< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - اشكالات على اشتراط سقوط خيار الغبن - المسقط الثاني( اشتراط سقوطه في متن العقد ) - مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

إشكالات على اشتراط سقوط خيار الغبن: -

هذه الاشكالات قد لا تختص بخيار الغبن بل تعم اشتراط سقوط بقية الخيارات أيضاً، كاشتراط سقوط خيار المجلس، أو خيار الحيوان، أو ما شاكل ذلك، والاشكال متعددة نذكر اثنين منها: -

الاشكال الأول: - إنَّ اشتراط سقوط الخيار في متن العقد هو من قبيل اسقاط ما لم يجب وهو مستحيل، وكلمة ( يجب) هنا بمعنى يثبت، يعني اشتراط سقوط الخيار في متن العقد هو اشتراطٌ لسقوط الشيء قبل ثبوته، وهذا مستحيل فإنَّ الشيء إذا لم يكن ثابتاً كيف يمكن إسقاطه، فإنَّ السقوط أو الاسقاط هو فرع الثبوت، وخيار الغبن إنما يثبت بعد تمامية العقد، أما قبل تماميته فلا ثبوت له حتى يشترط سقوطه، فيكون المورد من قبيل أسقاط الشيء قبل ثبوته وهو باطل.

ويمكن أن نجيب عن هذا الاشكال بثلاثة أجوبة: -

الجواب الأول:- إنَّ المورد ليس من قبيل الاسقاط أو السقوط حتى يقال إنَّ السقوط والاسقاط فرع ثبوت الخيار، وإنما هو من قبيل اشتراط عدم الثبوت، فالتعبير بالإسقاط فيه نحوٌ من المجازية، فالطرف يقول بعتك أو اشتريت بشرط اسقاط الخيار أو سقوطه ولكن هنا عبر بالسقوط أو الاسقاط مجازاً وإلا فالمقصود هو عدم الثبوت، ومادام هذا هو المقصود فلا محذور فيه، فإنَّ المحذور لو كان ثابتاً فهو في إسقاط الشيء قبل ثبوته - يعني اسقاط الخيار قبل ثبوته – فلو كان كذلك فحينئذٍ يقال إنَّ إسقاط الشيء فرع ثبوته، أما إذا كان المقصود من الاسقاط هو التعبير المجازي - وهو أنَّ المقصود هو عدم الثبوت - فحينئذٍ لا يأتي هذا الاشكال، لإنَّ عدم ثبوت الشيء ليس فرع ثبوت الشيء.

وهذا الجواب وجيهٌ ووجداني.

إن قلت: - إنَّ كون المقصود من اشتراط سقوط الخيار هو عدم ثبوته هي مجرّد دعوى تحتاج إلى اثبات؟

قلت: - إنَّ واقع الحال والوجدان يقضيان بذلك من دون حاجة إلى اقامة المثبت، فأنت حينما تبيع شيئاً وتشترط على المشتري سقوط جميع الخيارات - أو بعضها - فأنت تقصد من ذلك عدم الثبوت لا السقوط بالمعنى الاصطلاحي، وهذا أمرٌ وجدانيٌ لا تأمل فيه.

الجواب الثاني: - إنَّ اسقاط ما لم يجب هو غير معقول في موارد خاصة، من قبيل اسقاط قضاء الدين قبل ثبوته، فمثلاً أقول لفلان أني أسقطت عنك وجوب قضاء الدين الآن إذا أقرضتك فيما بعد، فهذا الاسقاط مرفوض وهو غير عقلائي، أما إذا كان المقصود هو عدم الثبوت لا الاسقاط فذلك شيء عقلائي، فلو اشترطت سقوط خيار الغبن قبل أن يثبت الغبن فهو شيء عقلائي ومقبول.

نعم قد يقال: - إنه لا يقف أمام هذا إلا دعوى الاجماع، حيث يقال هناك إجماع على عدم جواز التعليق في العقود، فيكون ذلك الاشتراط باطلاً من جهة التعليق.

ولكن نقول: - إنه حتى لو سلّمنا بالاجماع على بطلان التعليق في العقود ولكن القدر المتيقن من الاجماع هو التعليق في نفس العقد، وهنا التعليق إنما هو شيءٍ من توابع العقد - وهو خيار الغبن - لا في نفس العقد، فلا يكون مشمولاً للاجماع.

الجواب الثالث:- إنه حتى لو سلّمنا أنَّ التعليق لا يجوز حتى في توابع العقد ولا يختص بنفس العقد ولكن نقول:- إنَّ باطل هو فيما إذا كان التعليق في التابع تعليقاً على شيءٍ أجنبيٍ، مثل أن يقول البائع بعتك كذا بثمن كذا بشرط سقوط الخيار إن طلعت الشمس، فيعلّق سقوط الخيار على طلوع الشمس، فهنا يقال إنَّ الاجماع شامل لمثل هذه الحالة، أما إذا كان التعليق ليس على أجنبي وإنما كان تعليقاً معقولاً بأن يقول البائع بعتك هذا الشيء بكذا بشرط سقوط خيار الغبن إن كان ثابتاً فهذا شرط عقلائي مقبول ومثله لا يكون مشمولاً للاجماع حتى لو سلَّمنا أنَّ الاجماع عامٌّ لتوابع العقد ولا يختص بالعليق في نفس العقد، إذ نقول إنَّ القدر المتيقن من الاجماع هو التعليق في التابع على شيء أجنبي، أما أن يكون التعليق بهذا النحو - أي بشرط سقوط خيار الغبن إذا كان ثباتاً - فهذا لا يجزم بشمول الاجماع له.

الاشكال الثاني: - محذور الدور، وذلك بأن يقال: - إنَّ لزوم الشرط فرع لزوم العقد، إذ لو لم يكن العقد لازماً كيف يكون الشرط لازماً؟!!، لأنه لو كان الشرط لازماً من دون لزوم العقد للزم زيادة الفرع على الأصل، بل لو كان العقد ليس بلازم فبالأولى يكون شرطه ليس لازماً.

فهنا توجد مقدمتان: -

الأولى: - إنَّ لزوم الشرط فرع لزوم العقد.

الثانية: - إنَّ لزوم العقد موقوفٌ على لزوم الشرط وإلا لم يكن الشرط لازماً، إذ يمكن فسخ العقد وبالتالي يزول الشرط.

وبذلك يلزم الدور، فإنَّ لزوم العقد موقوفٌ على لزوم العقد.

وكلتا المقدمتين قابلتان للمناقشة: -

أما المقدمة الأولى: - فيمكن أن يقال: إنَّ لزوم الشرط ليس موقوفاً على لزوم العقد بل هو موقوف على صحة العقد لا أكثر لما ذكرنا من أنَّ العقد إذا كان صحيحاً فالشرط يكون واقعاً في العقد الصحيح، وإذا كان واقعاً في العقد الصحيح شمله آنذاك حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) ووجب الوفاء به وكان لازماً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo