< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 131 ) - المسقط الثالث من مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأما لو تصرف المغبون قبل العلم بالغبن:- ففي البداية لا بأس أن نلتفت إلى هذه القضية، وهي أنه ما هو الحكم المشهور في هذه الحالة؟ قال الشيخ الأعظم(قده):- ( إنَّ المشهور بين المتأخرين سقوط الخيار به )[1] ، ولكن في عبارة المنهاج ذكر السيد الماتن(قده) أنَّ المشهور عدم سقوط الخيار - ولم يقل بين المتأخرين -، ونحن ذكرنا هذا من باب ببيان الواقع، فإنَّ الشيخ الأعظم(قده) يدعي أنَّ المشهور ين المتأخرين سقوط الخيار به، بينما السيد الماتن(قده) قال المشهور عدم سقوط الخيار به.

والمناسب هو التفصيل بحسب المدرك لخيار الغبن:- فإن كان المدرك هو الاجماع المدّعى فالمناسب فيه الاقتصار على القدر المتيقن، وهو حالة عدم التصرف أبداً لا قبل العلم بالغبن ولا بعد العلم به، وإن كان المدرك هو قاعدة لا ضرر فالمناسب ثبوت الخيار، فإنَّ الضرر موجودٌ حتى بعد التصرف، إذ مادام المغبون المتصرف لا يعلم بكونه مغبوناً ولا إقدام له على الضرر فلا علم له وإقدام، ومعه لا يمكن أن يقال إنَّ لا ضرر تختص بحالة عدم الإقدام أو عدم العلم بالضرر فإن هذا لا يورد هنا، لأنَّ المفروض أنَّ المغبون جاهلٌ بالغبن، فهو تصرف في العين وهو جاهلٌ بالغبن، فيكون الضرر باقياً ولا ضرر تكون شاملةً له بعد عدم الإقدام وعدم العلم بالضرر، وإن كان المدرك هو الشرط الضمني فالمناسب بقاء الخيار أيضاً، فإنَّ المشتَرَط ارتكازاً بين المتعاقدين هو أنَّ المغبون له الحق في أن يرجع مادام لم يعلم بالغبن ولم يصدر منه التصرف بعد العلم بالغبن، أما إذا كان لا يعلم بالغبن وصدر منه التصرف فالاشتراط الضمني يمتد إليه ويكون الخيار باقياً فإنَّ العقلاء هكذا عادةً ويكون الخيار باقياً، فالاشتراط الضمني لا يختص بحالة عدم التصرف وإنما يع محالة التصرف مادام المبغون جاهلاً بالغبن، نعم إذا كان عالماً بالغبن فهنا لا يشمله الشرط الضمني، أما إذا كان جاهلاً فالشرط الضمني يشمله حتى لو صدر التصرف مادام ذلك حاصلاً في حالة الجهل، وعليه فالمناسب ثبوت الخيار بناءً على فكرة الشرط الضمني في حالة تصرّف المغبون قبل العلم بالغبن.

وتوجد قضيتان جانبيتان حول المتن الذي ذكره السيد الماتن:-

القضية الأولى:- إنه قال:- ( الثالث تصرف المغبون تصرفاً يدل على الالتزم بالعقد هذا إذا كان بعد العلم بالغبن أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به ولا يخلو من تأمل )، فالمناسب هنا عدم التعرض إلى قول المشهور ثم اختيار رأيه فيما بعد فإنَّ هذا لا يتانسب مع الرسالة العملية، وإنما هذا يتناسب مع الكتب الفقهية الاستدلالية.

القضية الثانية:- إنه حينما أراد أن يبين الرأي الصحيح لم يبينه بشكلٍ مباشر وإنما قال:- ( فالمشهور عدم السقوط به ولا يخلو من تأمل بل البناء على السقوط به لوكان دالاً على الالتزام بالعقد لا يخلو من وجه نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به )، وكان المناسب أن يذكر حالة الجهل أولاً ويقتصر عليها من دون حاجة إلى ذكر الشق الآخر، أو أنه أنه يذكر الشق الآخر بعد ذكر الحالة المغالبة - وهي حالة الجهل - فتصير العبارة هكذا:- ( فالمشهور عدم السقوط به، وهو المناسب فيما إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن ).

 

مسألة:- (131 ):- إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كان المبيع موجودا عند المشتري استرده منه، وإن كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، إن كان مثليا، وبقيمته إن كان قيميا، وإن وجده معيبا بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب، وأن وجده خارجا عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع والهبة المعوضة أو لذي الرحم، فالظاهر أنه بحكم التالف فيرجع‌ عليه بالمثل أو القيمة وليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها، بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة والبيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ وإرجاع العين، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون‌ نعم لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل وجب إرجاعها إليه‌ وأولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق وأن يكون بعقد جديد، فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون ولا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة،و إذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها، بل يدفع العين وأرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدَّة الإجارة.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على أحكامٍ عشرة، أو أنها تستمل على حكم واحدٍ له عشرة فروع:-

الحكم الأول:- إذا كان البائع هو المغبون وفسخ العقد وكان المبيع موجوداً عند المشتري، فالظاهر أنه يسترده منه من دون إشكال.


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج5، ص187.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo