< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الخيار السابع ( خيار العيب )، – الفصل الرابع ( الخيارات).

والأجدر لاثبات وثاقة موسى بن بكر التمسك بما رواه الشيخ الكليني في الكافي:- حيث ورد فيه:- ( حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة قال:- دفع إليَّ صفوان كتاباً لموسى بن بكر فقال لي هذا سماعي من موسى بن بكر وقرأته عليه فإذا فيه موسى بن بكر عن علي بن سعيد عن زاراة قال:- هذا مما ليس فيه اختلافٌ عند أصحابنا )، وحميد بن زياد ثقة، وكذلك محمد بن سماعة هو ثقة، والظاهر أنَّ الضمير في كلمة ( فيه ) الواردة في عبارة (هذا ليس فيه اختلاف) يرجع إلى صفوان، فإذا كان القائل هو صفوان وهو يقول إنَّ كل ما في هذا الكتاب الذي هو لموسى بن بكر الواسطي ليس فيه اختلاف عند أصحابنا فسوف يثبت اعتبار هذا الكتاب ببيانين، وبالتالي تثبت وثاقة موسى بن بكر:-

البيان الأول:- إنَّ صفوان قال:- ( هذا مما ليس فيه اختلاف بين أصحابنا )، يعني ليس هناك اختلاف في قبول كتاب موسى بن بكر، وهذا يدل على اعتبار الكتاب ووثاقة موسى بن بكر.

البيان الثاني:- إننا لا نحتاج إلى هذا التطويل، وإنما نقول إنَّ نفس رواية صفوان للكتاب تكفينا لتوثيق روايات الكتاب، فإنَّ صفوان من أحد الثلاثة الذين لا يروون إلا عن ثقة كما ذكر ذلك الشيخ اطوسي في عدّته.

فإذاً يمكن اثبات وثاقة موسى بن بكر ووثاقة رواياته من ناحيتين، وعليه فلا موجب للتوقف.

وهذا الطريق أولى من التمسك بطريقٍ آخر ربما يخطر إلى الذهن لاثبات وثاقة موسى بن بكر:- وهو رواية الكافي، حيث ورد في كتاب الأطعمة منه أنَّ أبا الحسن عليه السلام أرسل خلف موسى بن بكر وقال له :- ( مالي أراك مصفراً ألم آمرك بأكل الللحم؟ فأجاب:- ما أكلت غيره مذ أمرتني، فقال عليه السلام:- كيف تأكله؟ فقال:- طبيخاً، قال:- كله كباباً، وبعد جمعة أرسل خلفه الامام عليه السلام فإذا الدم قد عاد في وجهه وأرسله إلى الشام في بعض حوائجه )[1] .

ولكن لا يمكن الاعتماد على هذه الرواية لأنه قد يقال:-

أولاً:- إنَّ أقصى ما تدل عليه هو أنَّ الامام عليه السلام له مزيدَ اعتناءٍ بصحة الآخرين.

ثانياً:- إنَّ الراوي لهذه الرواية هو نفس موسى بن بكر، ولا يمكن توثيق موسى بن بكر براواية نفسه.

وبهذا يتضح أيضاً أنه لو أراد البعض التمسك بارسال الامام عليه السلام له في بعض حوائجه والامام عليه السلام لا يرسل غير الثقة، فهنا قد اتضح الجواب وهو أنه حتى إذا سلّمنا بأنَّه في هذه الأمور لا يرسل إلا الثقة ولكن نقول إنَّ الرواي لهذه الرواية هو نفس موسى بن بكر، وعليه فلا يمكن الاعتماد عليها لاثبات وثاقته.

فإذاً الطريق المناسب والمهم لاثبات وثاقة موسى بن بكر الأخذ برواياته هو ما ذكره صفوان، وهو قوله:- ( وهذا مما ليس فيه اختلاف )، وعليه اتضح أنَّ هذه الرواية يمكن الاعتماد عليها لاثبات خيار العيب.

الرواية الثانية:- وهي وراية مؤيدة للرواية السابقة، وهي ما وراه الكليني عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عيمر عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام:- ( في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيباً، فقال:- إن كان الشيء قائماً بعينه ردّه على صاحبه وأخذ الثمن، وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب )[2] ، ودلالتها واضحة جداً، وهي أنه إذا لم يحصل تصرّف من قبل المشتري في المبيع فله الرّد، وإن يحصل تصرف فيه من قبله فله الأرش.

وهذه الرواية كالسابقة لا تدل على التخيير بين الردّ والأرش، بل في المرحلة الأولى يثبت الرد فإنَّ لم يمكن ذلك لتصرفٍ في المبيع فثبت الأرش حينئذٍ.

الرواية الثالثة:- وهي رواية الفقه الرضوي، وهي تلد على التخيير بين الأرش والرد، ونصها:- ( فإن خرج في السلعة عيبٌ وعلم لامشتري فالخيار إليه إن شاء ردّه وإن شاء أخذه وردَّ [ أو ردَّ عليه ][3] عليه بالقيمة أرش العيب )[4] ، وهي في هذا النقل تدل على التخيير بين الردّ والأرش.

وعليه صار عندنا ثلاث روايات اثنتان منها تأمر بالردّ إن أمكن - أي من دون تصرف - وإلا فالأرش، فالأرش فيهما يأتي في المرحلة الثانية - أي بعد تصرف المشتري وإحداث الحدث في المبيع - أما الرواية الثالثة فهي تدل على التخيير.

أما الفقه الرضوي فسوف نترك الحديث عنه الآن، ولعلنا نتحدث عنه فيما بعد.

وتوجد رواية أخرى في هذا المورد:- وهي صحيحة عمر بن يزيد، وهي قد تدل على شيءٍ آخر غير ما استفدناه من الروايات الثلاث المتقدّمة، وهي:- ( محمد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن عمير عن الحسن بن عطية عن عمر بن يزيد قال:- كنت أنا وعمر بالمدينة فباع عمر جراباً هروياً[5] كل ثوب بكذا وكذا، فأخذوه فاقتسموه فوجدوا ثوباً فيه عيب، فقال لهم عمر:- أعطيكم ثمنه الذي بعتكم به، قالوا:- لا ولكنّا نأخذ منك قيمة الثوب، فذكر ذلك عمر لأبي عبد الله عليه السلام فقال:- يلزمه ذلك )[6] .


[1] الكافي، الكليني، ج6، ص319.
[2] المصدر السابق، ح3.
[3] هكذا ورد في نقلٍ آخر.
[4] الفقه الرضوي، ص418.
[5] نسبة إلى مدينة هرات في أفغانستان.
[6] وسائل الشيعة، العاملي، ج18، ص29، ابواب الخيار، ب16، ح1، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo