< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسقط الثاني - مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وفي مقام التعليق نقول: -

أولاً:- إنه ليس من شرائط صحة المعاملة ضبط مالية العوضين بعد ضبط مقدار العوضين كيلاً أو وزناً أو عدداً وإلا يلزم وقوع أكثر معاملاتنا باطلة، إذ نحن لا نعلم بمقدار المالية، وإنما الذي نعلم به هو ضبط العوضين كيلاً أو وزناً أو عدداً، أما مالية الشيء فقد لا نعرفها، فحينما نقدم على شراء دارٍ أو سيارة أو أيّ شيء آخر فنحن لا نضبط مالية الدار، نعم نحن نضبط أوصافها بأنها دار لها مساحة كذا ولها أوصاف كذا وكذا أما قيمتها - التي يعبَّر عنها بالمالية - فهذا لا يعرفه إلا المعمار أو المهندس مثلاً، فيلزم انحصار صحة البيع بذاك المعمار أو المهندس لأنه يعرف المالية أما بقيَّة بيوعنا فكلّها سوف تصير باطلة، وهذا غير محتمل، فإنَّ القول ببطلان جميع بيوع الناس على مرّ الزمن من زمن الأئمة عليهم السلام إلى زماننا لعدم ضبط المالية شيء غير محتمل

ثانياً: - إنَّ الغرر إذا كان ثابتاً حقاً بسبب الجهل بالمالية فنقول إنَّ خيار الغبن لا يرفع هذا الغرر والجهل، وحينئذٍ يبقى هذا الغرر على حاله وإلا يلزم محذور إمكان تصحيح جميع المعاملات الغررية بواسطة اشتراط الخيار، كالبيع من خلال صخرةٍ وزنها مجهول، فيلزم أن يكون البيع هنا صحيحاً إذا اشترطنا ثبوت الخيار، حيث إنَّ الغرر على رأي الشهيد الأول(قده) سوف يرتفع هنا، وهذا أمرٌ لا يمكن الالتزام به أيضاً.

وربما يظهر من الشيخ الأعظم(قده) نفس ما أشرنا إليه من الإيرادين[1] .

بيد أنَّ السيد الخوئي(قده) ناقش بما حاصله[2] :- نسلّم أنَّ البيع كثيراً ما يكون مع الجهل بالقيمة السوقية للشيء ولكن لا نقول بغررية المعاملة وذلك من جهة وجود شرطٍ ارتكازي، وهو اعتبار تساوي العوضين من حيث القيمة - أي المالية -، وهذا شرطٌ عقلائيٌ موجودٌ ولكن قد لا يُصرَّح به لوضوحه، فالمشتري يشتري رغم الجهل بمقدار القيمة ولا ينقض على ذلك كما ذكرنا بلزوم بطلان الكثير من بيوعنا لأننا نضبط الكيل والوزن والمقدار ولا نعرف مقدار المالية، وإنما هناك شرط ارتكازي مضمرٌ والحكم بصحة البيع هو بسبب هذا الشرط الارتكازي، وحينئذٍ نقول إذا اشترطا سقوط خيار الغبن في متن المعاملة فذلك يعني رفع اليد عن هذا الشرط الارتكازي - وهو شرط التساوي في القيمة والمالية - فيلزم من ذلك الغرر وبطلان المعاملة.

هكذا ذكر في مقام الدفاع عن الشهيد الأول(قده) في مقابل ما يظهر من الشيخ الأعظم(قده).

ويرد عليه: - إنَّ كثيراً ما يُقدِم العقلاء على المعاملة من دون هذا الشرط الذي ادّعى أنه ارتكازي، كما لو فرض أني أردت أن اشتري داراً فنتفق أنا والبائع على سعرها وحين إجراء المعاملة يقول البائع بعتك هذه الدار بثمن كذا بشرط اسقاط جميع الخيارات والتي منها خيار الغبن، وهذه طريقة متعارفة موجودة على مرَّ العصور، ولازم اسقاط جميع الخيارات هو رفع اليد عن الشرط الارتكازي وهو التساوي بين العوضين من حيث القيمة والمالية، وعليه فلا معنى لما أفاده.

هذا بالنسبة إلى ما أفاده في ردّ الأمر الأول الذي أورده الشيخ الأعظم(قده) في ردّ الشهيد الأول(قده).

وأما ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) كردٍّ ثانٍ من أنَّ خيار الغبن هو لا يرفع الغرر وإنما الخيار يأتي في المعاملة التي هي صحيحة في نفسها لا أنه بواسطة خيار الغبن يرتفع الغرر وإلا يلزم صحة جميع المعاملات الغررية بشرط ثبوت الخيار وهذا لا يمكن الالتزام به فقد أجاب عنه السيد الخوئي(قده) بما حاصله[3] :- إنَّ ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) يتم فيما إذا كان الخيار مجعولاً شرعاً كخيار المجلس وخيار الحيوان، ولا يتم في الخيار الذي يجعله المتعاقدان كخيار الغبن، فإنه توجد خيارات مجعولة من قبل نفس المتعاقدين كاشتراط تساوي العوضين من حيث المالية، فإنَّ هذا شرطٌ من قبل المتعاقدين وهو الذي يترتب عليه ثبوت خيار الغبن إذا فرض اتضاح عدم التساوي من حيث المالية بفرقٍ شاسع، فمثل هذا الخيار يصير رافعاً للغرر.


[2] محاضرات في الفقه الجعفري، الخوئي، ج4، ص272.
[3] تراث السيد الخوئي ( التنقيح في شرح المكاسب )، الخوئي، ج38، ص344.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo