< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 154 ) الضابط في كون الشيء عيباً - موارد جواز طلب الأرش - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وفي مقام العليق على أصل المطلب[1] نقول: - يرد عليه ما يلي:-

أولاً: - إنَّ رواية السياري مرسلة من جهات ثلاثة: -

الأولى: - إنَّ السياري رواها عن ابن ابي ليلى والطريق إلى ابن أبي ليلى مجهول.

الثانية: - إنَّ السياري قال ( روى ابن أبي ليلى ) وهنا الطريق إلى ابن أبي ليلى مجهول أيضاً وهذا ارسالٌ ثانٍ.

الثالثة: - وجود ضعفٍ في سندها من ناحية ابن أبي ليلى فإنه لم تثبت وثاقته، وهكذا السياري لم تثبت وثاقته أيضاً بل قد ضعّف كما ذكرنا سابقاً.

ثانياً: - يمكن أن يقول قائل إنها ناظرة إلى أنَّ ما كان زائداً أو ناقصاً عن أصل الخلقة فهو عيبٌ أما ما لم يكن كذلك فليست ناظرة إليه، وبتعبيرٍ آخر:- إنها ليست بصدد حصر العيب بكل ما زاد أو نقص في أصل الخلقة وإنما ما كان كذلك فهو عيب لا أنه إذا لم يكن كذلك كما لو كانت الأرض ممراً للعسكر فهو ليس بعيب، فهي ليست في صدد بيان العيب بشكلٍ مطلق وإنما هي بصدد بيانه من هذه الزاوية فقط، ففي فرض الزيادة والنقيصة هنا يعدّ ذلك عيباً أما إذا لم يكن هناك زيادة أو نقيصة وكونه عيباً فهي ساكتة عنه وليست بصدد البيان من ناحيته.

ثالثاً: - يمكن أن يقال إنها ناظرة إلى مخلوقات الله عزَّ وجل، فمخلوقاته يكون العيب فيها بالزيادة والنقيصة عن أصل الخلقة أما غير المخلوقات كالأرض التي يمر بها العسكر وما شاكل ذلك فهي ليست بصدد بيان العيب من ناحيتها وإنما هي ساكتة عنه.

فإذاً لا يمكن أن نحدّد العيب ونقول هو كل ما زاد أو نقص في أصل الخلقة وإنما هذا قسمٌ منه.

فإذاً هذه الرواية لو تم سندها لا يمكن أن يستفاد منها تحديد العيب بشكلٍ مطلق وإنما يرد عليها ما ذكرناه من الأمرين، وإذا اضفنا إليهما الضعف السندي أصبحت المناقشات ثلاث، ولعله توجد فيها مناقشات أخرى.

ملاك العيب: -

بعد اتضاح ضعف رواية السيّاري وعدم امكان الاعتماد عليها في تحديد العيب نقول ما هو تحديد العيب؟

اختلفت الكلمات في هذا المجال.

وقبل أن نذكر بعض الاختلاف نقول: - أحياناً توجد بعض الأمور الوجدانية الواضحة إلا أنه قد يصعب تحديدها بنحوٍ منضبطٍ وكامل، ويمكن أن يكون العيب مصداقاً لذلك، فهو أمرٌ وجداني ولكن قد يختلف في كيفية تحديده، وهذا شيء لا بأس به، من قبيل الجوع والعطش وما شاكل ذلك، فالجوع أمرٌ وجداني ولكن حينما تريد أن تحدده فقد يصعب عليك ذلك فتقول الجوع هو أن تأخذ المعدة بالتقلّص أو بالانفتاح أو ما شاكل ذلك فيصعب عليك بيان ذلك، فهذا الاختلاف ليس ناشئاً من اختلاف الانظار في حقيقة العيب وإنما العيب أمرٌ وجداني ولكن في مقام الصياغة الفنيَّة قد يختلف في تحديده.

ففي المنهاج حدَّده السيد الماتن(قده) بما ذكرنا حيث جعل المدار على الزيادة أو النقيصة عن أصل الخلقة، ولكن في التنقيح في شرح المكاسب قال:- ( نقص الوصف القائم بالشيء الذي له دخل في ماليته عند العرف والعقلاء )[2] ، ففي المنهاج نجد أنه أخذ النقص أو الزيادة في الأوصاف فيما له تأثير في المالية، أما في التنقيح فقد أخذ النقص فقط من دون ذكر الزيادة، كما أنه في المنهاج جعل المدار على أصل الخلفة، فالعيب ما كان على خلاف الخلقة بالزيادة أو النقيصة، وأما في التنقيح فقد جعل المدار على نقص ما له مدخلية في المالية العقلائية فقط، وهذا نحوٌ من الاختلاف الوجداني.

والأجدر في تحديد العيب أن يقال: - هو كل صفةٍ سلبيةٍ في الشيء في نظر العقلاء من دون تقييدٍ بزيادةٍ أو نقيصةٍ ومن دون تحديدٍ بأصل الخلقة أيضاً، فإذا كانت في الشيء صفة سلبية فسوف تعدُّ هذه الصفة عيباً وبالتالي توجب نقص ماليته، فنحن نجعل المدار على الصفة السلبية من دون أخذ الخلقة في هذا المجال ومن دون أخذ قيودٍ أخرى، فكل صفة سلبية في الشيء تؤثر على قيمته فهي عيبٌ ويثبت من ناحيتها الأرش والردّ، ولعل هذا تحديد جامع ولا محذور فيه.

هذا ولكن بعض الأعلام ذكر في تحديد العيب ما يلي: - ( ما كان على خلاف الجري الطبيعي أو الخلقة الأصلية سواء كان نقصاً أم زيادةً، وأما ما لم يكن على خلاف الجري الطبيعي والخلقة الأصلية لكنه كان عيباً أيضاً في العرف مثل كون الأرض مورداً لنزول العساكر ففي كونه عيباً بحيث يثبت به الأرش اشكال وإن كان الثبوت هو الأظهر ).

وهذه العبارة يصعب هضمها، كما يصعب اتضاح المقصود منها، ولكن الأجدر ما ذكرناه.


[1] وهو أن كل ما زاد أو نقص عن أصل الخلقة فهو عيب وهذا التحديد معروف وقد جاء في كلمات غير واحدٍ من الفقهاء وقلنا هو مأخوذ من مرسلة السيّاري التي أشرنا إليها أكثر من مرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo