< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الخيار السابع ( خيار العيب )، – الفصل الرابع ( الخيارات).

أما الحكم الأول أعني جواز الرد عند تبين العيب في المبيع :- فلا يبعد أن المسألة ليست محلاً للخلاف،والمستند في ذلك أمران:-

الأول:- فكرة الشرط الضمني، فإنَّ باب العيب من مصاديقها الواضحة، فالانسان حينما يشتري شيئاً فإنه يوجد اشتراط ضمني لا يبرز لوضوحه بأنه إذا فرض وجود عيبٍ في المبيع فللمشتري ردّه على البائع، وعليه فسوف يكفينا الشرط الضمني من دون حاجةٍ إلى دليل آخر.

ومن الغريب أنَّ الشيخ الأعظم(قده) لم يشر من قرب ولا من بعد إلى فكرة الشرط الضمني، وهذه ملاحظة تسجل عليه.

ونلفت النظر إلى أنَّ فكرة الشرط الضمني خاصة بالردّ ولا تعم الأرش، أما شمولها للأرش فليس بواضح وإنما نحتاج إلى الروايات.

الثاني:- الروايات.

وقبل أن نوضح هذا المطلب نلفت النظر إلى إشكال وجواب:-

أما الاشكال فحاصله:- كيف نشتري المبيع ونحكم بسلامته المبيع والحال أنه من المحتمل أن يكون معيباً، وعليه سوف يكون البيع غررياً وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الغرر، فكيف نصحح المعاملة مادام احتمال العيب موجوداً والذي لازمه أن يكون المورد من الغرر؟ وهذا إشكال علمي تعرض إليه الشيخ الأعظم(قده)[1] .

أجاب الشيخ الأعظم(قده) عنه وقال:- هناك أصل عقلائي وهو أصل السلامة، يعني أنَّ الأصل في كل شيءٍ إذا أخذناه من الغير هو أن يكون سالماً، فلأجل هذا الأصل ينتفي الغرر بعد وجود أصل يحرز سلامة المبيعوينفي احتمال كونه معيباً.

وهو جواب لا بأس به ولكن نقول:- بعد التسليم بفكرة الشرط الضمني لا تصل النوبة إلى أصل السلامة، نعم مع غض النظر عن فكرة الشرط الضمني يمكن الاعتماد على أصل السلامة.

أما الروايات الدالة على الحكم الأول:- فتوجد ثلاث روايات، وهي معتبرة زرارة، ومرسلة جميل بن دراج، ورواية الفقه الرضوي.

أما الرواية الأولى:- فهي ما رواه الشيخ الكليني عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن موسى بن بكر عن زاراة عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( أيما رجل اشترى شيئاً وبه عيب وعوار لم يتبرأ إليه ولم يبين له فأحدث فيه بعدما قبضه شيئاً ثم علم بذلك العوار وبذلك الداء أنه يمضي عليه البيع ويردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به )[2] ، وهي ناظرة إلى حالة ما إذا أحدث المشتري في المبيع حدثاً ثم علم بالعيب فهنا حكم الامام عليه السلام بأنه يمضي عليه البيع ويرجع المشتري على البائع بقدر ما نقص - أي له الأرش -، فهي تدل على ذلك بمنطوقها منطوقها، وليس من البعيد أنه يفهم منها بالمفهوم أنه إذا لم يحدث المشتري في المبيع حدثاً ثم علم بالعيب فله الردّ ولكن الامام عليه السلام لم يحكم بالردّ لأنه المسألة أشبه بالشرطية حيث قالت الرواية ( أيما رجل اشترى شيئاً ) يعني إن اشترى رجل شيئاً فأحدث فيه حدثاً فهنا يثبت الأرش والمفهوم يمكن نستفيد أنه إذا لم يحدث فيه حدث فله الردّ ولكن انتقل إلى الأرش من باب أنه أحدث حدثاً والامام عليه السلام لم يبيّن ذلك لوضوحه، أما إذا أحدث فيه حدثاً فسوف يحصل مانعٌ من الردّ ولذلك قال الامام عليه السلام يثبت بذلك الأرش.

فإذاً دلالتها تكون بالمفهوم، وليس من البعيد ثبوت هذا المفهوم، فإذاً وعليه فلا مشكلة في هذه الصحيحة من ناحية الدلالة.

أما من حيث السند:- فالشيخ الكليني يرويها عن عدّة من أصحابنا، وقد قلنا إنَّ هذه ظاهرة معروفة عند الشيخ الكليني، وقد وقع الكلام في العدّة وأنه من هم العدة، وقد قلنا إنَّ العدّة أقلها ثلاثة، واجتماع ثلاثة من مشايخ الكليني على الكذب شيء بعيد جداً، والمفروض أنَّ الكليني يكثر الرواية عن محمد بن يحيى العطار وجماعة آخرين من أجلة الأصحاب لعل عددهم خمسة، فحينئذٍ نقول إنَّ العدّة أقلها ثلاثة ومن البعيد اجتماع ثلاثة من مشايخ الكليني على الكذب، ومن القريب جداً أن يكون واحداً من هؤلاء الخمسة من ضمن العدّة، وحينئذٍ سوف يكون الاعتبار أقوى، وهذه قضية وجدانية وليست علمية، وعليه فلا موجب للتوقف من هذه ناحية.

وأما أحمد بن محمد فهو إما أحمد بن محمد بن عيسى أو ابن خالد، وكلاهما من أجلَّة الأصحاب، وأما الحسين بن سعيد فهو الأهوازي الثقة، وأما فضالة فهو من أجلة أصحابنا أيضاً.

وأما موسى بن بكر فهو موسى بن بكر الواسطي وهو لا يوجد توثيق واضح في حقه فكيف يمكن اثبات توثيقه؟

يمكن أن يقال:- يمكن توثيقة بعدة طرق:-

الطريق الأول:- إنه يمكن توثيقه من خلال تفسير القمي، لأنه من الرواة المذكورين في تفسير القمي، ورواة تفسير القمي كلهم من الثقاة، وقد بنى على ذلك السيد الخوئي(قده) في رأيه الأوّل قبل أن يتراجع عنه في كامل الزيارات.

ولكن ذكرنا كتابنا ( دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ) وقلنا:- صحيح أنَّ القمي ذكر في مقدمة تفسيره بأنه لا ينقل إلا عن الثقاة ولكن يمكن أن يقال نحن لا نجزم بكون هذا الكتاب هو للقمي فقط لا أنه خليط من القمي وغيره، ومنشأ هذا التشكيك هو أننا إذا راجعنا هذا الكتاب لوجدنا فيه بعض التعابير التي توحي بذلك، من قبيل أنه يقول:- ( رجعٌ إلى تفسير القمي )، أو ( رجع إلى رواية علي بن ابراهيم )، أو ( رجع الحديث إلى علي بن ابراهيم )، أو ( في رواية علي بن ابراهيم )[3] فحينما يعبر بكلمة ( رجعٌ ) أو ( رجوعٌ ) فهذا معناه أنَّ هذا الكلام ليس للقمي، وقد ذكرنا موارد متعددة أخرى من هذا القبيل، وعليه فهذا الطريق لا يمكن التمسك به.

الطريق الثاني أن نقول:- إنَّ الامام عليه السلام كان يرسله في بعض حوائحه، وقد دلت على ذلك رواية.

والجواب:- إنَّ مجرد ارسال الامام عليه السلام له في بعض حوائجه قد لا يلازم الوثاقة.


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج5، ص271.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج18، ص30، ابواب الخيار، ب16، ح2، ط آل البيت.
[3] تفسير القمي، علي بن إبراهيم، ص271، 272، 389، 299.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo