< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/08/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 139 ) ما المقصود من ثلاثة أيام الخيار - الخيار الخامس ( خيار التأخير ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

مسألة ( 139 ):- المراد بالثلاثة أيام الايام البيض ويدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون غيرهما. ويجزئ في اليوم الملفَّقُ كما تقدَّم في مدَّة خيار الحيوان.

..........................................................................................................

تقدَّم مضمون هذه المسألة في خيار الحيوان وأنَّ الخيار في بيع الحيوان ثلاثة أيام، وهناك وقع الكلام في المقصود من الأيام الثلاثة، ومن الواضح أنه إذا وقع البيع عند طلوع الشمس بالدقة من اليوم الأول فحينئذٍ يبتدئ اليوم من حين طلوع الشمس وينتهي اليوم الأول عند الغروب، ثم يبتدئ اليوم الثاني والثالث وتصير النهاية إلى غروب اليوم الثالث، وأما بينها من الفترة المتخللة من الليل فهو يدخل أيضاً بمقدمة خارجية، وهي أنه بعد القطع من الخارج باتصال فترة الخيار وعدم انقطاعه في الاثناء فالليالي المتوسطة تكون داخلة، وإنما الكلام يقع فيما إذا وقع العقد في وسط النهار، كما لو وقع عند الزوال فحينئذٍ المدار يكون على ماذا، فهل يكون المدار على مضي يومين كاملين من الوسط ثم يضم النصف من اليوم الأول إلى النصف الآخر من اليوم الرابع فتصير الفترة ثلاثة أيام - فهل المدار في كونه إلى ظهر اليوم الرابع - أو يكون المدار على تحقق ثلاثة أيام كاملة وذلك بإلغاء النصف الأول من النهار من اليوم الأول وإلغاء النصف الأخير من اليوم الرابع، وهذا معناه أنه لا يوجد تلفيق، وهذا ما يسمى بالتعبّد بألفاظ النص فإنها قالت ( ثلاثة أيام )، فالمدار يكون على أيّ من هذين الاحتمالين؟

وفي هذا المجال نقول:- إذا رجعنا إلى القرآن الكريم فربما يستفاد منه أنَّ المراد من اليوم هو البياض في مقابل الليل، فثلاثة أيام يعني ثلاثة نهارات، قال تعالى:- ﴿ سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حسوماً ﴾ فجعل اليوم بمعنى النهار في مقابل الليل، ففهمنا من الآية الكريمة أنَّ المقصود من اليوم هو النهار بقرينة مقابلته مع الليل، وفي العرف أيضاً ربما يكون الأمر كذلك، فلو فرض أنَّ شخصاً سافر إلى منطقة ووصلها عند طلوع الشمس وبقي إلى غرب اليوم الثالث فلا يبعد أن نعبر على لسانه ونقول إنه بقي ثلاثة أيام في هذه المنطقة بمعنى ثلاثة نهارات أو هو يقول بقيت ثلاثة أيام بمعنى ثلاثة نهارات، وهذا معناه أنَّ اليوم لا يراد به مجموع الليل والنهار بل خصوص النهار.

وعلى هذا الأساس نقول:- إذا جرى العقد الذي لم يتم فيه تسليم الثمن والمثمن في بداية طلوع الشمس بالدقة فحينئذٍ تصدق الثلاثة أيام إلى غروب اليوم الثالث، وهذا لا كلام فيه، وإنما الكلام فيما لو جرى العقد في وسط اليوم، كما لو جرى العقد عند زوال اليوم الأول فهل نلفّق الأيام وتكون النتجية هي أنَّ نهاية الثلاثة أيام إلى ظهر اليوم الرابع أو نلغي مقدار النصف من اليوم الأول - من الزوال إلى طلوع الشمس - ويبتدئ اليوم الأول من طلوع الشمس من اليوم الثاني وحينئذٍ تصير ثلاثة أيام بهذا المعنى، فنحن نلغي النصف المتقدّم ونلغي النصف المتأخر ويكون المدار على ثلاثة أيام كاملة، وهذا ما ذهب إليه صاحب الجواهر(قده) ووافقه على ذلك السيد اليزدي(قده) في حاشيته على المكاسب[1] ، وحجته واضحة، وهي أنَّ الروايات قالت ( ثلاثة أيام ) والثلاثة أيام بالمعنى الحقيقي لابد وأن تكون من بداية طلوع الشمس إلى الغروب، فنلغي الفترة الواقعة من الزوال الذي جرى فيه العقد إلى طلوع الشمس، ثم نلغي هذه الفترة من الأخير أيضاً ولابد من أن تتحقق فترة ثلاثة أيام بالمعنى اللغوي الدقّي، وهذا بمنيٌّ على التماشي مع ألفاظ النص، قال صاحب الجواهر(قده):- ( إذا وقع العقد مثلاً ظهر يوم الخميس فالخيار متصل إلى أن يتحقق مصداق مضي ثلاثة أيام ولا يكون ذلك إلا بانتهاء اليوم الأحد وهو غروب الشمس منه ... يمكن القطع به لمن رزقه الله اعتدال الذهن )[2] ، ومستند صاحب الجواهر(قده) هو العرف، فإن العرف يقول الأيام عرفاً هي عبارة عن النهارات، فإنَّ الروياة قالت ( ثلاثة أيام ) ولم تقل ( مقدار ثلاثة أيام ) وعليه يكون المدار على الثلاثة نهارات.

وفي مقام التعليق نقول:- لا يبعد عرفاً أنَّ كلمة الأيام واليوم يستمعل أحياناً ويلحظ بنحو الطريقية إلى أربع وعشرين ساعة، فإذا قيل يوماً أي بمعنى أربع وعشرين ساعة، فحينما قالت الرواية ( ثلاثة أيام ) يعني أنها تريد أن تقول إنَّ مدّة الخيار هي أثنين وسبعين ساعة، فيمكن أن يقال إنَّ الثلاثة أيام مأخوذة بنحو الطريقية إلى اثنين وسبعين ساعة.

إن قلت:- إنَّ هذه دعوى تحتاج إلى مثبت؟

قلت:- بما أننا عرفيون لا نحتمل أنَّ المدار على ثلاثة أيام بالمعنى اللغوي والدّقي، وإنما المقصود أنَّ الخيار يثبت في هذه الفترة التي هي اثنين وسبعين ساعة، فإذاً لابد أن يكون المقصود بهذا الشكل، أما أنه يبتدئ من طلوع الشمس فهذا لا يتناسب مع الخيار عرفاً، وإنما هو يتناسب عرفاً مع الفترة الزمنية بمعنى اثنين وسبعين ساعة لا بمعنى من طلوع النهار إلى غروب الشمس فإنَّ التمسك بهذا يستدعي أن يلغي الانسان عرفيته ويتمسك بألفاظ النص فقط، وهذا أمرٌ ليس محبباً.

إن قلت:- إنك إذا أردت الالتزام بذلك فيلزم أن تلتزم به في أيام الاعتكاف أيضاً، فإن الاعتكاف ثلاثة أيام، فيلزم أن نقول في باب الاعتكاف أنه لا يصح الاعتكاف إلا من طلوع الشمس.

قلت:- هناك قرينة خارجية من إجماعٍ أو فهم المتشرعة أو ما شاكل ذلك اخرجت الاعتكاف، وهذا الأمر متفقون عليه، أما بالنسبة إلى مورد كلامنا فلا يوجد اتفاق على أنَّ عنوان الأيام الثلاثة بالمعنى اللغوي هو المعتبر.

إن قلت:- لماذا لم يبين الامام عليه السلام ذلك؟

قلت:- إنَّ تقسيم اليوم إلى ساعات بالشكل الذي هو موجود عندنا قد لا يكون متداولاً في تلك الفترة الزمنية، مضافاً إلى أنه لم تكن عندهم ساعات حتى يعتمدون عليها، فالطريق الأيسر لمعرفة ذلك هو ما أشارت إليه الروايات وهي الأيام الثلاثة.

والقضية ينبغي أن تكون واضحة ولا تستحق الاطالة أكثر.


[1] حاشية المكاسب، السيد اليزدي، ج2، ص18.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo