< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

ذكرنا أنَّ الأعلام قد اختلفوا في كتاب الفقه الرضوي فمهم من أخذ به ومنهم من ردّه، ونحن نذكر ثلاث عبارات في هذا المجال ذكرها الأعلام وهم صاحب البحار والسيد بحر العلوم والسيد محمد هاشم الخوانساري في رسالته في الفقه الرضوي، أما ما جاء في البحار حيث قال العلامة المجلسي:- ( كتاب فقه الرضا اخبرني به السيد الفاضل المحدّث القاضي أمير حسين[1] طاب ثراه بعدما ورد أصفهان قال:- قد اتفق في بعض سني مجاورة بيت الله الحرام أن أتاني جماعة من أهل قم حاجين وكان معهم كتاب قديم يوفق تاريخ عصر الرضا عليه السلام. وسمعت الوالد رحمه الله أنه قال:- سمعت السيد[2] يقول كان عليه خطه صلوات الله عليه وكان عليه اجازات جماعة كثيرة من الفضلاء. وقال السيد:- حصل لي العلم بتلك القرائن انه تأليف الامام عليه السلام فأخذت الكتاب وكتبته وصححته. فأخذ والدي قدس الله روحه هذا الكتاب من السيد واستنسخه وصححه. وأكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير مستند وما يذكره والده في رسالته إليه. والكثير من الأحكام التي ذكرها اصحابنا ولا يعلم مستندها مذكورة فيه )[3] ، وقد ذكر السيد بحر العلوم في فوائده فائدة ترتبط بكتاب الفقه الرضوي حيث قال:- ( قد اتفق لي في سني مجاورتي في المشهد الرضوي أني وجدت في نسخة من هذا الكتاب من كتاب الخزانة الرضوية:- أنَّ الامام الرضا عليه السلام صنّف هذا الكتاب لمحمد بن سكين وأنَّ أصل النسخة وجدت في مكّة المشرفة بخط الامام عليه السلام وكان بالخط الكوفي ونقله الميرزا محمد صاحب الرجال إلى الخط المعروف )[4] ، وأما السيد محمد هاشم الخوانساري فهو ينقل عن المحدث الجزائري في المطلب السادس من مطالب مقدمات شرح التهذيب ما نصه:- ( كم رأينا حماعة من العلماء ردوا على الفاضلين[5] بعض فتاويهما بعد الدليل فرأينا دلائل تلك الفتاوى في غير الأصول الأربعة خصوصاً كتاب الفقه الرضوي الذي أتي به من بلاد الهند في هذه الأعصار إلى أصفهان وهو الآن في خزانة شيخا المجلسي أدام الله أيامه فإنه قد اشتمل على مدارك كثيرة للأحكام وقد خلت منها هذه الأصول الأربعة )[6] .

واحتمل الميرزا عبد الله أفندي صاحب رياض العلماء[7] أنَّ فقه الرضا هو نفس رسالة علي بن موسى بن بابويه - الصدوق الأب - إلى ولده الصدوق بن علي وأن الاشتباه قد نشأ من اشتراك اسم الرضا عليه السلام معه في كونه أبا الحسن علي بن موسى الرضا.

ونحن نذكر ما يمكن التمسك به لاثبات كون الكتاب للامام الرضا عليه السلام:- وفي هذا المجال نذكر قرينتين منها:-

الأولى:- إنَّ القاضي أمير حسين ثقة وقد أخبر هو أنَّ ثقتين عدلين من أهل قم قد أخبراه بذلك، فيدخل في عموم ما دل على حجية خبر العدل.

ولكن نقول:- إنَّ العبارة التي نقلناها عن السيد أمير الحسين لم يذكر فيها أنه نقل له عدلالان من أهل قم وإنما قال ( قد اتفق في بعض سنيّ مجاورة بيت الله الحرام حاجين ومعهم ... ) ولم يقل اثنين من العدول.

الثانية:- إنه جاء في أوّل كتاب فقه الرضا ما نصه ( يقول عبد الله علي بن موسى الرضا عليه السلام:- أما بعد ... )، وجاء في آخره ما نصه:- ( مما نداوم به نحن معاشر أهل البيت )، وجاء في باب الأغسال ما نصه:- ( ليلة تسعة وعسرين من شهر رمضان هي التي ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين عليه السلام )، وورد في كتاب الحج ما نصه:- ( أبي عن عن جدي عن أبيه:- رأيت علي بن الحسين يمشي ولا يرمل ).

وفي مقام التعليق نقول:-

أولاً:- إنَّ هذا المقدار من العبارات لا يكفي للاثبات وهي أقرب إلى الدعاوى من دون مثبت، ولو كانت نسبة الكتاب ثابتة للامام الرضا حقاً لكان المناسب أن يشتهر من ذلك الزمان ويصير قضية معروفة لا أنه يبقى خفياً لفترة قرون.

ثانياً:- إنَّ طريقة الأئمة عليهم السلام لم تكن معهودة على تأليف كتابٍ وإنما كانت طريقتهم هي السؤال والجواب، فحتى نهج البلاغة كان خطباً متفرقة قد جمعت بعد ذلك، وكذلك الصحيفة السجادية كانت أدعية متفرقة ولكنها جمعت بعد ذلك، لا أنَّ الامام عيله السلام يؤلف كتاباً.

ثالثاً:- لو سلّمنا أنَّ الامام له كتاب باسم فقه الرضا ولكن من قال إنَّ هذه النسخة هي المطابقة للاصل فإنه لا مثبت لذلك، اللهم إلا أن تقول:- نحن نتمسك بدليل حجية خبر الثقة، فإنه مثلاً السيد أمير حسين وغيره قد شهدوا بذلك وهؤلاء من الثقاة وخبر الثقة حجة، ولكن جوابه واضح حيث نقول:- إنَّ خبر الثقة حجّة في الحسّيات دون الحدسيان، لأنَّ كون هذه النسخة من الكتاب مطابقة للأصل أوّل الكلام.

والنتيجة:- هي أنه لا مثبت لكون هذا الكتاب هو من الامام الرضا عليه السلام فالتمسك به بنحو الدليل كما صنع الشيخ يوسف البحراني وصاحب الرياض وجماعة آخرون محل تأمل، نعم لا بأس بالتمسك به بنحو المؤيد.


[1] أمير حسين هو سبط المحق الكركي.
[2] أي السيد أمير حسين.
[3] بحار الأنوار، المجلسي، ج1، ص11.
[4] فوائد السيد بحر العلوم، السيد بحر العلوم، ص269.
[5] أي العلامة والمحقق.
[6] رسالة في كتاب فقه الرضا، السيد محمد هاشم الخوانساري، ص29.
[7] رياض العلماء، الميرزا عبد الله أفندي، ج6، ص43.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo