< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 150 ) مسقطات خيار الرؤية، الخيار السابع ( خيار العيب )، – الفصل الرابع ( الخيارات).

مسألة ( 150 ):- مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية ولا يجري في بيع الكلي، فلو باع كلياً موصوفاً ودفع إلى المشتري فرداً فاقداً للوصف لم يكن للمشتري الخيار وإنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف. نعم لو كان لو كان المبيع كلياً في المعين كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.

.........................................................................................................

تشتمل المسألة على حكمين:-

الحكم الأول:- يختض خيار الرؤية ببيع المبيع الجزئي دون الكلي.

الحكم الثاني:- إذا البيع بنحو الكلي في المعين فيمكن أن يثبت خيار الرؤية.

أما الحكم الأول:- فإذا كان المبيع شيئاً كلياً فلا يثبت هنا خيار الرؤية، كما لو اشترى الشخص كتاب المكاسب من صاحب المكتبة طبق أوصافٍ معينة فأرسل إليه كتاب الرسائل، فهذا الشيء الذي دفعه البائع للمشتري ليس مصداقاً للمبيع فإنَّ المبيع كان هو كتاب المكاسب لا كتاب الرسائل، وفي مثل هذه الحالة لا معنى لثبوت خيار الرؤية وإنما يثبت للمشتري حق ارجاعه على البائع والمطالبة بكتاب الرسائل لا أنه يجوز له الفسخ، بل المعاملة تبقى صحيحة والخيار ليس بثابت وإنما يدفع البائع للمشتري الفرد الصحيح من المبيع.

والسؤال:- لماذا لا يثبت خيار الرؤية في هذا المورد؟

الجواب:- ذلك باعتبار أنَّ الخيار المذكور مختص بحالة المبيع الجزئي الذي بيع إما بذكر الأوصاف أو برؤيةٍ سابقةٍ وظهر تخلّف الوصف أو التخلف عن الرؤية السابقة، أما هنا فالذي وصف شيء والذي دفعه البائع إلى المشتري شيءٌ آخر، فمورد خيار الرؤية هو المبيع المعيّن الشخصي دون الكلّي، وهذا شيء لا بأس به، ولكن لا تكفي للتعليل فإنَّ السؤال يبقى على حاله فيقال لماذا يختص خيار الرؤية بالمبيع الجزئي حتى يقال في محل كلامنا المبيع هو كلي وهو فردٌ من كتاب المكاسب ولكن البائع دفع فرداً من كتاب الرسائل فهنا نقول لا يثبت خيار الرؤية لأنه مشروط بكونه جزئياً قد رؤي أو وصف فهذا مجرّد دعوى لا دليل عليها؟

والجواب:- ذلك لأنَّ مدرك خيار الرؤية خاص بالمبيع الجزئي، فإنا ذكرنا سابقاً أن المدرك لخيار الرؤية هو أحد أمور ثلاثة إما الشرط الضمني أو صحيحة جميل أو قاعدة لا ضرر، وجميع هذه المدارك يختص بالمبيع الجزئي، أما الشرط الضمني - وهو أنه لو ظهر هذا المبيع على خلاف ما رؤي أو وصف فيثبت الخيار - فهذا لا يتم إلا إذا فرض أنَّ المبيع كان جزئياً وقد وصف أو رؤي واتضح الآن أنه على خلاف الرؤية أو الوصف وهذا لا يتم إلا في الجزئي دون الكلي كما هو واضح، وأما بالنسبة إلى صحيحة جميل فإنَّ موردها هو الجزئي أيضاً حيث ورد فيها أن الشخص اشترى ضيعة فيها قطع من الأراضي والامام عليه السلام قال لو رأى تسع وتسعين قطعة ولم ير قطعة واحدة لكان له خيار الرؤية، ومن المعلوم أنَّ المبيع هنا جزئي وهي تلك الضيعة الخارجية المركبة من مائة قطعة رأى منها تسعة وتسعين قطعة، فإذاً هذا الخيار خاص بالمبيع الجزئي وهكذا الحال في قاعدة لا ضرر فإنَّ الضرر يتولد إذا كان المبيع جزئياً وظهر على خلاف ما رؤي أو وصف فهنا يتضرر المشتري من لزوم المعاملة وأما إذا كان كلياً فلا يلزم التضرر في مثل ذلك إذ المبيع ليس هذا الشيء الشخصي الذي تبين على خلاف الرؤية السابقة أو الوصف وإنما المبيع كلي فلا يلزم في مثل هذه الحالة الضرر.

هذا ويمكن أن نضيف شيئاً آخر:- وذلك بأن يقال إنَّ القضية التي ذكرناها - وهي أنه في الكلي لا يوجد فسخ وإنما توجد مطالبة بفردٍ آخر - هي قضية عقلائية قبل أن تحتاج إلى مستند، فإنَّ من اشترى كتاباً كلياً بعنوان نسخةٍ من كتاب المكاسب من الطبعة الفلانية ولكن دفع البائع إليه نسخة من كتاب الرسائل فهنا الفسخ لا معنى له عقلائياً فالقضية عقلائية قبل أن تحتاج إلى دليل، فعقلائياً على المشتري أن يُرجِع ما قبضه من البائع - وهو نسخة من كتاب الرسائل - والبائع يسلّمه المبيع الذي اتفقا عليه، فإذاً فسخ المعاملة لا معنى له وإنما للمشتري المطالبة بدفع مصداقٍ من المبيع، وحيث لا ردع عن هذا البناء العقلائي فيثبت امضاؤه.

وأما الحكم الثاني:- وهو ما إذا كان المبيع بنحو الكلي في المعين، كصاع من هذه الصُبرة المعينة، ثم بعد ذلك اتضح أنَّ هذا الفرد ليس من أفراد تلك الصبرة - والمفروض أنه لا يوجد فرد آخر من هذه الصبرة يمكن دفعه[1] - ففي مثل هذه الحالة يثبت خيار الرؤية للمشتري ولا معنى لأن يعطيه فرداً آخر من صبرة ثانية فإنَّ هذا الفرد ليس من أفراد هذه الصبرة التي وقعت المعاملة على فرد منها، فالمبيع هو فردٌ من هذا الكلي والمفروض عدم وجود فرد آخر يمكن دفعه، فالسيد الماتن لابد وأن يقيد العبارة بهذا القيد وإلا لو كان يوجد فردٌ آخر من هذا الكلي المعين لجاز دفعه أما إذا لم يكن هناك فرد آخر يمكن دفعه فللبائع الحق في الفسخ لأنه أراد من هذه الصبرة المعينة والمفروض أنه لا يوجد فردٌ يمكن دفعه منها فله حق الفسخ آنذاك وهو شيء على طبق القاعدة، لأنَّ هذا يصير شبيه بشراء الشيء الجزئي، فلو كان الجزئي ليس له فرد آخر والبائع أراد أن يعطي المشتري فرداً من شكلٍ آخر والمشتري لا يريد من ذلك الشيء الآخر فحينئذٍ يثبت خيار الرؤية والوجه في ثبوت الخيار حينئذٍ يكون واضحاً.

 

الخيار السابع:- خيار العيب.

قال السيد الماتن:- ( السابع من الخيارات خيار العيب وهو فيما إذا اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً فإنَّ له الخيار بين الفسخ بردّ المعيب وامضاء البيع فإن لم يمكن الردّ جاز له الامساك والمطالبة بالأرش. ولا فرق في ذلك بين المشتري والبائع، فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور ).

..........................................................................................................

يشتمل المتن على ثلاثة أحكام:-

الحكم الأول:- من اشترى شيئاً فاتضح أنه معيب فهنا يثبت خيار العيب، يعني من حق المشتري ردّ المبيع والفسخ.

الحكم الثاني:- إذا فرض عدم إمكان الرد - ولو لعدم وجود فردٍ آخر من المبيع - فحينئذٍ يجوز للمشتري المطالبة بالأرش.

فإذاً الأرش على هذا الأساس صار في طول تعذّر الردّ لا في عرضه.

الحكم الثالث:- لا فرق في ثبوت خيار العيب بين المشتري والبائع، فلو فرض أن الثمن كان جزئياً وظهر أنه معيب كقطعة من الذهب واتضح أن فيه عيب فحينئذٍ يثبت خيار العيب للبائع.

أما الحكم الأول:- فيدل عليه:-

أولاً:- الشرط الضمني، فحينما يريد المشتري شراء شيءٍ فعادةً لا يحتاج إلى أن يشترط ويقول لو ظهر المبيع معيباً فلي حق ارجاعه وأخذ الثمن )، بل هذا الشرط الضمني موجودٌ بين الطرفين من دون حاجةٍ إلى التصريح به وهو لا يذكر لوضوحه، فيثبت بذلك خيار العيب.


[1] والسيد الماتن(قده) لم يذكر هذا القيد في عبارته وكان المفروض أن يذكره.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo