< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/08/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 142 ) هل يثبت خيار التأخير فيما يفسده المبيت؟ - الخيار الخامس ( خيار التأخير ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

ويمكن أن يستدل على ثبوت الخيار هنا بثلاثة وجوه:-

الوجه الأول:- الرواية - أو الروايتان -، وسيأتي الكلام فيها.

الوجه الثاني:- قاعدة لا ضرر، فإنَّ البائع إذا لم يجز له الفسخ فسوف يتضرر.

وقد تمسك الشيخ الأعظم(قده) بهذين الوجهين.

وقبل أن نوضح هذه الأدلة نقول:- كان من المناسب للشيخ الأعظم(قده) أن يشير إلى وجهٍ ثالث، وهو الاشتراط الضمني، إذ هناك اشتراط ضمني بأنه إذا لم تجئ أيها المشتري إلى وقت قبيل الفساد فلي أنا البائع حق الفسخ، وهذه قضية عقلائية لا ينبغي التشكيك فيها، وعليه فلا نحتاج إلى روايةٍ ولا إلى قاعدة لا ضرر، بل يكفينا الاشتراط الضمني الموجود وتضمُّ إليه قاعدة ( المؤمنون عند شروطهم ) فتتكون عندنا صغرى وكبرى وبذلك يثبت المطلوب.

إن قلت:- إنَّ الشيخ الأعظم(قده) لم يذكر هذا الوجه لأنه لم يرتضه.

قلت:- المناسب له أن يذكره ثم يناقشه، لا أنه لم يذكره أصلاً.

وقد يشكل على الوجه الثالث - وهو التمسك بفكرة الشرط الضمني - كما جاء في بعض الكلمات:- بأنَّ الفساد لا يتعين أن يكون عند دخول لليل، بل ربما يكون قبله - أي عند العصر - وربما يكون بعد دخول الليل بساعة أو ساعتين مثلاً، فإنَّ الأشياء تختلف من هذه الناحية، فالشرط الضمني لا يمكن أن يقتضي خصوص الحصَّة المذكورة - وهي الخيار عند دخول الليل - بعد فرض اختلاف الأشياء من هذه الناحية.

وفي الجواب نقول:- صحيحٌ أنَّ الأشياء تختلف من هذه الناحية ولكن في محل كلامنا لو فرض أنَّ الشيء من الخضروات وفرض أنه يفسد إلى الليل فتطبيق فكرة الشرط الضمني هنا يكون صحيحاً، ومجرّد كون بعض الأشياء لا تفسد إلى الليل لا يصير رداً ومناقشةً على ما ذكر، ففي مورد الفساد إلى الليل يكون هذا الاشتراط ثابتاً ويثبت بذلك المطلوب، ونحن نزيد ونقول:- إذا كان الشيء يفسد إلى العصر فسوف يثبت اشتراطٌ ضمنيٌّ إلى العصر، وإذا كان يفسد بعد دخول الليل بساعةٍ فسوف يثبت الخيار بعد دخول الليل بساعة، ففي هذا المورد ليس من المناسب التشبث بالألفاظ إذ المفروض أننا الآن لا نريد التمسك بالرواية وإنما نريد أن التمسك بفكرة الشرط الضمني.

نعم الأمر كذلك لو كنا نحن والرواية، ولكن نقول رغم هذا نقول:- إذا كان الشيء يفسد عصراً فالخيار سوف يثبت عصراً، وإذا كان يفسد بعد دخول الليل بساعة أو ساعتين فسوف يثبت الخيار عند ذلك الوقت، ولو قلت:- من أين لك هذا الحكم؟ قلت:- إنَّ الجواب واضح، فصحيحٌ أننا أبناء الدليل ولكن أحياناً من الواضح أنَّ الحكم الوارد في النص ليس تعبدياً صرفاً وإنما هو لنكتةٍ عقلائية - هذا بغض النظر عن الشرط الضمني وإنما نحن وهذه الرواية - فنقول نحن نتعدّى عنةمورد الرواية ونقول إذا كان المبيع يفسد عند العصر فسوف يثبت الخيار عصراً ليس تمسكاً بالشرط الضمني وإنما تمسكاً بهذه الرواية، فإنَّ مورد هذه الرواية وإن كان هو الفساد عند المبيت ولكن بما أننا عقلاء وعرف فنحن نفهم عدم الخصوصية للمبيت.

وأما الدليل الثاني وهو قاعدة لا ضرر:- فقد تمسك الشيخ الأعظم(قده) بها من دون أن يبيّن توجيهاً لذلك، ولعلَّه لم يبيّن التوجيه لوضوح المطلب.

ولكن يمكن أن يقال في مقام المناقشة:- إنَّ الضرر لا ينحصر دفعه بالخيار، إذ لو كان ينحصر به لأمكن أن نقول إنَّ قاعدة لا ضرر تدل على ثبوت الخيار، ولكن توجد للبائع وسائل أخرى يمكن من خلالها دفع الضرر عن نفسه، ومادام الأمر كذلك فلا يمكن أن نستفيد الخيار من هذه القاعدة، إذ يحتمل أنها لا تثبت الخيار وإنما تثبت أحد تلك الوسائل الأخرى لدفع الضرر، ونحن نذكر ثلاث وسائل لدفع الضرر:-

الأولى:- أخذ اللبيع مقاصّة عن الثمن، فهنا لا يوجد فسخٌ، وهذا المبيع هو ملكُ المشتري، ولكن حيث إنَّ المشتري لم يسلّم الثمن فالبائع يأخذ هذا المثمن كمقاصَّة عن حقه، وهذا طريقٌ عقلائيٌ مقبول، وبعد وجوده لا يمكن أن نتسفيد من حديث لا ضرر ثبوت الخيار.

الثانية:- أن يبيع البائع هذا المبيع الذي هو ملك للمشتري ثم يأخذ الثمن الذي يستحقه على المشتري، وبهذا يندفع الضرر من دون حاجةٍ إلى ثبوت الخيار للبائع واِعماله من قبله.

الثالثة:- أن يتصرف البائع في المبيع كما يشاء من دون ضمانٍ للمشتري، فبهذا سوف يندفع الضرر.

وبعد وجود هذه الأنحاء الثلاثة الأخرى لدفع الضرر لا يمكن التمسك بقاعدة لا ضرر لاثبات خصوص الخيار فإنَّ هذا لا معنى له بعد أن كان يمكن دفع الضرر بهذه الانحاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo