:- الارتكاز العقلائي، فإنَّ المرتكر بين العقلاء في زماننا أنَّ خيار الغبن هو حقٌّ - يعني يصح للمغبون أن يطالب بالخيار كما يصح له أن يسقطه - وحيث لا نحتمل أنَّ هذا الارتكاو قد ثبت لعقلاء زماننا فقط بل هو ثابت لعقلاء الفترة السابقة بل والفترة الأسبق عليها إلى أن نصل إلى زمان المعصوم عليه السلام - فإنَّ المرتكزات العقلائية تكون موحدة عادةً - فنقول كان المرتكز في أذهان العقلاء في عصر المعصوم عليه السلام هو ثبوت خيار الغبن بنحو كونه حقاً - ريعني لو أراد ساقاطه فمن حقه ذلك - فإذا كان هذا الارتكاز ثابتاً في أذهان العقلاء في الفترة المعاصرة للمعصوم عليه السلام فحيث إنَّه لم يردع عنه فيدل ذلك على إمضائه.

وبذلك أثبتنا أنَّ خيار الغبن هو حقٌّ، فالصغرى قد أثبتناها ببيانين، كما أنَّ الكبرى - وهي أنَّ كل حق يقبل الاسقاط - واضحة ولا تحتاج إلى اثبات لأنَّ قابلية الإسقاط مقوّمة لكونه حقاً، وبذلك ثبت أنَّ خيار الغبن حقٌّ.

وأما الحكم الثاني[1] فالوجه في ذلك نفس ما سبق من البيانين:-

فيمكن التمسك بالبيان الأول وذلك بأن يقال:- إنَّ الشرط الضمني الثابت بين المتعاقدين هو أنَّ المغبون له خيار الغبن وبنحوٍ لو أراد إسقاطه لسقط حتى قبل ظهور الغبن فهذا هو المشترط ضمناً بين المتعاقدين، وعلى هذا الأساس لا نحتاج إلى دليلٍ خاص بعدما كان ذلك جزءاً من المشترط الضمني.

كما يمكن التمسك بالبيان الثاني وذلك بأن يقال:- إنَّ المرتكز في أذهان العقلاء هو أنَّ المغبون له خيار الغبن وله حق إسقاطه، وهذا الحق في الاسقاط ثبات حتى قبل ظهور الغبن فإنَّ هذا جزء من المرتكزات العقلائية، ولذلك ترى العقلاء حينما يتعاقدون يقول أحدهما للآخر بعتك كذا بكذا بشرط إسقاط جيمع الخيارات يعني بما في ذلك خيار الغبن والحال أنه لم يتضح وجود غبن بَعدُ، فإذاً هذا جزء من المرتكز العقلائي وقد قلنا إنَّ هذا المرتكز العقلائي ثابت قبل هؤلاء العقلاء وإنما هو ثابت حتى في عصر المعصوم عليه السلام، وحيث إنَّ المعصوم عليه السلام سكت عنه ولم يردع فيدل ذلك على إمضائه. فإذاً الحكم الثاني ثبت نبفس أدلة الحكم الأول.

وأما الحكم الثالث[2] :- فقد قال الشيخ الأعظم(قده) في البداية إنَّ في سقوط خيار الغبن إشكال، ثم بعد ذلك أبرز احتمالين السقوط وعدم السقوط، ثم ختم الموضوع ولم يبيّن أكثر من ذلك، قال:- ( ولو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فظهر مائة ففي السقوط إشكال، من عدم طيب نفسه بسقوط هذا المقدار من الحق، ... ومن أنَّ الخيار أمرٌ واحدٌ مسبَّبٌ عن مطلق التفاوت الذي لا يتسامح به ولا تعدد فيه فيسقط بمجرَّد الاسقاط )[3] .


[1] وهو أنَّ خيار الغبن يسقط بالاسقاط حتى قبل ظهور الغبن.
[2] وهو أنَّه لو أسقط الخيار باعتقاد أن مقدار التفاوت كثيراً ثم اتضح أن التفاوت أكثر ففي مثل هذه الحالة مرة يؤخذ بنحو القيدية وأخرى يؤخذ بنحو الداعوية فإن كان بنحو القيدية فالخيار لا يسقط آنذاك لأنه أسقطه بشرط أن يكون التفاوت كثيراً لا أن يكون أكثر وقد اتضح أنه أكثر فهنا حكم السيد الماتن بأنه لا يسقط الخيار آنذاك.
[3] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج5، ص180.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo