< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسقط الأول - مسقطات الخيار – الفصل الرابع ( الخيارات ).

هذا وقد ذكر الشيخ النائيني(قده) مطلباً في هذا المجال ويوجد في بيانه إغلاق وفي مقام توضيحه نقول:- إنه ذكر مقدمتان لابد من الالتفات إليهما في البداية:-

المقدمة الأولى:- إنَّ الخيار أمرٌ وحداني لا تعدد فيه، فمثلاً خيار الغبن لا يتعدد سواء كان الغبن بهذه الدرجة أو بدرجةٍ أعلى منها أو بدرجةٍ أشد وإنما يبقى واحداً ولا يتعدد بتعدد مراتب الغبن والتفاوت، وقد ذكر هذه المقدمة من دون أن يستدل عليها وكأن المطلب واضح.

المقدمة الثانية:- إنَّ الانشاء لا يقبل التعليق، يعني إذا أراد المشتري المغبون إنشاء اسقاط الخيار فلا يمكنه أن يقيد هذا الانشاء بما إذا كان التفاوت يسيراً فإنَّ إنشاء الاسقاط وكل إنشاءٍ لا يقبل التعليق، وإنما يدور أمر الانشاء بين الوجود والعدم أما الوجود المعلَّق فهو شيء مرفوض.

وحينئذٍ يقال:- إذا كان الخيار واحداً بمقتضى الأمر الأول ولا يتعدد بتعدد التفاوت فحينئذٍ لا معنى لتقييد إسقاطه بما إذا كان التفاوت غير فاحش - يعني يقول المغبون إذا لم يكن فاحشاً فأنا اسقطه وإذا كان فاحشاً فأنا لا أسقطه - ولا يمكن ذلك فإنَّ الخيار إما أن يسقط أو لا يسقط أما أنه يسقطه إذا كان التفاوت غير فاحشٍ ولا يسقطه إذا كان التفوت فاحشاً فهذا خلف فرض كون الخيار واحداً، فإنه إذا كان واحداً فهو إما أن يسقط رأساً أو لا يسقط أما أنه يسقط على تقديرٍ دون تقدير فهذا خلف كونه واحداً، وأما إذا قلنا بأنَّ الخيار متعدد يعني أنَّ الخيار الناشي من التفاوت القليل هو مرتبة من الخيار وفردٌ منه والناشئ من التفاوت الكثير هو فردٌ ثانٍ فهنا يمكن للمغبون أن يقول أسقطت الأول دون الثاني وهذا شيء وجيه، أما بعد كون الخيار واحداً ولا تعدد فيه بتعدد درجة التفاوت فلا معنى لتقييد سقوطه بما إذا كان التفاوت ليس فاحشاً فيسقط وبما إذا كان التفاوت فاحشاً فلا يسقط فإنَّ هذا خلف كون الخيار واحداً.

إن قلت:- صحيح أنَّ الخيار واحد ولا تعدد فيه ولكن التقييد لا يكون للخيار الساقط وإنما يكون التقييد في إنشاء السقوط، فأنا أنشئ سقوط الخيار إذا كان التفاوت يسيراً، فقيد ( إذا كان التفاوت يسيراً ) راجعٌ إلى إنشاء سقوط الخيار لا إلى نفس الخيار حتى يقال إنَّ الخيار واحد ولا تعدد فيه.

والجواب واضح حيث يقال:- إنَّ الانشاء لا يقبل التعليق، وعليه فلا يمكن تقييد نفس الخيار الساقط بما إذا كان ناشئاً من التفاوت اليسير، لأنَّ المفروض عدم التعدد في الخيار، كما لا يمكن أن يكون هذا التقييد راجعاً إلى إنشاء السقوط فإنَّ الانشاء لا يقبل التقييد والتعليق.

والنتيجة:- هي أنَّ المورد من موارد تخلف الداعي وليس من موارد التقييد، وهو نظير من توضأ باعتقاد أنه محدثٌ بالنوم ثم اتضح أنه محدثٌ بسبب البول فهنا يقع وضوؤه صحيحاً ولا يكون المورد من موارد التقييد وإنما يكون من موارد تخلف الداعي، فيقع الوضوء صحيحاً، يعني أنا لم أقيد وضوئي بشرط أن يكون الحدث من النوم وإذا لم يكن من النوم وكان من البول فلا أريده، وإنما الوضوء واحدٌ لكن الداوعي مختلفة، فالمورد يكون من موارد تخلف الداعي وليس من موارد التقييد، وكذلك الحال في محل كلامنا، فإنه بعدما كان الخيار واحداً ولا تعدد فيه وأيضاً بعد فرض أنَّ إنشاء سقوط الخيار لا يقبل التعليق فسوف يكون المورد من موارد تخلّف الداعي، يعني أنا أسقطت الخيار من غير تقييدٍ لا للخيار ولا لإنشاء الاسقاط وإنما الداعي لذلك هو تصوّر أنَّ التفاوت ليس بفاحش ثم تبين أنه فاحش، فالمورد يكون من موارد تخلّف الداعي، وبناءً عليه يكون الخيار ساقطاً حتى لو كان التفاوت فاحشاً، قال:- ( وبالجملة إذا لم يكن سبب الخيار إلا أمراً واحداً ولم يكن نفس المسبَّب إلا أمراً بسيطاً فليس اعتقاد مرتبة إلا من قبيل الداعي بحيث لو قيُّد الاسقاط بهذه المرتبة لبطل من جهة التعليق في المنشأ فبدون إرجاعه إلى تقييد المنشأ لا وجه لبطلانه ومقتضاه سقوط الخيار )[1] .


[1] منية الطالب، النائيني، ج3، ص131.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo