< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

43/11/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- موارد جواز طلب الأرش - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وقد يتمسك بوجهين لاثبات سقوط الخيار وعدم جواز الفسخ غير التمسك بمعتبرة زرارة أو مرسلة جميل:-

الوجه الأول:- أن يقال إنه مع تلف العين لا يمكن الفسخ ولا يمكن الرد أيضاً لأنَّ العين ليست موجودة، فتكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع، وإنما يمكن الرد والفسخ فيما إذا فرض أنَّ العين كانت باقيةً حتى يفسخ العقد وتُردّ.

والجواب:- إنَّ هذا وجيه فيما إذا قلنا بأنَّ الفسخ يتعلق بالعينين، فإذا كانت احدى العينين ليست موجودة فلا يمكن الفسخ حينئذٍ، أما إذا قلنا بتعلقه بالعقد فالعقد موجودٌ رغم تلف العين، والصحيح أنَّ الفسخ يتعلق بالعقد، لأنَّ الذي يقبل الفسخ هو العقد أما العين فلا معنى لأنَّ تُفسَخ.

الوجه الثاني:- أن يدعى أنَّ دليل حق الفسخ حالة وجود العيب لا اطلاق له لحالة تلف العينين أو أحدهما وإنما اطلاقه ناظر إلى حالة وجود العينين مع تحقق العيب في أحدهما أو في كليهما.

والجواب:- صحيح أننا إذا نظرنا إلى معتبرة زرارة بمفهومها اللفظي نجد أنَّ الامام عليه السلام قد أثبت حق الفسخ في حالة وجود العين فإنه يصدق ( أحدث فيها حدثاً ) أما في حال عدمها فلا يصدق ( أحدث فيها حدثاً )، فنحن إذا تعاملنا مع المدلول اللفظي فالأمر كما قلت، بيد أنَّ المناسب مراعاة المفهوم العرفي، والعرف يفهم أنَّ العين قد حصل فيها تغير - يعني أحدث فيها حدثاً - فالخيار ليس بموجود وبالأولى ليس بموجودٍ أيضاً إذا انعدمت العين، فالمفهوم العرفي من ( أحدث حدثاً ) أوسع من المفهوم اللفظي فهو يعم حالة تلف العين، فإذاً في مثل هذه الحالة نقول إنَّ اطلاق دليل الرد موجودٌ وشاملٌ لحالة تلف العين، فحتى لو كانت العين تالفة يصدق حينئذٍ أنه ( أحدث حدثاً ) وإن لم يصدق بمفهومه اللفظي، وبالتالي يثبت الرد له، لأنَّ الامام عليه السلام قال إذا فرض أنه لم يحدث حدثاً جاز له الرد أما إذا حدث حدثٌ بأن تلفت العين فلا يجوز له آنذاك الرد.

فإذاً دعوى أنه لا يجوز الرد هي من باب عدم الاطلاق اللفظي، ولكن نقول: صحيح أنَّ الاطلاق اللفظي ليس بموجود ولكن الاطلاق بمفهومه العرفي موجودٌ ويشمل حالة تلف العين، وحينئذٍ يثبت الفسخ، فلا تقل لا يجوز الفسخ من ناحية قصور اطلاق روايات الفسخ، بل لا يوجد فيها قصور بعدما فسّرنا ( أحدث حدثاً ) بما يشمل تلف العين.

فإذاً المناسب ما تمسكنا به أولاً لاثبات عدم جواز الرد بتلف العين من باب أنَّ ( أحدث حدثاً ) يشمل حالة تلف العين، فمعتبرة زرارة تدل على أنه لا يجوز الردّ إذا تلفت العين.

المورد الثاني:- خروج العين عن الملك ببيعٍ أو هبةٍ أو ما شاكل ذلك من المخرجات عن الملك فهنا يسقط الفسخ والردّ.

والوجه في ذلك واضح، فإنَّ معتبرة زرارة قلنا إنها وإن كانت بمفهومها اللفظي قاصرة عن شمول حالة تلف العين أو انتقالها ببيعٍ أو هبةٍ أو ما شاكل ذلك ولكنها بمفهومها العرفي شاملة للمورد، وحينئذٍ تكون صادقةً ويصدق ( أحدث حدثاً )، بل المفهوم العرفي صادق بالأولوية، وعليه فلا يجوز الفسخ.

وقد تسأل وتقول:- هل يلزم أن يكون النقل لازماً كي يسقط الخيار أو يكفي أن يكون جائزاً؟

والجواب:- إذا فرض أنَّ الناقل كان جائزاً فهو وإن صدق عليه ( أحدث حدثاً ) بمفهومه العرفي ولكن هو منصرفٌ عنه، فإنه العرف يفهم من ( أحدث حدثاً ) يعني حصول تغيرٍ لا يمكن ازالته، أما التغير الذي يمكن ازالته فالنص منصرفٌ عنه عرفاً، وفي موردنا الهبة جائزة أو العقد البيع الجائز حيث يمكن فسخه فمعتبرة زرارة تكون منصرفةً عن مثله.

المورد الثالث:- التصرف الخارجي، بمعنى أنَّه إذا كان المشتري يعلم بأنَّ العين التي اشتراها معيبةً ومع ذلك تصرف فيها فهذا التصرف يدل على اسقاط الخيار، فالتصرف دالٌ عرفيٌّ على اسقاط الخيار وهذا واضح، وإنما الكلام فيما إذا تصرف في العين المعيبة وهو لا يدري بأنها معيبة فهل يسقط خيار الفسخ أو لا؟

ذهب العلامة في التذكرة إلى سقوطه حيث قال:- لو لم يكن المشتري راضياً بشكل مطلق - أي حتى لو كانت العين معيبة - لما تصرف، قال:- ( مسألة:- تصرف المشتري كيف كان[1] يُسقِط الرد بالعيب السابق عند علمائنا، وبه قال ابو حنيفة، لأنَّ تصرفه فيه رضاً منه به[2] على الاطلاق[3] ، ولولا ذلك كان ينبغي له الصبر والثبات حتى يعلم حال صحته وعدمها )[4] .


[1] كيف كان:- أي على تقدير علمه بالعيب أو عدم علمه به.
[2] أي رضاً بالعقد.
[3] أي حتى ولو كان معيباً.
[4] تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج1، ص525، ط قديمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo