< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/08/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:القطع

     مبحث القطع انسب بعلم الكلام منه بعلم الأصول.

     تقسيم الشيخ الانصاري (ره) أحوال المكلّف عند التفاته إلى حكم شرعي إلى قطع وظن وشك.

     المكلّف يشمل المجتهد والمقلّد. وذلك لإطلاق اللفظ من جهة، ولان طريق المقلّد إلى الحكم الشرعي هو المجتهد لحكم العقلاء برجوع الجاهل إلى العالم.

 

إن مسألة مباحث القطع أقرب إلى المسائل الكلاميّة منها إلى المسائل الأصوليّة.

وهنا لسائل أن يسال: إذن لماذا درس علماء الأصول مبحث القطع، وجعلوه من مسائل العلم؟

والجواب: أولا: مباحث القطع مباحث استطراديّة، فإن العلم بالوظيفة العمليّة من لوازم المسألة الاصوليّة.

وثاني: إن بعض مسائل مبحث القطع لها ثمرات تقع كبرى في المسألة الفقهيّة، من قبيل قيام الأصول والامارات مقام القطع الطريقي. إذا قلنا ان الامارة تقوم مقامه يكون لها ثمرة فقهية، مثلا: إذا قلت إذا علمت بطهارة ثوبك فصلّ به. فإذا لم اقطع بالطهارة، بل جاء خبر واحد ثقة وهو ظن معتبر فهل يقوم الخبر مقام العلم؟

الأمر الثالث: قال الشيخ الانصاري (ره) في الرسائل: فاعلم أن المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعي فإما أن يقطع وإما أن يظن وإما أن يشك، ولذلك قسّم كتابه إلى ثلاثة مقاصد: الأول: مباحث القطع، والثاني: مباحث الظن، والثالث: مباحث الشك. ولم يذكر الوهم بالمعنى المنطقي لكونه مقابل الظن، فإذا ظن المكلّف بقضيّة توهم عدمها، وبالعكس. وللقطع احكامه وللظن والشك أحكامهما. وعلى هذا التقسيم قسّم مباحث الحجّة على هذا الأساس.

وهناك سؤال يطرح نفسه: ما المراد من المكلّف؟ هل هو خصوص المجتهد أو أعمّ منه ومن المقلّد؟

والدافع للسؤال ان المقلِّد لا يعلم كيف يستنبط فهو لا يعرف الطرق ولا الأمارات ولا الأصول العمليّة، ولا يعرف البحث عن احكام القطع والظن والشك، ويحتاج إلى أهل الاختصاص.

والجواب: الظاهر ان المراد ما يشملهما، والدليل عليه أمران:

أولا: إطلاق اللفظ وهو لم يقيّد، فإن لفظ المكلّف ينطبق على المجتهد والمقلّد، وكل أنواع المكلّفين.

وثانيا: إن طريق المقلّد إلى الحكم الشرعي منحصر في تقليده للمجتهد من باب رجوع الجاهل إلى العالم، التي هي مسألة فطرية بشريّة وجدانيّة لا تحتاج إلى دليل.

فإن المكلفين ثلاثة: النبي (ص) ومن ينزل عليهم الوحي، فطريق وصولهم إلى الحكم الشرعي هو الوحي دون غيره، فلا يرجع إلى الصحابة في بعض الأحكام كما روى بعض تاريخ أبناء العامّة.

المجتهد: وطريق الوصول إلى الحكم الشرعي هو الكتاب والسنّة كأساس، ويمكن ان يرجع للفطرة البشريّة النقيّة كما ورد في بعض الروايات عن الامام الصادق (ع) في الجواب على مسألة عن الحلال والحرام بالرجوع إلى نفس الانسان في حكمها. ورواية ان الإسلام دليل الفطرة، والمشكلة الكبرى عند البشر ان فطرتهم قد تلوثت بالشبهات حتى بات الانسان ضائعا، العلم نقطة كثّرها الجاهلون، ضاع الانسان حتى بات لا يعرف العدل من غيره. وهناك مشكلة معاصرة عند الشباب اليوم وهي ضرب المسلّمات كما عند اللا ادريين وفلسفتهم القديمة، وخطورة التشكيك عندهم ان الشباب يضيع ويسهل السيطرة عليهم، اما مع وجود العقيدة فلا يضيعوا.

المقلّد: وطريقه للوصول إلى الحكم الشرعي هو المجتهد وذلك من باب رجوع الجاهل إلى العالم.

ولعلّ هذا هو مراد الشيخ الانصاري (ره) من نيابة المجتهد عن المقلّد في إحراز الأصول حيث أشكلوا عليه في ذلك، وبه يتمّ الجمع بين كلام السيد الخوئي (ره) وكلام الشيخ الانصاري (ره).

وبهذا يتضح أن لا فرق بين المجتهد والمقلّد إلا في طريق الوصول إلى الحكم الشرعي.

ولا بأس بذكر ما ذكر السيد الخوئي (ره) في المقام، وهو تعبير موسع عما ذكرناه في منهجيّة الاستنباط في الشبهة الحكمية بالرجوع إلى العلم ثم العلمي ثم الأصل العملي، وتأكيد لما ذكرناه في ذلك، وذلك زيادة للفائدة.

ويقول (ره) كما في مصباح الأصول تقرير السيد سرور البهسودي (ره): [1]

يقول: وتوضيح المقام يقتضي التكلم في مقامات ثلاثة:

1- في بيان حكم المجتهد بالنسبة إلى تكليف نفسه.

2- في بيان حكم المقلد بالنسبة إلى تكليفه.

3- في بيان حكم المجتهد بالنسبة إلى تكليف مقلديه. [2]

 


[1] السيد سرور الافغاني رجل عالم فاضل جليل مجتهد، كان من تلامذة السيد الخوئي (ره) وكان السيد لا يلتفت اليه كثيرا ولاحقا انتبه له بانه طالب نبيه. انتقل إلى افغانستان قبل سيطرة الشيوعيّة على الحكم وقبل دخول الاتحاد السوفياتي، ولما ارادوا ان يغيروا هويّة افغانستان وتدمير الايمان والدين عارضهم، وبدأت الثورة في افغانستان باعتقاله. اعتقل السيد سرور (ره) هو واثني عشر الف على ما نقل لنا من الشيعة الذين كانوا النخبة قبل التحاق السنة بهم، فاحمد شاه مسعود أول من التحق بالشيعة في مقابل الشيوعيين. بعد الاعتقال لم يعرف اثر للسيد سرور، هنيأ له الله عز وجل جمع له العلم والجهاد والشهادة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo