< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 145 ) حكم تخلف الوصف في المبيع، مسألة (146 ) كيف يكون خيار الرؤية - الخيار السادس ( خيار الرؤية ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

مسألة ( 145 ):- لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجباً للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه وغيره إذا اتفق تعلّق غرض للمشتري به سواء أكان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أمّياً لا كاتباً ولا قارئاً أم كان مرغوباً فيه عند قومٍ ومرغوباً عنه عند قومٍ آخرين مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود.

..........................................................................................................

كان كلامنا في خيار الرؤية، وقلنا إنَّ من أحد الموارد التي يثبت فيها هذا الخيار هو ما إذا وصف البائع العين واشترها المشتري بذلك الوصف ثم تبيّن أنَّ الوصف على خلاف الواقع فهنا يثبت خيار الرؤية، وهذا واضح، والذي يراد أن يقال في هذه المسألة هو إنَّ الوصف الذي اعتبره المتبايعان فيما بينهما تارةً يكون وصف كمال مثل كون العبد كاتباً ثم تبين أنه ليس بكاتب، وأخرى لم يكن صفة كمالٍ كما لو اشترط أن يكون العبد أمّياً ثم تبيّن أنه ليس بأمّي، وثالثةً يكون الشرط مرغوباً فيه عند قومٍ ومرغوباً عنه عند قومٍ آخرين كالقماش الأصفر فإنه قد يكون مرغوباً عند قومٍ وليس مرغوباً عند آخرين، فإذا تبيّن بعد رؤية المبيع أنه على خلاف تلك الصفة التي اشترطت فيه فسوف يثبت خيار الرؤية، فخيار الرؤية يعم هذه الحالات الثلاث.

والمدرك لهذا الحكم هو نفس الأدلة الثلاثة التي ذكرناها لخيار الرؤية - غير الاجماع - وهي إما الشرط الضمني الذي ذكرناه أو قاعدة لا ضرر أو صحيحة جميل تعم جميع هذه الأنحاء الثلاثة ولا تختص بواحدٍ دون الآخر، أما الشرط الضمني فإنه يأتي في جميع هذه الحالات الثلاث، فإنه يوجد شرطٌ ضمني في هذه الحالات الثلاث فإذا اتضح الخلاف فحينئذٍ يثبت خيار تخلّف الشرط الضمني، هذا على ما سلكناه، وأما على قاعدة لا ضرر فهي ثابتة هنا، فإذا كان البيع لازماً رغم أنَّ المبيع على غير الوصف فهذا ضرر، وهكذا رواية جميل فإنها تعم هذه الحالات الثلاث.

ويمكن أن نضيف اضافة ونقول:- إن كانت هذه المدارك الثلاثة تعم هذه الحالات الثلاث التي أشار إليها السيد الماتن فبها، وأما إذا شكك في ذلك فنضم عدم احتمال الفصل، فإنَّ الفقهاء القائلين بخيار الرؤية لم يفرّقوا بين أن يكون الوصف الذي رؤي هو وصف كمال أو هو وصف غير كمال أو هو وصفٌ هجين، وحينئذٍ الحكم سوف يعم جميع هذه الحالات الثلاث، وبهذا اتضحت هذه المسألة.

والاجدر حذف هذه المسألة والاكتفاء بالاشارة إلى أصل تخلّف خيار الرؤية من دون ذكر التفاصيل.

 

مسألة ( 146 ):- الخيار هنا بين الفسخ والرد وبين ترك الفسخ وامساك العين مجاناً وليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش لا بابدال العين بعينٍ أخرى واجدةً للوصف.

..........................................................................................................

وبيان المسألة أنَّ السيد الماتن يقول إنه في خيار الرؤية إذا تخلّف الوصف ثبت الخيار وذلك بالفسخ ولا يجوز للمشتري إلزام البائع بالأرش، كما ليس للبائع أن يلزم المشتري بقبول الأرش أو قبول عيناً أخرى بدل العين المبيعة.

والمدرك في هذه الأحكام واضح:- فإنَّ الدليل على خيار الرؤية هو ما أشرنا إليه من الوجوه الثلاثة، وهي إما الشرط الضمني، أو قاعدة لا ضرر، أو صحيحة جميل، والكل لا يقتضي إلا الفسخ فقط أما جواز المطالبة بالأرش أو الاجبار على الأرش أو البدل فهي لا تقتضيه، أما الشرط الضمني فأقصى ما يقتضيه هو أنه إذا لم يتوفر الوصف فلي أنا المشتري الخيار أما أنَّ لي حق الأرش أو لك أيها البائع حق الأرش أو حق الابدال فهذا ليس جزءاً من الشرط الضمني، كما أنَّ صحيحة جميل ليس فيها اشارة إلى مسألة الأرش، كما أنَّ قاعدة لا ضرر لا تقتضي ذلك وإنما أقصى ما تقتضيه هو أنه له حق الفسخ أما أنك تجبره على الأرش فهذا نحوٌ من الضرر أيضاً والمشتري لا يريد الأرش وإنما يريد المبيع مع الوصف، فالضرر بَعدُ موجود، فهذه الأدلة الثلاثة لا تقتضي إلا جواز الفسخ لا أكثر.

ومن الغريب ما ذهب إليه ابن إدريس:- حيث قال إنَّ المشتري مخيّر بين الأمرين، قال:- ( وإن وجده على خلاف الصفة كان له ردّه وفسخ العقد أو أخذه وأخذ الأرش لا يجبر على واحدٍ من الأمرين )[1] .

فإذاً المطالبة بالأرش يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه، وهكذا مسألة اعطاء بدل المبيع فإنها تحتاج إلى دليلٍ أيضاً فإنَّ المعاملة قد جرت على هذا المبيع وليس على البدل فقيام البدل مقام العين التي جرى عليها البيع يحتاج إلى دليل وهو مفقود، وعلى هذا الأساس حيث لا دليل على الأرش ولا دليل على البدل فلا معنى إلى المصير إلى ذلك، نعم إذا تراضيا كان ذلك نحواً من الصلح ويشمله قانون ﴿ والصلح خير ﴾.


[1] السرائر، ابن ادريس، ج2، ص242.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo