< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 149 ) مسقطات خيار الرؤية - الخيار السادس ( خيار الرؤية ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وأما المسقط الرابع:- فهو التصرف قبل الرؤية بما يدل على الرضا بالعقد واسقاط الخيار.

والمناسب سقوط الخيار، والوجه في ذلك: هو أنَّ التصرف الصادر من المشتري مادام دالاً على الالتزام بالعقد والرضا به واسقاط الخيار فما الموجب للتوقف في سقوط الخيار، بل سوف يسقط جزماً بعد دلالة الفعل على الرضا بالعقد واسقاط الخيار.

نعم هناك اشكال أشرنا إليه فيما سبق:- وهو أنَّ الخيار قبل الرؤية ليس بثابت فكيف يمكن اسقاطه وهل يمكن اسقاط ما ليس بثابت؟

وقد أجبنا عنه وقلنا:- إنَّ مدرك خيار الرؤية هو أحد أمور ثلاثة، وهي إما الشرط الضمني ومعلومٌ أنه مع فرض دلالة التصرف على الرضا بالعقد واسقاط الخيار يعود ذلك مسقطاً للشرط الضمني ورفع اليد عنه فلا يثبت آنذاك الخيار، وإما أن يكون المستند هو صحيحة جميل وقلنا إنه قد يقال إنَّ هذه الصحيحة يوجد لها اطلاق ومقتضى اطلاقها أنه إذا لم يرَ المشتري المبيع فسوف يثبت له الخيار فإن الروياة قالت:- ( لو رأى تسعاً وتسعين قطعة من الضيعة ولم ير قطعة واحد لكان له الخيار فيها ) ومقتضى الاطلاق أنَّ الخيار ثابت لللمشترس وإن تصرف تصرفاً دالاً على اسقاط الخيار.

وقد أجبنا عن هذا وقلنا:- إنَّ هذا الاطلاق غير منعقد أو لا يمكن التمسك به للمقدمة التي أضفناها على مقدمات الحكمة فيقال هنا في المقام إنه لا يستهجن الاطلاق فيما لو كان المراد هو غير حالة الفعل الصادر من المشتري الدال على اسقاط الخيار فإطلاق ( له الخيار ) في قول الامام عليه السلام لا يكون مستهجناً عرفاً حتى لو كان المقصود في هذه الحالة عدم ثبوت الخيار ولو باعتبار أنَّ المشتري هو قد رفع يده والرواية ناظرة إلى اثبات الخيار في غير حالة ما إذا رفع المشتري يده عن الخيار، فعلى أيّ حال هذا الاطلاق ليس مستهجن إذا كان المقصود غير هذه الحالة.

وإن كان المستند لخيار الرؤية هو قاعدة لا ضرر فقد قلنا إنَّ هذه القاعدة منصرفة عن مثل هذه الحالة التي قدم الشخص بنفسه على الضرر فإنه هو الذي قد أسقط خياره.

وأما المسقط الخامس:- وهو اشتراط سقوط خيار الرؤية في متن العقد.

فقد ذكر الشيخ الأعظم(قده) ثلاثة أقوال أو احتمالات في ذلك:-

الأول:- إن اشتراط سقوط الخيار في أثناء العقد يكون فاسداً ومفسداً للعقد.

الثاني:- أن يكون الشرط فاسداً ولا مفسداً.

الثالث:- أن يكون الشرط فاسداً وليس بمفسد للعقد.

وهو أختار الأول، وذكر بياناً لاثبات هذا الاحتمال - أو القول - وحاصله:- هناك تنافٍ بين اشتراط الأوصاف في من العقد والاعتماد على الأوصاف السابقة وبين اسقاط الخيار في متن العقد واللوجه في ذلك هو أنَّ الشراء على أساس تلك الأوصاف يرجع إلى ربط الالتزام بالعقد بوجود تلك الأوصاف باعتبار أنها إما قيود للمبيع أو هي قيد في أصل البيع، وعلى كلا التقديرين العقد قد ارتبط الالتزام به بوجود تلك الأوصاف، فحينما أشتري اعتماداً على تلك الأوصاف فذلك يعني التزامي بالعقد المقيّد بوجود تلك الأوصاف فإنها إما قيود للمبيع أو هي قيد في أصل البيع، فبالتالي ربط الالتزام بالعقد بوجود هذه الأوصاف، وهذا مرجعه الشراء على أساس وجود تلك الأوصاف، بينما مرجع اسقاط الخيار إلى أني ملتزم بالعقد وإن لم تكن تلك الاوصاف ثابتة وهذا تناقض - أو تضاد -.

وفي مقام التعليق نقول:- صحيح أنَّ هناك تنافٍ بين هذين الأمرين ولكن هذا التنافي لا يوجب بطلان العقد فيما إذا فرض أنَّ المشتري كان واثقاً بوجود تلك الأوصاف، فعلى هذا الأساس يقع البيع صحيحاً بعد الوثوق بوجود تلك الأوصاف وذلك التهافت في عالم الالتزام وأنَّ الزامي الأول مقيد بوجود هذه الأوصاف واسقاط الخيار يرجع إلى أنَّ التزامي بالعقد ليس مقيداً بهذه الأوصاف لا يوجب بطلان العقد بعد فرض وثوق المشتري بوجود تلك الأوصاف حين العقد.

فإذاً حتى لو فرض وجود تنافٍ بين الالتزامين ولكن هذه قضية جانبية لا تؤثر ولا توجب بطلان العقد بعد وثوق المشتري بوجود تلك الأوصاف حين العقد، نعم إذا لم يكن للمشتري وثوق ففي مثل هذه الحالة يلزم التهافت، وعليه فما ذكره الشيخ الأعظم(قده) أخصّ من المدّعى.

وتوجد قضية جانبية:- وهي أنه قد يشكل يقال إنَّ اسقاط الخيار في متن العقد هو اسقاطٌ له قبل رؤية المبيع والمفروض أنه قبل رؤية المبيع لا خيار، فكيف يتم اسقاط الخيار والمفروض أنه ليس بثابت فإنَّ هذا من اسقاط ما ليس بثابت وهذا لا معنى له وهو باطل؟

أجبنا فيما سبق عن هذا الاشكال وقلنا:- علينا ملاحظة مدرك خيار الرؤية، فإن كان المدرك ليس فعّالاً في حالة اسقاط الخيار في متن العقد سقط الخيار آنذاك سواء صدق أنه من اسقاط ما لم يجب أو أنه يرجع إلى الحيلولة دون ثوبت الخيار، فالاشتراط يحول دون ثبوت الخيار من البداية، فالمورد ليس اسقاطاً وإنما هو عدم ثبوت الخيار، أما كيف يكون ذلك؟ نقول:- لابد وأن نرجع إلى المستندات، والمستند الأول كما ذكرنا هو الاشتراط الضمني للخيار وأني أنا المشتري التزامي بالعقد مقيد بوجود الأصواف التي رأيتها سابقاً، ولكن هذا ينهدم ويزول فيما إذا فرض أنَّ المشتري صرّح وقال أنا لا أريد الخيار، وهذا بالتالي هو حيلولة دون تحقق الاشتراط الضمني، فإذا أسقط الخيار في متن العقد فهذا مرجعه إلى الحيلولة دون ثبوت الشرط الضمني، وأما إذا فرض أن المستند لخيار الرؤية كان هو صحيحة جميل فقد قلنا إنَّ اطلاقها هو المستند، وبعد فرض اسقاط الخيار لا يعود اطلاقها فعّالاً لاثبات الخيار، وأما إذا فرض أن المستند كان هو قاعدة لا ضرر فهي منصرفة عن حالة الاقدام على الضرر، فهذا ليس اسقاطاً لما لم يثبت وإنما هو حيلولة دون ثبوت ما يريد أن يثبت، فحينئذٍ يكون هذا حيلولة دون ثبوته لا أنه يوجب اسقاطه حتى يقال إنَّ هذا اسقاط لما لم يجب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo