< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 134 ) هل خيار الغبن فوري أو لا - المسقط الثالث من مسقطات خيار الغبن – الفصل الرابع ( الخيارات ).

ثانياً: - التمسك بفكرة الانصراف، وذلك بأن يقال: - إنَّ المنصرف من قوله تعالى ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ هو لزوم الوفاء من بداية العقد حتى النهاية، فالمنصرف هو اللزوم الواحد المتصل المستمر من البداية حتى النهاية، أما إذا لم يكن العقد لازماً من البداية - كما هو محل كلامنا - فلا يمكن التمسك بالعموم في مثل هذه الحالة.

والجواب: -

أولاً: - إنَّ هذه الدعوى عهدتها على مدعيها، فإنَّ هذا الانصراف غير ثابت.

ثانياً: - إنَّ لازم هذا الانصراف سقوط التمسك بعموم ﴿ أوفوا فالعقود ﴾ وعدم امكان الاستفادة منه في باب البيع الذي هو الباب المهم من العقود فإن فيه خيار المجلس، فلا يمكن لهذا العموم اثبات اللزوم ما بعد فترة انقضاء المجلس، فإنَّ لازم دعوى الانصراف المذكورة هو هذا، وهذا لا يمكن الالتزام به.

فإذاً الأمر الأول الذي ذكره الشيخ الأعظم(قده) والذي حاولنا أن نوجهه بتوجيهين كلاهما باطل للمناقشة فيهما، وعليه فلم يثبت الأمر الأول.

وأما بالنسبة إلى الأمر الثاني الذي ذكره الشيخ الأعظم(قده)[1] ففي مقام التعليق نقول: - إنَّ مرجع هذا الاحتمال إلى أنا نحتمل تقيّد ثبوت الخيار باللحظة الأولى لمن كان متمكناً من الفسخ، فإنَّ واقع ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) من احتمالٍ هو هذا، وإذا كان يرجع إلى هذا فحينئذٍ نقول إنه في اللحظة الأولى كان الخيار ثابتاً جزماً ونشك في استمراره إلى اللحظة الثانية أو اختصاصه باللحظة الأولى فيجري استصحاب بقاء الخيار.

وعليه فكلا الأمرين اللذين استند إليهما الشيخ الأعظم(قده) قابلان للمناقشة.

نعم نستدرك ونقول: - إنَّ استصحاب بقاء الخيار إنما يجري بناءً على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية وعدم معارضة استصحاب بقاء المجعول بأصالة عدم الجعل الزائد، والمفروض أنَّ الشيخ الأعظم(قده) يبني على جريانه في الشبهات الحكمية.

ثم إنَّ كل ما ذكرناه من بداية هذه المسألة إلى الآن مبني على أنَّ مدرك خيار الغبن هو قاعدة لا ضرر أو ورواية النهي عن تلقّي الركبان وما شاكل ذلك، وأما بناءً على كون المدرك هو الشرط الضمني فسوف تتغير خارطة البحث تماماً، فإنه بناءً على كون المدرك هو الشرط الضمني عند العقلاء حينما يجرون المعاملة فيقول البائع بعتك ويوجد شرط مضمر وهو بشرط أن لا أكون مغبوناً وإلا فلي حق الفسخ، فهذا حق الفسخ المضمر متى يكون؟ إنَّ هذا يختلف، والضابط العام هو مادمت لم أتوانَ عن الفسخ لا لعذرٍ وأما إذا توانيت لعذرٍ إما لجهلي بالخيار أو بجهلي كوني مغبوناً أو أني انتظر الطرف الثاني حتى أفسخ أمامه، فمادامت توجد أعذار عرفية داخلة في هذا الشرط الضمني فالخيار بَعدُ باقٍ، ومن هنا جاءت عبارة السيد الماتن(قده) حينما بيّن بعض الفروع فإنها متماشية مع كون المدرك للخيار هو الشرط الضمني، حيث قال:- ( الظاهر أنَّ الخيار في الغبن ليس على الفور فلو أخر انشاء الفسخ عالماً عامداً لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلاً عمال وأخره جاهلاً بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلاً عنه أو ناسياً له فيجوز له الفسخ إذا علم أو التفت ).

إذاً مدرك كل هذه المسألة هو اقتضاء الشرط الضمني ذلك، وبهذا سوف تختلف النتيجة بين من يبني على ثبوت خيار الغبن بالشرط الضمني فتكون النتيجة كما ذكر السيد الماتن(قده)، وبين ما ذكره القدماء فتكون النتيجة شيئاً آخر كما أوضحه الشيخ الأعظم(قده).


[1] وهو أنَّ استصحاب الخيار لا يجري باعتبار أن نحتمل ويكفينا الاحتمال أنَّ موضوع الخيار هو من لم يتمكن على الفسخ أما من تمكن ولم يعمل الخيار فهذا نشك في كونه موضوعاً للخيار ومعه فلا يجري استصحاب بقاء الخيار من الآن الأول الذي فيه ثبوت الخيار جزمي إلى الآن الثاني والثالث إلى النهاية فإن هذا لا يمكن لعدم احراز الموضوع فإنَّ الموضوع نحتمل أنه هو من لا يتمكن من الفسخ أما من تمكن من الفسخ ولكن باختياره لم يُعمل الخيار فمثل هذا نشك في كونه موضوعاً للخيار فلا يجري استصحاب الخيار في حقه، ومع الشك في بقاء الموضوع لا يجري الاستصحاب فإنَّ شرط جريانه احراز بقاء الموضوع، وفي حق هذا الشخص لا نحرز بقاء الموضوع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo