< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 131 ) إذا كان البائع مغبوناً وفسخ المعاملة - المسقط الثالث من مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

الفرع الرابع:- ما إذا فسخ البائع المعاملة ووجد المبيع خارجاً عن ملك المشتري بعقدٍ لازم فالمناسب الانتقال إلى البدل من المثل أو القيمة، لفرض أنَّ العقد لازمٌ، وبعد لزومه لا يمكن فسخه، فينتقل آنذاك إلى البدل من المثل أو القيمة، والفرض أن هذا التصرَّف من قبل المشتري الغابن صحيحٌ لأنه وقع قبل فسخ البائع المغبون، ففي مثل هذه الحالة يتعين المصير إلى البدل من المثل أو القيمة كما صار إليه السيد الماتن حيث قال:- ( وإن وجده خارجاً عن ملك المشتري بان نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع أو الهبة المعوضة أو لذي الرحم فالظاهر انه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة ).

ويمكن أن يعلَّق ويقال:- صحيح أنَّ العقد لازمٌ ولكن ربما يكون المشتري الأول الذي باع العين له علاقة طيبة مع المشتري الثاني ويمكنه أن يطلب منه ارجاع العين من دون حرجٍ ولا ضرر وقَبِلَ المشتري الثاني بذلك فأرجعها إليه ففي مثل هذه الحالة يمكن أن يقال إنَّ ارجاع المبيع ممكن، نعم إذا كان هناك حرجٌ أو ضرر فتلك قضية أخرى، أما إذا لم يكن هناك ضرر أو حرج في البين فهذا معناه أنَّ الارجاع للبائع المغبون شيء ممكن رغم أنَّ الذي وقع من قبل المشتري الأول من العقد والنقل والانتقال صحيحٌ ولازم ولكن الارجاع ممكنٌ، فإذا كان الاجاع ممكناً من دون ضررٍ ولا حرجٍ فإن لم نفت بلزوم الارجاع فلا أقل بنحو الاحتياط الوجوبي، لأنَّ إرجاع العين إلى المغبون ممكنٌ بسهولة، فإذا كان يمكن الارجاع فلماذا لا يجب الارجاع؟!!، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها، وسنذركها في جميع الفروع التالية.

الفرع الخامس:- ليس للبائع المغبون بعد أن فسخ المعاملة ووجد العين منقولة من قبل المشتري الأول إلى المشتري الثاني إلزام المشتري الأول بشرائها من المشتري الثاني، كما ليس له إلزامه باستيهابها، والوجه في ذلك قد اتضح:- وهو أنَّ البيع الثاني من المشتري الأول قد وقع قبل فسخ البائع المغبون فيقع صحيحاً، وبعد وقوعه صحيحاً فلا موجب لالزام المشتري الأول بشراء العين أو استيهابها أو ما شاكل ذلك والالزام المذكور يحتاج إلى دليلٍ، وحيث لا دليل فلا يلزمه ذلك، قال:- ( وليس له إلزام المشتري بارجاع العين بششرائها أو استيهابها ).

والتعليق الذي ذكرناه على الفرع السابق يأتي هنا أيضاً حيث يقال:- إذا كان المشتري الأول يقع في الحرج أو الضرر أو ما شاكل ذلك لو اشترى العين أو استوهبها من المشتري الثاني فالأمر كما ذكر، أما إذا كان الشراء والاستيهاب سهلاً من دون أي حزازةٍ على المشتري الأول فلماذا لا نقول بالوجوب؟!!، فإنَّ البائع الأول إذا فسخ المعاملة يلزم ارجاع العين إليه، وإذا كان ارجاع العين ممكناً بالاستيهاب أو الشراء فلماذا لا يجب ذلك، بل المناسب وجوبه، ولا أقل من الاحتياط الوجوبي.

الفرع السادس:- لو نقل المشتري الأول العين بناقلٍ جائزٍ كالبيع بالخيار أو بالهبة لغير ذي الرحم، فيتمكن المشتري الأول هنا من الفسخ بسهولة لأنَّ الناقل ليس بلازم، ولكن رغم ذلك لا يجب عليه الرجوع في الهبة ولا الفسخ بالخيار، والنكتة هي النتكة، يعني المفروض أنَّ هذا النقل الذي حصل من المشتري الأول إلى المشتري الثاني قد وقع قبل فسخ البائع المغبون فيكون التصرف صحيحاً، ومعه يكون إلزام البائع المغبون للمشتري الأول بفسخ الهبة الجائزة التي وقعت منه أو اعمال الخيار في بيعه الخياري يحتاج إلى دليل، وحيث وحيث لا دليل فلا يلزم المشتري الأول اعمال الخيار ولا الرجوع في الهبة، والنكتة هي نكتة واحدة.

والجواب هو الجواب حيث يقال:- صحيح أنَّ النقل الثاني الذي وقع من المشتري الأول قد وقع صحيحاً ولكن المفروض أن يتمكن من الفسخ، لأنَّ الهبة جائزة أو عنده خيار فيفسخ به، ومادمام يتمكن من ذلك فهذا معناه أنه يتمكن من ردّ العين إلى البائع المغبون فلماذا لا يجب الفسخ؟!، ولا أقل من الاحتياط الوجوبي.

الفرع السابع:- لو فرض أنَّ البائع المغبون فسخ المعاملة والمشتري دفع له البدل من المثل أو القيمة ولكن بعد ساعة أو ساعتين[1] رجعت عين المبيع من المشتري الثاني إلى المشتري الأول فهل يتمكن البائع الأول المغبون إذا اطلع على رجوع العين إلى المشتري الأول أن يُلزِمه بإرجعها إليه وبالتالي يجب على المشتري الأول ارجاع العين إذا المفروض أنها رجعت إليه ولكنها رجعت إليه بعد فسخ البائع الأول وتسليم البدل إليه من المثل أو القيمة؟

ذهب السيد الماتن وغيره إلى أنه لا يجب ارجاعها، إذ المفروض أنَّ ذمت المشتري الأول قد فرغت بتسليم البدل، إذ المفروض أنَّ البائع المغبون قد فسخ والمشتري الأول سلّم إليه البدل ففرغت ذمته، وصيرورة ذمة المشتري الأول مشغولة بعد أن فرغت يحتاج إلى دليل، وحيث لا دليل، بل لعله يوجد الدليل على عدم وجوب الارجاع، وهو الاستصحاب، فإنَّ ذمة المشتري الأول قد فرغت، فنشكُّ بعد عود العين إليه هل زال فراغ ذمته وتبدَّل إلى الاشتغال فنستصحب الفراغ، وعليه فلا يجب عليه ارجاع العين إلى البائع المغبون بعد فرض فراغ ذمته، وعود المبيع السابق إلى المشتري الأول هو عودٌ جديدٌ بعد فراغ الذمَّة، فالمناسب حينئذٍ عدم وجوب الارجاع، قال السيد الماتن:- ( بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد جدفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون ).

وفي التعليق نقول:- صحيح أنَّ الذمَّة قد فرغت ولكن يوجد احتمال أنَّ الفراغ هو فراغ مادامي، يعني مادامت العين لم ترجع إلى المشتري الأول ولا يمكنه تسليمها فيحنئذٍ فرغت ذمته، لا أنه فراغ فعلي جزمي، وحيث إنَّ هذا الاحتمال وجيه فالمصير إلى الاحتياط هنا شيء وجيه أيضاً.


[1] أما لو رجعت العين قبل فسخ البائع المغبون فذلك معناه أنَّ المشتري الأول بإمكانه ارجاع العين، وقد وقع فسخ البائع المغبون في حال وجود العين واسترجاعها، فيلزم دفعها إليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo