< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تتمة مسألة ( 143 ) مسقطات خيار التأخير، مسألة ( 144 ) هل خيار التخير فوري أو على التراخي؟ - الخيار الخامس ( خيار التأخير ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

الحكم الخامس:- يسقط خيار التأخير بأخذ البائع الثمن من المشتري بعنوان الجري على المعاملة.

والوجه في ذلك واضح:- فإنَّ البائع إذا أخذ الثمن بعد الثلاثة بعنوان الجري على المعاملة - وليس بعنوان الأمانة أو ما شاكل ذلك - فلا إشكال بأنَّ هذا الأخذ سوف تكون فيه دلالة على الالتزام بالعقد وعدم ارادة إعمال الخيار وإلا لم يأخذ الثمن، فأخذ الثمن منضماً إلى كونه بعنوان الجري على المعاملة يدل على أنَّ البائع ملتزم بالمعاملة وقد اسقط خياره.

وهنا يوجد تنبيه ليس بمهم:- وهو أنَّ ما ذكر وجيه بناءً على أنَّ البذل بمجرده لا يكفي في سقوط الخيار كما تقدمت الاشارة إلى ذلك في الحكم الثالث، ففي الحكم الثالث ذكر أنه لا يسقط الخيار بنفس بذل الثمن بعد الثلاثة، فبناءً على أنه لا يكفي ذلك نقول حينئذٍ إنَّ أخذ البائع للثمن بعنوان الجري على المعاملة يسقط خياره، أما إذا قلنا إنَّ نفس بذل المشتري للثمن هو يكفي في سقوط الخيار - ونحن لم نقل بذلك – فحينئذٍ لا تصل النوبة إلى هذا المسقط.

ونذكر قضية أخرى:- وهي أنَّ الشيخ الأعظم تعرض إلى هذه القضية وقال ما نصه:- ( وهل يشترط[1] افادة العلم بكونه لأجل الالتزام أو يكفي الظن ... أم لا يعتبر الظن ايضاً؟ وجوه ... وخير الوجوه أوسطها لكن الأقوى الأخير )[2] .

فهو هنا قال إنَّ خير الوجوه أوسطها، والوسط هو كفاية الظن وعدم لزوم العلم، ثم قال بعد ذلك ( والأقوى الأخير ) يعني لا يعتبر حتى الظن.

ونحن نقول: -

أولاً: - إنَّ الجمع بين هذين الوجهين هو جمعٌ بين المتنافيين؟!!

ثانياً: - كيف اكتفى بأنَّ الأقوى هو الوجه الأخير - يعني لا يعتبر حتى الظن - وهذا لا يمكن الالتزام به، فلو فرض أنَّ البائع أخذ الثمن غفلةً كما لو كان يتصوّر أنَّ المشتري أعطاه هذا المال هديةً فعلى رأيه سوف يسقط خيار التأخير، ولا يمكن لأحدٍ الالتزام بذلك؟!!، فإذاً تقويته للاحتمال الأخير أمرٌ غير مناسب.

والمناسب أن نقول: - إذا كان هناك ظهور حالي ولو لبعض القرائن - كما إذا أخذ البائع الثمن ودعا للمشتري بالتوفيق مثلاً - كفى ذلك ولا عبرة في كون المدار على العلم أو الظن ولا الوجه الأخير، وهذا تعليق ثالث يسجَّل على الشيخ الأعظم(قده)، ووجه كفاية هذا واضح، لأنَّ الظهور حجة بالسيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع، وحينئذٍ يكون هذا الظهور حجةً ويؤخذ به، والعقلاء يأخذون بالظهورات، وكان المناسب للشيخ الأعظم أن يذكر هذا الوجه.

الحكم السادس: - يكفي أخذ البائع الثمن من المشتري إذا كان الظهور مقتضياً لكون الأخذ من باب الوفاء بالمعاملة ومن باب الجريان عليها، فلو ثبت هذا الظهور لبعض القرائن كفى، وهذا ما قد بينّاه.

 

مسألة ( 144 ):- في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان أقوهما الثاني.

.........................................................................................................

عرفنا فيما سبق أنَّ خيار التأخير يبتدئ عند انتهاء الثلاثة أيام، فمادام المشتري لم يأتِ بالثمن في الثلاثة فبمجرد أن تنتهي الثلاثة يثبت خيار التأخير للبائع فيكون له حق الفسخ.

والسؤال: - هل يثبت له خيار التأخير بنحو الفورية أو أنه يثبت له بنحو التراخي؟

قال السيد لماتن: - الأقوى ثبوته له بنحو التراخي.

ولكن المناسب أن نقول: - يلزم الرجوع إلى ورايات خيار التأخير، إذ لعلنا نستفيد من التعبير الوارد فيها شيئاً، وكانت أربع روايات، وقد رودت فيها جملة مشتركة - وإن لم يكن الاشتراك بينها بالألفاظ وإنما بالمعنى - حيث ورد فيها تعبير: - ( إن جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له )، يعني إن جاء المشتري ( فيما بينه ) أي من حين العقد ( إلى ثلاثة أيام ) فالبيع صحيح ولا مشكلة فيه وأما إذا لم يأتِ بالثمن خلال الثلاثة أيام ( فلا بيع له ).

وهنا قد يقال: - إنَّ المستفاد من الروايات هو أنه إذا لم يأتِ المشتري بالثمن فالبيع يكون باطلاً من الأساس حيث قالت الروايات ( فلا بيع له )، وكلمة ( لا ) هنا نافيةٌ للجنس أي لا يوجد بيع، وهذا معناه أنَّ البيع باطل، فإنَّ البيع قد نُـزِّلَ هنا منزلة العدم وكأن حقيقته منفيَّة، فحينئذٍ المناسب أن نحكم بالبطلان، وهذا قد تقدَّم سابقاً.

والجواب: - إنَّ ارادة نفي البيع حقيقةً أو اعتباراً وأنه باطلٌ هو وجيه فيما إذا نسب النفي إلى المشتري والبائع معاً كأن قيل ( وإلا فلا بيع لهما، أو لا بيع بينهما )، ولكن هنا قيل ( وإلا فلا بيع له ) أي لا بيع للمشتري، وهذا معناه أنَّ البيع من ناحية المشتري ليس باطلاً وإنما هناك خيار للبائع، يعني أنه قد أُرفِقَ بالبائع، فهنا نُفِيَ البيعُ عن المشتري ولم يُنْفَ عن البائع وهذا معناه أنه أريد الارفاق بالبائع، وبالتالي هذا التعبير فيه دلالة على اثبات الخيار للبائع.

وهل الخيار فوري أو أنه متراخٍ إلى شهرٍ أو سنةٍ أو ما شاكل؟

الجواب: - المناسب هو التراخي، وذلك لوجيهن: -

الأول: - عدم بيان المدَّة هو بيانٌ للعدم، وهذه مسألة عرفية، فإنَّ عدم بيان مدّة الخيار من قبل الامام عليه السلام يعني أنَّ الخيار دائمي، فعدم بيان مدَّة الخيار هو بيانٌ لكون هذا الخيار ليست له مدَّة محدَّدة، فيبقى ثابتاً لسنةٍ أو سنتين مثلاً.

الثاني:- التمسك بالاستصحاب، فإنه إذا ثبت الخيار بمجرّد انتهاء الثلاثة أيام فسوف نشك هل زال الخيار بعد يومٍ أو يومين أو ثلاثة أو لم يزل فنستصحب بقاءه، أجل هذا استصحابٌ في شبهةٍ حكمية وجريانه مبنيّ على قبول جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية، خلافاً للسيد الخوئي والشيخ النراقي حيث بنيا على فكرة المعارضة وأن استصحاب بقاء المجعول - والمجعول هنا هو خيار التأخير - معارض بأصالة عدم الجعل الزائد - يعني في الفترة الزائدة - فإذا قلنا بأنَّ المعارضة موجودة فإذاً الاستصحاب لا يجري في الشبهات الحكمية، وحيث إنا نرفض ذلك فحينئذٍ يكون الاستصحاب جارياً.


[1] أي هل يشترط في سقوط خيار التأخيرالعلم بأن أخذ الثمن هو لأجل اسقاط الخيار والالتزام بالعقد؟.
[2] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج5، ص235.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo