< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 149 ) مسقطات خيار الرؤية - الخيار السادس ( خيار الرؤية ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وأما إذا كان المدرك لخيار الرؤية هو الاستناد إلى قاعدة لا ضرر فيمكن أن يقال:- إنه مع تنازل المشتري عن الخيار قبل الرؤية يكون هذا بمثابة قبول الضرر والاقدام عليه، وقادة لا ضرر لا تشمل من أقدم على الضرر بنفسه ولو من باب الانصراف - يعني إذا أقدم هو على الضرر فهي منصرفة عنه -.

أو يقال:- إننا نطبق ما أضفناه من المقدمة الاضافية التي ذكرناها في باب الاطلاق وهي استهجان الاطلاق على تقدير ارادة المقيد واقعاً، وهنا لو أقدم الشخص بنفسه على الضرر وتنازل عن خيار الرؤية ففي مثل هذه الحالة القول فعدم شمول قاعدة لا ضرر له لا يكون مستهجناً فإنَّ اطلاقها في مثل هذه الحالة لا يكون مستهجناً مادام هو قدم أقدم على الضرر ورضي به.

إن قلت:- يمكن أن يشكل على الجواب الأول - وهو انصراف قاعدة لا ضرر عمن أقدم على الضرر - ووجه الاشكال على الانصراف هو أنَّ لازم ذلك أنَّ الشخص في مسألة الوضوء لو هو فعل بنفسه شيئاً سبب إلى الضرر، كما لو أوقع نفسه في المرض فهنا سوف يضره الوضوء فيلزم أن نقول إنَّ هذا لا تشمله قاعدة لا ضرر، وعلى هذا الأساس لا ينتقل أمره إلى التيمم باعتبار أنَّ قاعدة لا ضرر لا يمكن تطبيقها في المورد لأنه أقدم بنفسه على ذلك، وهل تلتزم بذلك؟!

قلت:- إنَّ في هذا المورد علماً من الخارج بأنَّ المكلف تجب عليه الصلاة ولا تسقط عنه بحالٍ ولا نحتمل بحسب مرتكزاتنا المتشرعية وجوب الوضوء عليه وأنَّ الشرع يطلب منه إيذاء نفسه من خلال الوضوء، فهذا الاحتمال منفي بحسب المرتكزات الشرعية ونعلم من الخارج بذلك، ومعه يعود التيمم أمراً متعيّناً.فإذاً هذا المورد فيه أشياء من الخارج، فلا يمكن أن نسير نحن والقاعدة، بخلاف موردنا فإنه مادام هو قد أراد اسقاط الخيار واستعد للضرر فقاعدة لا ضرر لا تمشله من دون محذور.

فإذاً لابد من ملاحظة الموارد لقاعدة لا ضرر والتفريق بينها.

وأما المسقط الثالث:- وهو التصرف الدال على الرضا بالعقد، أعني تصرف المشتري في المبيع الذي وصف له أو رآه سابقاً ثم رأه بعد العقد على خلاف الوصف أو على خلاف الرؤية السابقة، فلو تصرف المشتري تصرفاً دالاً على الالتزام بالعقد بأن اشترى شاةً على رؤية سابقة أو أوصافٍ سابقة ثم اتضح أنَّ الأمر على الخلاف ولكن مع ذلك ذبح المشتري الشاة فإنَّ هذا التصرف يكون دالاً على الرضا بالعقد والالتزام به ومعه يسقط الخيار، وهذا واضح.

ولكن يوجد سؤال:- وهو أنه لماذا يسقط الخيار بالتصرّف الدال على الرضا؟

أجاب الشيخ الأعظم(قده) وقال:- توجد عندنا رواية في باب خيار الحيوان تدل على أنَّ التصرف في الحيوان إذا كان دالاً على الرضا يكون مسقطاً للخيار فتنمسك بتلك الرواية في مقامنا - وهو خيار الرؤية - من خلال عموم العلّة، كما تمسّك بها هو في خيار الغبن لاثبات سقوط خيار الغبن بالتصرف الدال على الرضا بالعقد، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن حمد جيمعًأ عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثاً قبل الثلاثة أيام فذلك رضاً منه فلا شرط ... )[1] ، والسند معتبر.

ومن باب تأكيد ما تعلمناه فقد يشكل ويقال:- إنّ العدَّة الواردة في السند لا تعرف فما هو الجواب عن ذلك؟

والجواب:- هناك جواب ذكره العلامة في الذكرة في خلاصة الأقوال حيث قال:- ( كلما قال الكليني عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد فالمقصود بهم فلان وفلان وفلان ).

ولكن نقول:- إنَّ هذا الطريق باطل حيث نقول إنَّ ما ذكره العلامة من جواب لا مثبت له، وإنما هذا كلام مرسل، ولو قبلنا فسوف يلزم أن تقبل جميع المراسيل، فنحن نقول لعله توجد واسطة بين العلامة وبين من قال ذلك ونحن لا نقبل بتلك الواسطة، وعليه فيكون هذا الطريق ليس بتام.

وأما الطريق الصحيح لاثبات ذلك هو أحد أمرين:-

الأول:- أن نتتبَّع العدّة ونلاحظ الكليني عمّن يروي، فإذا رأيناه يروي كثيراً عن فلان وفلان وفلان كخمسة رواة مثلاً فسوف يحصل لنا الاطمئنان بأنَّ واحداً منهم هو من العدَّة.

الثاني:- أن نقول إنَّ العدَّة أقلها ثلاثة، واجتماع ثلاثة من مشايخ الكليني على الكذب هو احتمالٌ ضعيفٌ جداً، فيحصل لنا الاطمنان بأنهم لم يجتمعوا على الكذب، وهذه قضية وجدانية.

وهذه الصحيحة -كما قال الشيخ الشيخ الأعظم(قده) - وإن كان موردها هو خيار الحيوان إلا أنه يمكن تعميمها إلى سائر الأبواب، فهو عممها إلى خيار الغبن وقال هو يسقط بالتصرف الدال على الرضا استناداً إلى هذه الرواية، ونحن نقول إنه يمكن أن يقال إنَّ نفس هذا الطريق يمكن أن نطبقه في المقام.

وفي التعليق نقول:- إنَّ التمسك بهذه الصحيحةة لا بأس به ولكن نقول ربما يمكن الاستغناء عنها، فإنَّ التصرف إذا كان دالاً على الرضا بالعقد واسقاط الخيار فلا حاجة حينئذٍ إلى هذه الصحيحة بل يكفينا ظهور هذا التصرف الذي صدر من المشتري في الدلالة على رضا المشتري باسقاط الخيار، نعم إذا أردت أن تذكر هذه الصحيحة بعنوان المؤيد أو المدرك الثاني فهذا لا بأس به، ولكن نقول إنَّ الأمر لا يتوقف على التمسك بها كما يظهر من كلام الشيخ الأعظم(قده) حيث قال إذا كان تصرف المشتري دالاً على الرضا فبضم صحيحة ابن رئاب يثبت المطلوب فإنها تدل على أنَّ كل حدث صدر من صاحب الخيار يدل على الرضا بسقوط الخيار يكفي في سقوط الخيار، ولكن نقول لا حاجة إلى ضمّ هذه الضميمة وإنما يكفينا هذا المقدار.

ونزيد شيئاً ونقول:- إذا فرض أنا علمنا برضا المشتري من دون تصرفه الدال على الرضا فأيضاً يكفي ذلك لسقوط الخيار، فإنَّ التصرف إنما استعنان به من باب الطريقية للدلالة على رضا المشتري بسقوط الخيار، فإذا حصل الكشف عن الرضا الباطني كفى ذلك في سقوط اليخار ولو من دون تصرف.


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج18، ص13، أبواب الخيار، ب4، ج1، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo