< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 142 ) هل يثبت خيار التأخير فيما يفسده المبيت؟ - الخيار الخامس ( خيار التأخير ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وأما الرواية:- فيوجد كلام في أنها واحدة أو اثنتان، وسيتضح منشأ التردد بعد ذلك إن شاء الله تعالى، وهذه الرواية بقطع النظر عن متنها هي مبتلاة من حيث السند بالارسال والتردد، وإلا فالمتن يمكن أن يشكل عليه ببعض الاشكالات كما سوف نوضح، والرواية هي:- ( محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي حمزة أو غيره عمّن ذكره عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام في الرجل يشتري الشيء الذي يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن، قال:- إن جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن وإلا فلا بيع له )[1] ، هذا هو نقل الشيخ الكليني في الكافي، وقال صاحب الوسائل:- ( ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد مثله )، وهذا هو النقل الثاني.

أما سندها الأول:- فمحمد بن يحيى هو من أجلة أصحابنا، ومضافاً إلى كونه ثقة فقد روى عنه الكليني كثيراً، ومحمد بن أحمد بن يحيى فهو صاحب كتاب نوادر الحكمة وهو ثقة، ويعقوب بن يزيد فهو من الثقات، ومحمد بن أبي حمزة فهو ابن أبي حمزة الثمالي وهو ثقة، ولكن ورد في السند تعبير ( عن محمد بن أبي حمزة أو غيره ) يعني ليس من المعلوم أنَّ الرواية واردة عن محمد بن أبي حمزة فهنا يوجد تردد فيها، ثم ورد في السند تعبير ( عمّن ذكره ) وهذا إرسال. فإذاً السند فيه مشكلتان التردد والارسال.

وأما من حيث المتن:- فإن الوارد فيها تعبير:- ( الرجل يشتري الشيء الذي يفسد من يومه )، والمناسب أن يكون التعبير هو ( في يومه ) ونفسّر ( في يومه ) أي قريب نهاية اليوم، وهذه قضية لابد من الالتفات إليها وهي أنه لابد وأن تكون ( من ) بمعنى ( في )، وأيضاً لابد أن نقول إنَّ المقصود من جواز بيعه ليس جواز بيعه بعد انتهاء اليوم، لأنه بعد انتهاء اليوم يصير فاسداً ولا يشتريه أحد، فإذاً لابد وأنه يفسخ مثلاً قبيل انتهاء اليوم، وأيضاً قيل في الرواية ( بينه وبين الليل ) وقد قلنا ليس المقصود بينه وبين الليل لأنَّ المبيع سوف يفسد وإنما لابد أن يكون المقصود هو قبيل الليل، كما قالت الرواية ( إن جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن وإلا فلا بيع له ) وهنا لابد وأن نفسّر عبارة ( وإلا فلا بيع له ) يعني أنه له الخيار، وإلا فعلى ظاهرها وعلى ما فسّره جماعة لابد وأن يقال إنَّ البيع باطل هنا لا أنه يثبت له الخيار فتصير ضد المطلوب، فعلى رأيهم يلزم أن يفسروا هذه العبارة أيضاً بفساد البيع وعليه فسوف لا تنفعنا هذه الرواية بالنسبة إلى الخيار.

وربما يحتمل محتمل أن تعبير ( وإلا فلا بيع له ) يعني أنَّ البائع يأخذ الثمن من المشتري إذا جاء من دون اعطاء المبيع لأنَّ المبيع قد فسد، فتكون الرواية أجنبية عن مسألة الخيار.

وعلى أيّ حال نبقى نؤكد على أنه إذا كان المستند للحكم هو هذه الرواية فالأمر مشكل، اللهم إلا إذا كنّا ممّن يبني على الأخذ بما عمل به المشهور وقاله وفسّره، وأما إذا لم نبنِ على ذلك فيكون الأمر مشكلاً، ولكن يوجد عندنا مستند آخر ولا تنحضر المسألة بهذه الرواية، وهو الشرط الضمني.

وهذه الاشكالات التي ذكرناه واردة على كلا طريقي الرواية، وعليه تكون هذه الرواية محل إشكال إلا ممن يعمل ببما عمل به المشهور.

أما الرواية الثانية:- ( محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن ابن فضّال عن ابن رباط عن زرارة عن ابي عبد اله عليه السلام في حديث قال:- العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول والبطيخ والفواكه يوم إلى الليل )[2] ، والوارد في الفقيه ( عن الحسن بن علي بن رباط عمّن رواه عن أبي عبد الله ) فإذاً يوجد فيها ارسال، وهذه الرواية قد نسبها صاحب الوسائل إلى الامام عليه السلام والحال أنَّ من المحتمل أن تكون من كلام الشيخ الصدوق(قده) زُجَّ بين الروايات عن الامام عليه السلام، أو زجَّ في ذيل الرواية عن الامام عليه السلام، فإنَّ هذا المعنى قد يتحقق من الشيخ الصدوق في بعض الموارد، يعني أنه يذكر كلاماً له بين الروايات أو في ذيلها، ويحتمل - ويكفينا الاحتمال - أنَّ تعبير ( والعهدة ... ) هي من تعبير الشيخ الصدوق(قده) وقد زُجَّت في ذيل كلام الامام عليه السلام، أما من أين جاء بها الشيخ الصدوق(قده) وزجّها بهذا الشكل فتلك قضية أخرى، وإنما المهم أنَّ عبارة ( والعهدة .. ) هي من كلام الشيخ الصدوق(قده) وقد حصل الاشتباه من قبل صاحب الوسائل(قده) في ذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo