< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 148 ) هل خيار الرؤية فوري أو على التراخي؟، مسألة ( 149 ) مسقطات خيار الرؤية - الخيار السادس ( خيار الرؤية ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

 

مسألة ( 148 ):- المشهور أن هذا الخيار على الفور ولكن الأقرب عدمه.

..........................................................................................................

لازال كلامنا في خيار الرؤية، ومن أحد الفروع المرتبطة به هو أنَّ خيار الرؤية فوري أو متراخٍ فإنه قد وقع الكلام في ذلك.

هناك احتمالان ولكل واحد منهما مبرره ودليله، وهذا لا يقال في خيار الرؤية فقط بل في جميع الخيارات إذا شك في الفورية فيها والتراخي، فمن جهةٍ يمكن أن يقال إنَّ الخيار فوري باعتبار أنه يوجد عندنا عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ وهذا يثبت اللزوم والفورية فيجب الوفاء بالعقد في كل آن، فإذا كان كل عقد يلزم الوفاء به وبنحو الفورية فحينئذٍ نقول قد خرج من ذلك خيار الرؤية في فترة الاطلاع على أنَّ هذا المبيع ليس موافقاً لما رؤي أو وصف فهنا يثبت الخيار حين الاطلاع وحين العلم بوجود المخالفة أما في الفترة الزائدة فيشك في ثبوت الخيار وعدمه ومقتضى أصالة اللزوم هو اللزوم وبالتالي يلزم التمسك بعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ونرفع اليد عنه بالمقدار الثابت بالدليل وهو فترة الاطلاع المباشر على عدم الموافقة بين ما رؤي وبين ما تم العقد عليه، أما في الفترة الزائدة فنشك هل خرج عن عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ أو لا فنتمسك بهذا العموم، هذا من زاوية.

ولكن من زاويةٍ ثانية يقال:- إذا ثبت الخيار في الزمان الأول نشك في ثبوته في الزمان الثاني فيجري استصحابه في الزمان الثاني وبذلك يثبت التراخي، بيد أنَّ جريان هذا الاستصحاب مبني على جريان الاستصحاب في باب الأحكام الكلية، فإذا بنينا على هذا المبنى وأنه لا يتعارض استصحاب بقاء المجعول مع أصالة عدم الجعل الزائد فعلى هذا الأساس يجري استصحاب بقاء الخيار، أما إذا كنا نتبنى رأي الشيخ النراقي - يعني المعارضة - فالاستصحاب لا يجري حينئذٍ لأجل المعارضة في كل استصحاب حكمي، فاستصحاب بقاء الخيار إلى ما بعد فترة الاطلاع بساعةٍ أو ساعتين يعارَض باصالة عدم جعل الخيار في الفترة الزائدة - المشكوكة - فإذا بنينا على رأي السيد الخوئي فحينئذٍ لا يجري الاستصحاب، أما إذا لم نبنٍ على ذلك - وكلامنا على هذا التقدير - فحينئذٍ يجري استصحاب بقاء الخيار.

والخلاصة:- في هذا المورد - وهو أنَّ خيار الرؤية فوري أو متراخٍ - فقد يقال بالفورية لأصالة اللزوم في كل عقد وخرج منه فترة الاطلاع وأما ما زاد فنشك في ثبوت الخيار فيه فنتمسك بعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾، ولكن من جهة ثانية قد يقال بالتراخي، باعتبار أنَّ الخيار قد ثبت في الحالة الأولى ونشك في الحالة الثانية فنستصحب بقاء الخيار، هكذا ربما يخطر إلى الذهن بادئ ذي بدء.

بيد أنَّ المناسب أن يقال شيء آخر:- وهو أن نرجع إلى مدرك خيار الرؤية ونلاحظ ماذا يقتضي فنأخذ بما يقتضيه، والأدله لخيار الرؤية ثلاثة، وهي إما قاعدة لا ضرر أو صحيحة جميل أو الشرط الضمني، فإن استندنا إلى قاعدة لا ضرر فيمكن أن يقال إنَّ الضرر يرتفع بثبوت الخيار في الفترة الأولى ولا يتوقف دفع الضرر ورفعه على بقاء الخيار بشكلٍ مسمتر ومتراخي، وعلى هذا الأساس يكون الخيار فورياً، وإذا استندنا إلى صحيحة جميل بن دراج فهي ساكتة عن التراخي والفورية فإنَّ الامام عليه السلام قال فيها ( لو رأى تسعة وتسعين قطعة من الضيعة ولم يرَ قطعة واحدة كان له خيار الرؤية )، فيمكن أن يقال إنَّ الصحيحة ساكتة من ناحية الفورية والتراخي وفي مثل هذه الحالة يقال إنَّ الخيار قد ثبت في الفترة الأولى بمقتضى الرواية أما في الفترة الزائدة فهي ساكتة عنه فهنا يوجد مجال لمن يقول بجريان الاستصحاب، كما يأتي مجالٌ لمن يقول بالتمسك بأصالة الزوم، وأما من يبني على فكرة الشرط الضمني - كما اخترنا ذلك - فالمناسب بمقتضى الشرط الضمني العقلائي هو الفورية العرفية لا الفورية الدقية، لأنه عادةً حينما يشتري المشتري المبيع طبقاً للأوصاف التي ذكرت له أو طبق الرؤية السابقة صحيحٌ أنه يوجد في قرارة نفسه شرطٌ وهو أنه إن لم يكن الأمر كما رأيت أو كما وصف فلي الخيار وهذا شرط ضمني موجود بين العقلاء بلا إشكال وهذا الشرط يقبل به البائع به أيضاً، فإذاً الشرط الضمني موجود ومتفق عليه بين لمتعاقدين ولكن ليس هو بنحو التراخي ولا بنحو الفورية الدقّية وإنما بنحو الفورية العقلائية كبضع دقائق فلا تتنافى مع الفورية، فعلى هذا الأساس يكون الخيار ثابتاً بنحو الفورية بمقتضى الشرط الضمني ولكن الفورية العرفية دون الفورية الدقية.

فرعٌ:- إذا كان الشخص جاهلاً بالفورية ففي مثل هذه الحالة هل يسقط خياره أو يبقى له حق الخيار؟

والجواب:- لا يبعد أن التباني في مثل هذه الحالات بين الطرفين أنه متى ما اطّلع وارتفع جهله فحينئذٍ تثبت الفورية العرفية في حقه، فالفورية ثابتة أيضاً ولكنها الفورية العرفية عند ارتفاع الجهل بكون الخيار ثابتاً له بنحو الفورية.

 

مسألة( 149 ):- يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الرؤية بل قبلها، وبالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالاً على الالتزام بالعقد، وكذا قبل الرؤية إذا كان كذلك، وفي جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان أقواهما ذلك فيسقط به.

..........................................................................................................

تشير المسألة إلى مسقطات خيار الرؤية، وقد ذكر السيد الماتن خمسة مسقطات:-

الأول:- اسقاطه بعد الرؤية.

الثاني:- اسقاطه قبل الرؤية.

الثالث:- التصرف بعد الرؤية الدال عرفاً على الالتزام بالعقد.

الرابع:- التصرف قبل الرؤية إذا كان دالاً عرفاً على الالتزام بالعقد.

الخامس:- اشتراط سقوطه في متن العقد وذكر أنَّ فيه وجيهن أقواهما السقوط.

وهناك مسقطٌ سادس أشير إليه في المنهاج القديم للسيد الحكيم(قده)، ولكن السيد الخوئي(قده) حذفه هنا، وهو ( ترك المبادرة إلى الفسخ بعد الرؤية )، يعني بعدما اطلع المشتري على وجود مخالفة بين رؤية المبيع الآن وبين ما وصف به سابقاً ترك المبادرة إلى اعمال الخيار فهنا يسقط خيار الرؤية بترك المبادرة.

وذكر هذا المسقط وعدمه ينتني على قضية مبنائية، وهي أنَّ خيار الرؤية هل هو فوري أو على التراخي، فإن بنينا على كونه فورياً فالمناسب سقوطه بترك المبادرة، لأنه لم يبادر، فبنفس عدم المبادرة يسقط الخيار وإن لم يسقطه، وإن بنينا على التراخي فترك المبادرة لا يوجب سقوط الخيار، وحيث إنَّ السيد لماتن بنى على كون خيار الرؤية متراخٍ فلا يسقط بترك المبادرة، فالسيد الحيكم(قده) قال:- ( المشهور أن هذا الخيار على الفور وهو الأقرب )، ولكن السيد الخوئي(قده) صحّح العبارة وأدخل تغييراً عليها فقال:- ( ولكن الأقرب عدمه )، وحيث إنَّ السيد الخوئي(قده) يبني على التراخي في خيار الرؤية فحينئذٍ ترك المباردة لا يكون موجباً لسقوطه، وحيث إنا بنينا على فكرة الشرط الضمني التي تقتضي كون المدار على الفورية العقلائية فعلى هذا الأساس ترك المبادرة بحيث تفوّت الفورية العرفية - دون الدقيّة - يكون أيضاً موجباً بنفسه لسقوط الخيار كما ذكر السيد الحكيم(قده).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo