< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 132 ) حكم ما إذا فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف بالمبيع تصرفاً مغيراً له - المسقط الثالث من مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وأما النحوين الأخيرين يعني إذا كانت الزيادة غير قابلة للففصل مرة كسمن الحيوان وأخرى قابلة للفصل كثمرة الشجرة:- فإن فرض أنَّ الزيادة كانت عيناً لا تقبل الانفصال فقد حكم السيد الماتن(قده) بعدم استحقاق المشتري الغابن لشيءٍ رغم أنَّ الحيون قد سمن في ملكه، ولعل النكتة في ذلك هي أنَّ هذا الحيوان لا يعدُّ عرفاً مغايراً للحيوان السابق الذي أخذه من البائع وإنما هو نفسه غايته قد تغير شيء من أوصافه، ولكن تغير الصفة لا يوجب أن يكون هذا الحيوان غير ذلك الحيوان الذي أخذه من البائع، ومادام هو نفسه فيلزم ردّه إلى البائع - أي مالكه - من دون المطالبة بشيءٍ، فإنَّ البائع المغبون قد سلّم المشتري دابةً كانت هزيلة فصارت سمينة، وحينما استرجع البائع الدابة من المشتري فهو قد استرجع نفس ما دفعه إلى المشتري لا أنه شيء آخر، وحينئذٍ لا موجب لأخذ المشتري ما يقابل الزيادة، والمرتكزات العقلائية تشهد بذلك، فإنها قاضية بالردّ من دون إلزام البائع بدفع ما يقابل هذه الزيادة غير القابلة للفصل.

وأما إذا كانت الزيادة قابلة للفصل:- كما لو فرض أنَّ المبيع كان شجرة وحصلت فيها ثمرة، فهنا يمكن أن يقال من حق المشتري الغابن المطالبة بهذه الزيادة فيقطفها ثم يسلّم الشجرة إلى البائع المغبون، والوجه في ذلك هو أنَّ هذه الزيادة شيءٌ آخر يغاير الشجرة بمقتضى المرتكز العقلائي، وقد حدثت في ملك المشتري، فمن المناسب حينئذٍ أن يستحق المشتري هذه الثمرة أو ما يعادلها من القيمة حسب ما يتفقان عليه، وهذا بخلافه فيما كان في سمنة الحيوان، فإنَّ الحيوان السمين هو نفس الحيوان السابق[1] أما الشجرة ذات الثمر فهي غير الشجرة السابقة، فمن حق المشتري المطالبة بنفس الثمرة أو بما يقابلها من قيمة، وهذا شيء وجيه ويتطابق مع المرتكزات العقلائية غير المردوع عنها.

وعليه فما ذكره السيد الماتن(قده) يطابق المرتكزات العقلائية.

ويوجد بحث آخر:- وهو أنه هل يجوز للبائع إلزام المشتري بفصل الزيادة؟

والجواب:- إنَّ هذه قضية لم يتعرض إليها السيد الماتن(قده)، والمقصود أنه لو فرض أنَّ الشجرة حملت بمثرةٍ ونفترض أنَّ هذه الثمرة بَعدُ لم يحن وقت قطافها، ففي مثل هذه الحالة هل من حق البائع إلزام المشتري فقطفها أو لا؟ إنه من الواضح أنه إذا حان وقت قطافها فمن حق البائع المطالبة بالقطف، كما لهما المصالحة على القيمة حسب ما يتفقان عليه، أما إذا فرض أنها لم تنضج بَعدُ ويحتاج نضجها أن تبقى فترةً معينةً من الزمن ففي مثل هذه الحالة هل من حق البائع إلزام المشتري بقطف الثمرة رغم أنه لم يحن بعد وقت قطافها أو لا؟ ذكر السيد محسن الحكيم(قده) في المنهاج القديم أنه ليس من حق البائع إلزام إلزام المشتري بقطفها، ولعل المنشأ لذلك هو تعارض قاعديتن، الأولى قاعدة السلطنة في جانب البائع، لأنَّ الشجرة ملك له، وهو مسلَّط على ملكه بازالة الأمور الأخرى الزائدة فيه كالثمرة التي هي ملك للمشتري، ومن ناحية أخرى توجد قاعدة ثانية في صالح المشتري وهي قاعدة نفي الضرر، فإنه بإلزام البائع للمشتري بقطف الثمرة يلزم دخول الضرر على المشتري، وفي مثل هذه الحالة حيث إنَّ قاعدة لا ضرر مقدَّمة على قاعدة السلطنة فسوف تكون النتيجة هي أنه ليس من حق البائع إلزام المشتري بقطفها، ويمكن أن يكون الوجه الفني لتقديم قاعدة لا ضرر على قاعدة السلطنة هو أنَّ قاعدة لا ضرر دليل ثانوي، يعني متى ما لزم من الأحكام الأوّلية ضرر فيرتفع ذلك الحكم الأولي، بينما قاعدة السلطنة دليل أوّلي، فإن كل إنسان له أن يتصرف في ملكه ما يريد، وعليه فسوف تكون قاعدة السلطنة محكومة لقاعدة الضرر، وبالتالي لا يتمكن البائع من إلزام المشتري بقطف الثمرة.


[1] إلا إذا كانت السمنة كثيرة جداً بحيث يكون هذا الحيوان السمين غير الحيوان الذي أخذه من البائع فهنا قد تكون المرتكزات العقلائية خلاف ذلك، والمهم هو الرجوع إلى ما تقتضيه المرتكزات العقلائية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo