< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسقط الثاني - مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

المسقط الثاني لخيار الغبن:- قال السيد الماتن(قده) :- ( اشتراط سقوطه في متن العقد. وإذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنه مائة جرى فيه التفصيل السابق ).

..........................................................................................................

يشتمل المتن على حكمين:-

الحكم الأول:- إنَّ خيار الغبن كما يسقط بإسقاطه بعد العقد يسقط أيضاً في اشتراط سقوطه في متن العقد.

الحكم الثاني:- لو فرض أنه اشترط سقوط خيار الغبن في متن العقد ولكن باعتقاد أنَّ الغبن بمقدارٍ فاحشٍ فتبيَّن أنه أفحش.

ونحن نقدّم كلامنا عن الحكم الثاني لاختصار الحديث فيه، ثم نتكلم في الحكم الأول:-

أما الحكم الأول:- فقد أجاب السيد الماتن(قده) بأنَّ الكلام هنا هو الكلام في المسقط الأول.

وقد ذكرنا في المسقط الأول أنه لو أسقطه بعد العقد باعتقاد أنَّ التفاوت فاحش فتبيَّن أنه أفحش فالسيد الماتن(قده) تبعاً لجماعة قال بعدم سقوط الخيار.

ولكن نقلنا عن الشيخ النائيني(قده) في منية الطالب أنه يسقط، وقد استعان لاثبات ذلك بمقدمتين، الأولى إنَّ خيار الغبن واحد لا تعدد فيه بتعدد مراتب الغبن، والثانية إنَّ إنشاء سقوط الخيار أو إنشاء اسقاطه لا يقبل التعليق فإنَّ الانشاء لا يقبل التعليق، وبناءً على هذا يكون قيد ( بشرط أن يكون التفاوت فاحشاً لا أفحش ) هل هو قيد للخيار يعني يريد أن يقول إنَّ خيار الغبن الناشئ من الغبن الفاحش أسقطه وأما الناشئ من الأفحش فلا أسقطه فهذا يلزم منه تعدد الخيار وقد قلنا إنَّ الخيار واحدٌ لا تعدد فيه، وحينئذٍ قد يقترح أن نرجع القيد إلى إنشاء اسقاط الخيار أو سقوط الخيار وليس إلى نفس الخيار، يعني أنا أنشئ سقوط خيار الغبن على أن يكون الغبن ليس أفحش، فأجاب وقال إنَّ الاجماع قائم على أنَّ الإنشاء لا يقبل التعليق والتقييد، فإذاً قيد ( أن لا يكون أفحش ) لا يمكن أن يرجع إلى نفس الخيار لوحدته ولا إلى إنشاء اسقاطه فإن الانشاء لا يقبل التعليق والتقييد، فيتعين أن يكون المورد من الداعي، يعني هو يسقط الخيار بداعي أنه فاحش، فالمورد من قبيل الداعي وليس من مورد القيد والتقييد وإلا يلزم تعدد الخيار أو تعليق الانشاء وكلاهما باطل، وهو نظير من يتوضأ باعتقاد أنه محدثٌ بالنوم ثم تبيَّن أنه محدثٌ بالبول فوضوؤه هنا يقع صحيحاً، ولا يكون المورد من التقييد بل يكون من مورد تخلف الداعي، وهنا الأمر كذلك فإنه سوف يقع اسقاط الخيار صحيحاً لأنَّ المورد من قبيل الداعي وليس من قبيل التقييد.

والذي نريد أن نقوله:- هو أنَّ نفس كلام الشيخ النائيني(قده) السابق يأتي هنا أيضاً، وما علّقنا به عليه سابقاً يأتي هنا أيضاً.

وأما الحكم الأول:- فهذا الحكم يوجد فيه كلامان:-

الكلام الأول:- ما هو التوجيه الفنّي لسقوط خيار الغبن بإسقاطه في متن العقد؟، وبكلمة أخرى:- نحن نسلَّم بوجداننا أنه يسقط إذا اشترطا أسقاطه في متن العقد، ولكن ما هو التكييف الفني لذلك؟

وفي توضيح ذلك نقول:- إن بنينا على فكرة الشرط الضمني في مستند خيار الغبن فالأمر واضح، فإنه مع اشتراط سقوطه في متن العقد لا يكون هناك شرط ضمني بين البائع والمشتري على ثبوت خيار الغبن، وأما إذا كان المستند شيئاً آخر من قبيل قاعدة لا ضرر أو الروايات الخاصة كروايات النهي عن تلقّي الركبان أو غير ذلك فحينئذٍ نقول صحيح أنَّ لا ضرر مثلاً تثبت خيار الغبن للمغبون بيد أنَّ هذا الخيار ثابت بنحو كونه حقّاً يقبل الاسقاط، والظاهر أنَّ هذا من السملّمات ولا يخالف فيه أحد، وارتكاز السيرة على ذلك، فحينئذٍ لا محذور في اشتراط سقوطه في متن العقد بعد كونه حقاً ويشمله عموم ( المؤمنون عند شروطهم ).

إن قلت:- إنَّ هذا لا يخلو من تطويل، وإنما قل نتمسك بعموم ( المؤمون عند شروطهم ) من البداية؟

قلت:- إنَّ عموم ( المؤمنون عند شروطهم ) هو يثبت الزوم الشرط الذي يكون قابلاً لأن يكون صحيحاً في حدّ نفسه، فإذا فرض أنَّ خيار الغبن لم يكن حقاً وإنما كان حكماً فهو لا يقبل الاسقاط وإنما يبقى لازماً حتى ول اشترط سقوطه.

اللهم إلا أن يقال:- إنَّ حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) يثبت صحة كل شرط من دون حاجةٍ إلى كلامٍ مسبق إلا ما خرج بالدليل- وقد يكون لهذه الدعوى شيء من الوجاهة - فبناءً عليه لا حاجة حينئذٍ لاثبات الحقية في مرحلةٍ مسبقةٍ، فنقول العموم يشمل هذا المورد إلا إذا خرج بالدليل، وحيث إنَّ خيار الغبن لم يخرج بالدليل وأنه لا يسقط بالاشتراط فالعموم يكون شاملاً له.

الكلام الثاني:- هناك مطلب للشهيد الأول(قده) في دروسه[1] ، فإنه قال:- إذا أسقط خيار الغبن يلزم بذلك صيرورة البيع غررياً، وكأنه يعتقد - وإن لم يصرح به - بأنَّ الغرر يزول بواسطة خيار الغبن فإذا اشترط سقوط خيار الغبن يلزم من ذلك الغرر في البيع، فيقع البيع باطلاً.

والاشكال عليه واضح:- فإنَّ العوضين يعرف مقدارهما وهما مضبوطان بالكيل أو الوزن، وإلا سوف يكون البيع فاسداً من باب عدم معلومية مقدار العوضين، فنحن لابد وأن نفترض أنَّ العوضين قد ضبطا من حيث المقدار، وبعد فرض مضبوطيتهما كيف يحصل الغرر إذا أسقطنا خيار الغبن؟!!

إلا أن يدافع مدافع ويقول:- إنَّ الوجه في الغررية هو عدم ضبط مقدار المالية للعوضين، فالذي ليس بمضبوط هو مقدار المالية والقيمة لا مقدار الوزن والكيل، ولعل الشهيد الأول(قده) يقصد هذا المعنى، فأنا أحيانأً أذهب إلى السوق أشتري حاجةً كالسكّر فوزنها مضبوط والثمن مضبوط أيضاً كعشرة دنانير، فهنا العوضان مضبوطان من حيث الكيل والوزن، ولكن قيمة الخمسين كيلو من السكّر وماليته في السوق قد لا أعرفها، فلعل الشهيد الأول(قده) يقصد هذا المعنى.


[1] الدروس، الشهيد الأول، ج3، ص276، ط جديدة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo