< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 132 ) حكم ما إذا فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف بالمبيع تصرفاً مغيراً له - المسقط الثالث من مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

وهنا توجد قضيتان: -

القضية الأولى: - لماذا اختلف الأعلام في هذا الحكم، فهل اختلافهم ناشئ من الاختلاف في فهم الدليل الخاص - من آية أو رواية أو اجماع - أو أنه ناشئ من شيءٍ آخر؟

والجواب: - إنه لم ينشأ من الاختلاف في فهم الدليل الخاص وإنما نشأ من اختلاف النظرة العرفية، فالسيد الخوئي(قده) بما هو انسان عرفي يرى أنَّ المبيع مفقود الآن، فإنه قد اختلط إما بالمغاير أو قد استهلك مع غيره، أما نفسه فليس بموجود، بينما السيد الحكيم(قده) يرى بالنظرة العرفية أنَّه في بعض الموارد يصدق أنَّ عين المبيع موجودة وفي بعضها الآخر لا يصدق أنها موجودة، لا أنها ليست موجودة في جميع الأنحاء الأربعة.

ومن هنا نخرج بنتيجة: - وهي أنَّ اختلاف الفقهاء لا ينشأ دائماً من اختلافهم في فهم مدارك الأحكام من الكتاب والسنَّة وما شاكل ذلك، بل يختلفون في بعض الأحكام من جهة اختلافهم في النظرة العرفية.

القضية الثانية: - لندخل نحن في هذه المسألة كعرفيين ونلاحظ ماذا تحكم به نظرتنا العرفية، وفي هذا المجال نقول:-

أما القسم الأول[1] :- وهو ما إذا انعدم المبيع بامتزاجه مع غيره، كما أريقت زجاجة من ماء الورد في الماء المطلق، ففي مثل هذه الحالة الظاهر اتفاق النظرة العرفية على انعدام المبيع، وقد اتفق السيد الحكيم(قده) مع السيد الخوئي(قده) في ذلك، وجميعنا يتفق معهم أيضاً.

وأما القسم الثاني:- وهو ما أصحب اما إذا خلط المبيع بغيره فصارا شيئاً ثالثاً كخلط الخل بالعسل فصارا سكنجبيلاً، فهنا قال السيد الحكيم(قده) تلاحظ نسبة المالية ويتم التقسيم بحسب المالية، فلو كانت مالية لعسل ثلاثة أضعاف قيمة الخل فلمالك العسل له ثلاثة أضعاف ولصاحب الخل واحد، أما السيد الخوئي(قده) فقال نرجع إلى المثل أو القيمة، والأقرب ما يقوله السيد الخوئي(قده)، لأنَّ المبيع ليس بموجود كما كان، فلو كان المبيع هو العسل فالعسل ليس بموجودٍ كما كان، وهكذا الخل ليس بموجودٍ كما كان، وحينئذٍ لابد من دفع المثل إذا كان مثلياً والقيمة إن كان قيمياً، نعم إذا أردنا الاحتياط فسوف ندعو الطرفين إلى التصالح، فإن قبلا بذلك فبها وإلا فالرجوع إلى المثل أو القيمة.

وأما القسم الثالث:- وهو ما إذا فرض أنَّ المبيع مزج بالمماثل كماً وكيفاً، كما لو كان الشيئان الممتزجان عسلاً وكانا بنفس الدرجة من الجودة، فعلى رأي السيد الخوئي(قده) العين هنا ليست موجودة فلابد من الانتقال إلى المثل أو القيمة، وأما على رأي السيد الحكيم(قده) إن كان مقدارهما متساوياً فيعطون بالتساوي، وإن كان أحدهما ضعف الآخر قسّم بينهما حسب النسبة، فالسيد الحكيم(قده) لا يعدّ هذا القسم من موارد انعدام العين، وإنما إذا دفع منه مقدار المبيع فقد دفع للبائع ما يسحقه، لأنه لا يوجد اختلاف بين المبيع وبين ما امتزج معه، ولا يبعد أنَّ ما أفاده السيد الحكيم(قده) هو الأقرب إلى النظرة العرفية، لأنَّ المواصفات واحدة، نعم هما قد اختلطا ولكن حينما نقسمهما ونعطي البائع حصته فهذا اعطاءٌ لحقه، إلا أن يقول السيد الخوئي(قده):- إنَّ هذا ليس اعطاءً لحقه وإنما هو اعطاءٌ لمثل حقه لأنه هذا قد اختلط مع غيره، ولكن نقول:- إنَّ هذه ليست مخالفة، يعني بحسب النتيجة سوف تصير النتيجة واحدة بين العلمين.

وأما القسم الرابع:- وهو ما إذا خلط المبيع بشيءٍ آخر من جنسه ولكنه أجود منه أو أردأ، كما لو خلط العسل الجيد بعسلٍ آخر أجود منه أو أردأ، ففي مثل هذه الحالة قال السيد الخوئي(قده) إنَّ المبيع هنا يكون مفقوداً فنصير إلى المثل أو القيمة، وأما السيد الحكيم(قده) فقال تكون هناك شركة بينهما بحسب المالية، وعليه فسوف يحصل صاحب العسل الأجود على حصَّة أكثر من حصة صاحب العسل غير الجيد، ولكن الاعطاء يصير من نفس هذا المزيج المختلط بين المالين، أما على رأي السيد الخوئي(قده) لابد من اعطائه عسلاً مماثلاً لعسله الأول وليس من هذا العسل المختلط، ولا يبعد أنَّ ما أفاده السيد الخوئي(قده) هو الأوجه، لأنَّ العسل الذي وقعت عليه المعاملة كانت جودته بدرجةٍ معيّنة، أما العسل الممزوج فليست درجته بنفس درجة جودة المبيع، ومادامت جودت العسل المختلط ليست مساوية لجودة المبيع فلا يبعد أنَّ الصواب كما أفاد السيد الخوئي(قده).


[1] حسب تقسيم السيد الحكيم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo