< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/07/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 132 ) حكم ما إذا فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف بالمبيع تصرفاً مغيراً له - المسقط الثالث من مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

ذكرنا رأي السيد الحكيم(قده) في المنهاج القديم في هذه المسألة ونلقنا عبارته، وفي المقابل غير السيد الخوئي(قده) متن ما ذكره السيد الحكيم(قده) وقال:- بل من حق البائع بإزالة الزيادة في العين.

ويمكن تقريب ما ذكره السيد الخوئي(قده) بوجهين:-

التقريب الأول:- صحيح أنَّ المشتري يتضرر بالقلع ولكن هذا الضرر جاء من قبله، فلا تكون قاعدة لا ضرر جارية في حقه حتى تكون حاكمة على قاعدة السلطنة، وكون الضرر قد حصل بسبب نفس المشتري فذلك باعتبار أنه هو الذي غبن البائع باختياره وتولَّد بسبب صدور الغبن منه خيارٌ للبائع، فإذا فسخ البائع وتضرر المشتري فهذا الضرر ناشئ من غبن المشتري الذي تسبَّب في ثبوت الخيار للبائع، ومادام الأمر كذلك فقاعدىة لا ضرر لا يمكن الاستفادة منها في صالح المشتري، فإنها جاءت لترفع الضرر على من لم يسبّب هو لنفسه الضرر، وأما إذا سبّب هو الضرر لنفسه فهي منصرفةٌ عن مثله.

وذلك نظير من بنى في أرض الغير اشتباهاً وباعتقاد أنها ملكه ثم تنبين أنَّها ملك الغير، ففي مثل هذه الحالة من حق مالك الأرض أن يطالب الطرف الآخر بإزالة من أحدثه فيها، ولا يمكن أن يقال إنَّ قاعدة لا ضرر التي هي في صالح المشتبه مقدَّمة على قاعدة السلطنة التي هي في صالح المالك الحقيقي للأرض، باعتبار أنَّ هذا الضرر جاء من اشتباه الشخص نفسه، لأنه يلزم عليه الفحص والتأكد من ملكيته لها قبل تصرفه فيها، ومادام لم يفعل ذلك فالضرر قد جاء من طرف نفسه، وعليه فقاعدة لا ضرر لا تكون جارية في هذا المورد بعد حصول الضرر بسبب تقصير الشخض المتضرر نفسه وهو المشتري في مقامنا، فإنه هو الذي غبن البائع وكان سبباً لثبوت خيار الغبن للبائع، فالضرر جاء من قبل المشتري نفسه، فلا تكون قاعدة لا ضرر جارية في حقه.

وقد يشكل على ما ذكرناه كتوجيهٍ لما بنى عليه السيد الخوئي(قده) ويقال:- إنه يلزم من عدم جريان قاعدة لا ضرر في هذا المورد أنه لو فرض أنَّ انساناً بنى بناءً بواسطة قطع حديد الغير بتخيّل أنها ملكه ثم بعد تم البناء تبين أنَّ هذا الحديد ليس ملكه فعلى ما ذكر يلزم أن ينقض المشتبه البناء ويسلّم الحديد إلى مالكه، وهل يلتزم بذلك ؟!، يعني يراد أن يقال إنَّ هذا الضرر قد حصل بسبب اشتباه الشخص نفسه، فهل تلتزم بأنَّ قاعدة لا ضرر لا تكون جارية في صالحه؟ والجواب:- نعم لا محذور من ذلك، إذ الحديد هو ملكٌ لشخصٍ آخر ولابد من تسلَّيمه إليه وإن تضرّر المشتري، ولا محذور في ذلك، نعم يمكن أن يتصالح مع مالك الحديد على شراء مثله أو دفع ثمنه ولكن هذا شيء آخر، أما كحكمٍ شرعي بقطع النظر عن هذا فالحكم هو لزوم تسليم الحديد إلى مالكه، ولا مانع من الالتزام بلزوم ذلك.

إن قلت:- إنَّ المورد من تعارض قاعدة السلطنة مع قاعدة لا ضرر - يعني سلطنة المالك الأصلي الذي هو البائع مع تضرر المشتري - وقاعدة لا ضرر حاكمة على قاعدة السلطنة، باعتبار أنَّ قاعدة لا ضرر دليل ثانوي وقاعدة السلطنة دليل أوّلي كما ذكرنا.

قلت:- إنه يمكن الجواب عن ذلك بجوابين:-

الأول:- ما تقدمت الاشارة إليه من أنَّ دليل لا ضرر نسلّم أنه دليل ثانوي وهو حاكم على الدليل الأوّلي ولكن بشرط أن لا يكون الضرر قد تسبَّب له نفس المتضرّر، أي المشتري في مقامنا، فإنَّ المشتري بواسطة غبنه للبائع حصل خيار الغبن للبائع، ومادام المشتري هو الذي تسبب لذلك وجاء الضرر من ناحيته فلا تكون قاعدة لا ضرر حاكمة على قاعدة السلطنة لصالح البائع المغبون.

ثانياً:- يمكن أن نقول إنَّ كلاً من المشتري والبائع متضرر وتجري في حقه قاعدة لا ضرر، لا أنَّ المشتري هو المتضرر فقط، وبعبارة أخرى:- نحن نسلّم بأنَّ المشتري متضرر باعتبار أنه قد بنى في ملك المغبون وقلع ما بناه يسبب ضرراً عليه، ولكن في نفس الوقت إذا لم تصل أرض البائع المغبون سالمة من اللعوائق والمزاحمات التي فيها فسوف يكون متضرر أيضاً، فليس المشتري وحده هو المتضرر فقط، بل البائع متضرر أيضاً إذا لم نحكم بلزوم إزاحة العوائق عن أرضه، فإذاً لا ضرر لا يمكن تطبيقها في المقام بعد فرض أنها صالحة للتطبيق على كلا الطرفين، فتسقط عن الاعتبار وتبقى قاعدة السلطنة من دون معارض في صالح البائع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo