< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 147 ) يثبت خيار الرؤية للمشتري والبائع معاً- الخيار السادس ( خيار الرؤية ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

مسألة ( 147 ):- كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف إذا كان قد رأى المبيع سابقاً فباعه بتخيل أنه على ما رآه فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح، فإنَّ الذي عرفناه فيما سبق أنَّ مورد خيار الرؤية هو ما إذا فرض أنَّ المشتري وصف له المبيع من قبل البائع أو رآه المشتري رؤية سابقة ثم بالرؤية الجديدة رأى المبيع على خلاف الوصف أو على خلاف الرؤية السابقة، وفي هذه المسألة يريد السيد الماتن أن يضيف مصدقاً وفرداً آخر لخيار الرؤية، حيث ذكرنا فيما سبق أنَّ خيار الرؤية كان ثابتاً للمشتري إذا رأى المبيع على الخلاف، أما في هذه المسألة فيراد اثباته للبائع، بأن يفترض أن البائع كان يملك المبيع ولكنه لم يكن بيده وإنما وصف له أو رآه برؤية سابقة فباعه ثم بعد ذلك عرف أنه أحسن مما وصف له أو أحسن مما رآه سابقاً فحينئذٍ يثبت له خيار الرؤية أيضاً.

وكيف نثبت التعميم فإنه يحتاج إلى دليل؟

والجواب:- إنه قد يقال بأمكان تعميم الأدلة السابقة لهذه الحالة، فيثبت بذلك خيار الرؤية للبائع، فنفس الأدلة الثلاثة المتقدّمة عاملة له، أما قاعدة لا ضرر فيقال إنّ قاعدة لا ضرر كما أنها تشمل الحالة الأولى تشمل هذه الحالة أيضاً، فكما أن المشتري يتضرر في الفرض الأول فالبائع يتضرر أيضاً في هذا الفرض، فقاعدة لا ضرر يمكن أن يقال بشمولها لهذه الحالة أيضاً، كما أنَّ صحيحة جميل وإن كانت خاصة بالمشتري حيث كان الفرض أنَّ المشتري تبين له أنَّ المبيع على خلاف الوصف أو على خلاف الرؤية السابقة والامام عليه السلام قال ( لو اشترى ضيعةً ورأى تسعة وتسعين قطعة منها ولم ير قطعة منها كان له خيار الرؤية ) ولكن بإلغاء الخصوصية تعم موردنا أيضاً، يعني أنَّ العرف يلغي خصوصية المشتري ويعمم إلى البائع، وأما الشرط الضمني فأيضاً يمكن أن يقال هو ثابت في هذه الحالة أيضاً، لأنَّ البائع حينما يبيع الشيء فهو يبيعه على أساس الوصف السابق أو الرؤرية السابقة أما إذا كان المبيع أحسن من ذلك فله الخيار، وهذا شرطٌ عقلائي مضمر، وعليه فسوف يثبت بالشرط الضمني خيار الرؤية للبائع.

هذا وقد تصعّد اللهجة ويقال:- إنَّ هاتين الحالتين اللتين تحدثنا عنهما كان الخيار للمشتري بلحاظ العين التي اشتراها وفي الحالة الثانية كان الخيار للبائع بلحاظ العين التي باعها، فالكلام في كلتا الحالتين كان في المبيع، والآن نصعّد اللهجة ونقول بل ربما يدّعى أنَّ الخيار يثبت في حالتين أخريين ولكن بلحاظ الثمن، احداهما ما إذا فرض أنَّ المشتري حينما اشترى بالثمن دفع الثمن وجعله عوضاً على أساس رؤية سابقة للثمن أو على أساس وصفٍ سابق له ثم بعد أن جعله ثمناً واشترى به رأى أنَّ ما دفعه من ثمنٍ أحسن وأكثر مما حصل عليه من المبيع، فهنا قد يدعى ثبوت الخيار للمشتري بلحاظ الثمن، وقد يدّعى أنَّ الخيار بلحاظ الثمن ثابت للبائع أيضاً كأن يفترض أنَّ البائع قبل بهذا الثمن على أساس وصف للثمن أو على أساس رؤية سابقة له ولكن حينما استلمه تبين أنه أقل مما رآه سابقاً أو أقل من الوصف الذي ذكر له سابقاً فيثبت له آنذاك خيار الرؤية.

إذاً اتضح أنه توجد حالتان يثبت فيهما خيار الرؤية مرة للمشتري - والتي هي الحالة المتعارفة - ومرَّةً للبائع والاثنين هما بلحاظ المبيع، وتوجد حالة ثالثة ورابعة يثبت فيها خيار الرؤية بلحاظ الثمن مرة للمشتري ومرة للبائع كما ذكرنا، فتصير موارد خيار الرؤية أربع، وممن تبنى ذلك الحاج ميرزا علي الايرواني في حاشيته.

وفي هذا المجال يمكن أن يقال:- إنه في الحالة الثانية من الحالتين الأوليين - وهي ما إذا فرض أنَّ البائع ادعى أنَّ المبيع يخالف الوصف الذي وصف له والمبيع كان له كما لو أهديت له سيارة وقد وصفها له المهدي بوصف كذا وكذا فباعها ثم تبين أنَّها تسوى قيمةً أكثر من ذلك - أو كانت عنده ثم بعد ذلك باعها - ففي هذه الحالة يمكن أن يقال هي على خلاف الظهور الأولي، فإن الهور الأولي يقتضي أن الانسان إذا كان عنده شيء لفترة طويلة فهو على اطلاع وخبرة من ناحية ذلك الشيء، بخلاف المشتري فإنه ليس له خبرة من ناحية المبيع وإنما هو يريد أن يشتريه الآن، فلعل الشرع أثبت الخيار للمشتري من باب أنه عادةً لا اطلاع مسبق له على المبيع وإنما هي رؤية ضعيفة أو وصف بخلاف الواقع، فالبائع إذا أراد أن يدّعي فإنَّ العادة والظهور الأوّلي يقتضي أنَّ هذا الشيء مادام عنده فهو مطلع عليه، ومادام مطلعاً عليه عادةً فالشرع لم يثبت له خيار الرؤية، فيمكن أن يدّعى هذا الفارق بين الصورة الأولى والصورة الثانية، ففي الصورة الأولى يثبت الخيار للمشتري فقط أما في الصورة الثانية نقول بعدم ثبوت الخيار للبائع لأنه على خلاف الظهور الأوّلي الذي ذكرناه، ومعه لا يمكن الجزم بعدم الخصوصية من هذا الناحية والتعدّي لعدم احتمال الفرق، نعم نتعدّى إلى الصورة الثالثة أي صورة ما إذا فرض أن اللبائع وصف له الثمن أو رآه برؤية سابقة ضعيفة ولم يكن عنده فهنا بعد البيع لو انكشف له أن الثمن على خلاف الرؤية السابقة أو على خلاف الوصف فيمكن هنا أن يقال بالتعدّي من باب إلغاء الخصوصية عرفاً ويكون هذا وجيهاً، أما المشتري الذي عنده الثمن إذا أراد أن يدّعي أن هذا الثمن - الموجود عنده لفترة طويلة - ما كنت أتصور أنه يسوى كذا فهنا لا تقبل منه دعواه، فإذاً يمكن أن يقال إنه يثبت خيار الرؤية في صورتين ولا يثبت في صورتين أخريين، أما الصورتان اللتان يثبت فيهما الخيار الأولى صورة ما إذا فرض أنَّ المبيع وصف للمشتري أو رآه برؤيةٍ سابقة ثم اشتراه، والثانية ما لو فرض أنَّ البائع باع شيئاً بثمنٍ وكان يتخيل أنَّ الثمن على ما وصف أو على ما رآه برؤيةٍ سابقة فتبيّن على خلاف ذلك فنها يثبت له خيار الرؤية أيضاً، بخلافه في الصورتين الأخريين.

ولم يشر السيد الماتن إلى ما ذكرناه وإنما قال:- ( كما يثبت الخيار للشمتري عند تخلف الوصف )، وهذه هي الصورة الأولى من الصور الأربعة وهي الصورة المتيقنة، ثم قال:- ( يثبت للبائع عند تخلف الوصف )، وهذه الحالة نحن رفضنا فيها ثبوت الخيار له وقلنا إنَّ هذه الحالة يمكن أن يقال بعدم ثبوت الخيار فيها، فما ذكره في المتن غير ما تبنيناه.

يبقى أنَّ الحكم في هذه المسألة بشقوقها الثلاثة الاضافية - والتي ذكر منها السيد الماتن اثنين - كما اطلعنا هي محل الخلاف بين الفقهاء، ومنشأ الخلاف بينهم هو الاختلاف في استظهاراتهم، فقد يستظهر فقيه عدم احتمال الفرق، وقد يستظهر آخر الفرق بينهما، كما نحن بينا الفارق بين حالتين وألحقنا واحدةً منهما بالحالة الأولى ولم نلحق الحالتين الأخريين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo