< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الخيار الخامس ( خيار التأخير ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وسند الرواية الرابعة قابل للمناقشة: - لأنَّه قد ورد فيه الحسن بن الحسين، وهو متعدد ولا يعرف كونه الثقة من غيره، كما أنَّ الناقل لهذه الرواية هو أبو بكر بن عيّاش وهو لم تثبت وثاقته.

إن قلت: - إنَّ عبد الرحمن بن الحاج الذي هو من أجلة أصحابنا حينما نقل له أبو بكر بن عيّاش هذا المضمون عن الامام الصادق عليه السلام سكت ولم يشكل عليه بشيء، فسكوته عن المناقشة في الصدور يدل على إمضائه لما نقله ابن عياش، وهذا يكفينا.

قلت: - إنَّ ابن الحجاج قد اتفق مع الطرف الآخر على الرضا بحكم ابن عيّاش، ومعه فسوف نحتمل - ويكفينا الاحتمال - أنَّ ابن الحاج لا يمكنه الاعتراض على ابن عياش لأنه قد رضي، وعليه فسكوته عن هذا النقل لا يمكن أن سنتكشف منه الامضاء.

والخلاصة: - هي أنَّ الروايتان والأولى والثانية تامتان سنداً، وأما الروايتين الثالثة والرابعة فقابلتان للتأمل من حيث السند، وسواء تم سندهما أو لم يتم كفتنا الروايتان الأوليان، وأما الأخيرتان فهما داعمتان ومؤيدتان لهما، فيكون المجموع موجباً للاطمئنان، وعليه فلا مجال للتأمل من ناحية السند.

وحاول الشيخ الأعظم(قده) أن يتمم دلالة هذه الروايات الأربع ويدافع عنها من حيث الدلالة فذكر ثلاثة أمور: -

الأمر الأول: - إنه قد يقول قائل إنَّ الروايات قالت ( إن جاء في ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له ) وهذا ظاهر في الفساد، فإنَّ ( لا ) هنا نافية للجنس، فمعنى ( لا بيع ) يعني لا بيع موجودٌ لا أنَّ البيع صحيح مع ثبوت الخيار، ونحن نريد أن نثبت وجود الخيار لا بطلان البيع، وهنا حاول الشيخ الأعظم(قده) أن يجبر هذا الضعف الدلالي فقال:- إنَّ هذا صحيح ولكن فهم العلماء وحملة الأخبار من هذا العبير الصحة مع ثبوت الخيار وهذا يجبر ضعف الدلالة.

وفي مقام التعليق نقول: - إنه يمكن أن يناقش في كلتا المقدمتين: -

أما المقدمة الثانية[1] فيمكن أن يقال:- إنه يوجد من فهم البطلان من متقدمي الفقهاء، كالشيخ الطوسي في المبسوط[2] ، وحكاه الشهيد في دروسه[3] عن الاسكافي، وصاحب الحدائق حيث قال:- ( وكيف يكون الأصل بقاءه مع تصريح الأخبار بانه لا بيع بعد مضي الثلاثة ... وبالجملة فإن الحق هو ما ذهب إليه ابن الجنيد والشيخ هنا )[4] .

وأما المقدمة الأولى[5] فنقول:- كان من المناسب للشيخ الأعظم(قده) أن يقول هي ليست ظاهرة في الفساد، والوجه في ذلك هو أنَّ الامام عليه السلام حينما قال ( لا بيع له ) أي لا بيع للمشتري، أي ذلك البيع الذي أراده المشتري، ومعلومٌ أنَّ البيع الذي أراده المشتري هو البيع اللازم وليس بطلان البيع، فالرواية تنفي البيع الذي أراده المشتري أعني البيع اللازم، فكان من المناسب له أن يدفع الاشكال من الأساس ويقول هي ليست ظاهرة في الفساد حتى نحتاج إلى فهم العلماء وحَمَلَة الأخبار ونحملها حينئذٍ على نفي الصحة، بل هي من الأول ليست ظاهرة في الفساد.

الأمر الثاني: - إنَّ قول الامام عليه السلام ( لا بيع له ) في ثلاث روايات يدل على أنَّ المراد هو نفي اللزوم وليس المراد هو البطلان ونفي الصحة من الأساس وإلا لكان المناسب أن يقول ( لا بيع لهما ) كما جاء في معتبرة ابن يقطين، فتعبير ( لا بيع له ) يدل على كون مقصود الامام عليه السلام هو نفي اللزوم.

ويمكن أن يقال في مقام التعليق: - لعلَّ الامام عليه السلام حينما قال ( لا بيع له ) ولم يقل ( لا بيع لهما ) هو من باب أنَّ السؤال في هذه الروايات الثلاث كان عن المشتري، ومادام السؤال عن المشتري فمن المناسب أن يعبّر بـ( لا بيع له )، ففي هذه الروايات الثلاث صحيح أنَّ البيع قد نفي عن البائع ولكن لعل نفيه من باب أنَّ السؤال كان عن المشتري، وهذا بخلافه معتبرة ابن يقطين فإنَّ السؤال فيها ليس عن فعل المشتري بالخصوص إذ جاء فيها:- ( عن الرجل يبيع البيع ولا يقبضه صاحبه ولا يقبض الثمن، قال:- إن الأجل بينهما ثلاثة أيام فإن قبض بيعه وإلا فلا بيع بينهما )، فالإمام عليه السلام ناظر إلى البائع وإلى المشتري معاً فقال ( الأجل بينهما ثلاثة أيام ) ثم قال بعد ذلك ( وإلا فلا بيع بينهما)، فإذاً التعبير بفقرة ( لا بيع له ) في الروايات الثلاث الأخرى لا يمكن أن نستكشف منه نفي اللزوم.


[1] وهي أن الفقهاء فهموا من الروايات الصحة مع ثبوت الخيار.
[2] المبسوط، الطوسي، ج2، ص87.
[3] الدروس، الشهيد الأول، ج3، ص274، .
[4] الحدائق الناضرة، المحقق الكركي، ج19، ص48.
[5] وهي أنها ظاهرة في الفساد لأنها قالت ( لا بيع له ).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo